![]() |
فيه اجمل من القمر؟
لا تُشَبِّه الْحُسْن بِالقَمَر
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم تَفَيْهَق بعض الأدباء الْمُعَاصِرِين فَقَالُوا : لا تُشَبِّه الْحُسْن بِالقَمَر ! أما لِماذا ؟ فقد أجَابُوك بِقَولهم : لأن القَمَر عِبَارَة عن عَاكِس لِضَوء الشَّمس .. وهو مُكوَّن مِن أحْجَار .. فليس فيه وَجْه جَمَال ليُوصَف بِه الْحُسْن .. وهذه فَلْسَفَة باهِتَة .. وإلغَاء للعُقُول بل وللأبْصَار ! قد تُنْكِر العَيْن ضَوء الشَّمْس مِن رَمَدٍ *** ويُنْكِر الفَـمُ طَعْمَ الْمَاء مِن سَقَمِ أليس لنا عُيون تُبصِر ؟ ألَسْنَا نَرى القمر ليلة البَدْر في جمالِه ؟ ألَسْنَا نرَى حوْلَه هالَة تَزيد جمَاله جَمَالا ؟ بلى .. ويَراه كُلّ ذي بَصَر .. فَقُل للعُيُون الرُّمْد للشَّمْس أعْيُن *** تَرَاها بِحَقٍ في مَغِيب ومَطْلَعِ وسامِح عُيونًا أطْفأ الله نُوَرَها *** بأبْصَارِها لا تَسْتَفِيق ولا تَعِـي أمَّا كون القَمَر يَعْكِس ضَوء الشَّمس – إن صَحّ – فهذا يَزِيده حُسْنا إلى حُسنِه .. وجَمَالا إلى جَمَالِه .. بل هذا مِمَّا يَزِيد في مَنَافِعه .. ولذا قال رَب العِزّة سبحانه : (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا) .. قال القرطبي : يَنِير الأرْض إذا طَلَع . وقال ابن كثير : (وَقَمَرًا مُنِيرًا) أي : مُشْرِقًا مُضِيئًا بِنُورِ آخَر مِن غَير نُور الشَّمْس . اهـ . ألا تَرَى أن الله وصَفَ الشَّمْس بِالسِّرَاج (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا) ، (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا) .. ووَصَف نَبِيَّـه صلى الله عليه وسلم بالسِّرَاج (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا) .. للجَامِع بيْنَهما ؟ وهو : الْهِدَايَة وعُمُوم النَّفْع .. وَوَصَف القَمَر بأنه " نُور " (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا) وَوَصَف نَبِيَّـه صلى الله عليه وسلم بِالنُّور .. (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) .. قال القرطبي : وسَمَّى نَبِيَّه نُورًا ، فقال : (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) ، وهذا لأنَّ الكِتَاب يَهْدِي ويُبَيِّن وكَذَلك الرَّسُول . اهـ . إنَّّ الرَّسُول لَـنُور يُسْتَضَاء بِهِ *** مُهَنَّد مِن سُيُوف الله مَسْلُولُ بل إن تَشْبِيه الإنسان بالشَّمْس وَارِد في أشْعَار العَرَب .. مع كَوْن الشَّمْس مُحْرِقة .. إلا أنَّهم أرَادُوا الـتَّشْبِيه .. و الـتَّشْبِيه لا يَقْتَضِي الْمُطابَقَة بين الْمُشَبَّه والْمُشَبَّه بِه مِن كُلّ وَجْـه . ألَم يُشَبِّه النَّابِغَة النعْمَانَ بن المنذر بالشَّمْس ؟ إذ يَقول : فإنك شَمْس والْمُلُوك كَوَاكِب *** إذا طَلعت لم يَبْد مِنهن كَوْكَب وشَـبَّـه النبي صلى الله عليه وسلم الْمُؤمِن بالْجَمَل وبِالنَّحْلَة وبِالنَّخْلَة .. وفي شرح مُختَصَر الروضة للطُّوفِي : مِثْل الشَّيء مَا سَاواه مِن كُلّ وَجْه في ذاتِه وصِفاتِه ، وَ شِبْه الشَّيء وشَبِيهه مَا كان بَيْنَه وبَيْنَه قَدْر مُشْتَرَك مِن الأوْصَاف " . اهـ . والـتَّشْبِيه بالقَمَر وارِد في كُل ما هو حَسَن .. فقد كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم يُشَـبَّـه بِالقَمَر .. قال كعب بن مالك وهو يُحَدِّث حِين تَخَلَّف عن تَبُوك : فلَمَّا سَلَّمْتُ على رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو يَبْرُق وَجْهُه مِن السُّرُور ، وكان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُـرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُه حتى كَأنه قِطْعَة قَمَر ، وكُـنَّا نَعْرِف ذَلك مِنه . رواه البخاري ومسلم . وَوَصَف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أوّل زُمْرَة تَدْخُل الْجَنَّة فشّبَّهَهم بالقَمَر .. قال عليه الصلاة والسلام : أوَّل زُمْرَة تَلِج الْجَنَّة صُورَتهم عَلى صُورَة القَمَر لَيْلَة البَدْر . رواه البخاري ومسلم . فالـتَّشْبِيه بِالقَمَر تَشْبِيه حَسَن .. وليس لِمَن مَنَع مِنه حُجَّـة قائمة .. بل حُجّته واهيـة داحِضَة .. |
قال عليه الصلاة والسلام : أوَّل زُمْرَة تَلِج الْجَنَّة صُورَتهم عَلى صُورَة القَمَر لَيْلَة البَدْر . رواه البخاري ومسلم . ابا عبدالله ماشاءالله عليك مواضيعك جدآ جميلة ومفيدة ومعبرة استمر فانت نورهذا المنتدى |
مشكور على الجميل جدا
الله يوفقك ان شاء الله |
الساعة الآن 04:52 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
الحقوق محفوظة لمنتدى قرية المصنعة 1426هـ