![]() |
" شدة الحر من فيح جهنم"
" شدة الحر من فيح جهنم"
الحمد لله رب العالمين .. و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين .. محمد الصادقي الأمين صلى الله عليه وسلم .. و على آله و صحبه و التابعين له بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد ...، فقد قمــت بكتابة هذا الموضوع و حمل رسالة عظيمة في ثناياها ، و ما العظمة إلا لله سبحانه و تعالى .. و سأتناول في موضوعي هذا رحلة مشوقة عن حر الأخرة و ظلمتها ، و حر الدنيا التي ما نتسلح ضدها بالمكيفات و المهفات لتقينا هذا الحر .. فهل سألت نفسك يوما كيف أقي نفسي من حر الآخرة ؟! و ما الأعمال التي ستجعلني بإذنه تعالى من المنعمين و المظلولين يوم لا ظل إلا ظله ؟! رافقني في هذه الرحلة المليئة بالفائدة ، لننعم بإذن العلي القدير يوم القيامة ! لكن كيف ذلك ؟ و ما أدراك ؟؟! لا تكثر الأسئلة أخي و أختي الكريمة بل تعال معي فقط ! الحر .. ذلك الرفيق اللئيم و العدو الشديد ! الذي دائما ما يكشر عن أنيابه فيلفحنا بحره ، و لكن نحن البشر لدينا الحل .. ! الأب : راشد ! أحضر لي كأس ماء .. أكاد أموت من الحر ! راشد : سأسرع حلا ! الأم : مريم ! أغلقي النوافذ و كل شبابيك المنزل حتى لا ينفذ الحر منها ! مريم : حاضر حاضر ! العم : منصور ! افتح المكيفات و احرص على أن تكون بأقصى درجات البرودة لعل هذا الحر يذهب ! منصور : الآن سأفتحها ! الخالة : موزة ! هلمي لي بالثلج أكاد أذوب من شدة الحر ! موزة : سأجلب لك مافي الثلاجة كله ! و يستمر الحال هكذا في كل منزل .. ماء ، ثلج ، مكيفات ، مراوح و إلى آخره .. هذا بالنسبة لطريقة علاجنا لحر الدنيا ، فما بالكم بحر الآخرة ؟؟! تلك الشمس التي تحرقنا بوجها رغم بعدها عن أرضنا بـ 149.600.000 كم !! و مع ذلك نشتكي منها و لا نحتملها ، فكيف بمن يقذف في نار لا قعر لها من عظم سعتها و العياذ بالله ؟!! قال عليه الصلاة و السلام : " نَارُ بَنِي آدَمَ الَّتِي تُوقِدُونَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ " الراوي: أبو هريرة المحدث:ابن كثير - المصدر:تفسير القرآن- الصفحة أو الرقم:8/490 خلاصة حكم المحدث:على شرط مسلم دقيقة لتفكر بحال من ستكون ملاذه و مهاده إلى أبد الأبدين .. ! لدينا في الدنيا ملابس و أجهزة لتقينا حرها ، أما في الآخرة فنحشر حفاة عراة ! كل ينجو بحسب عمله الصالح ، فمن امتلآت صحيفته بالأعمال الصالحة و الخيرة نجا من الكرب الأعظم .. و من امتلآت صحيفة أعماله بالذنوب و المعاصي خسر و امتلآت نفسه حسرات و ندمات على ما قد فرط في نفسه .. فابذلوا إخواني الغالي و النفيس لكي ننأى بأنفسنا من شر مستطير و من يوم تشتد فيه الأهوال و الكرب و تصل النفوس إلى الحناجر ، و تشيب فيه الولدان ، و تدنو فيه الشميس من رؤوس الخلائق ، فمنهم من يأخذه العرق حتى ركبتيه و منهم من يلجمه إلجاما !! فقد قال عليه الصلاة و السلام :" يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا في يوم مقداره خمسين ألف سنة " الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الترغيب- الصفحة أو الرقم:754 خلاصة حكم المحدث:صحيح سأذكر لكم بعض الأعمال التي يستوجب لصاحبها إن أخلص النية لله أن تعزله عن حر النار و لهيب الشمس يوم تدنو من الخلائق ، لعلنا نكون ممن أجابوا داعي الله و آمنوا به .. أولا : إنظار المعسر أي منحه فرصة لتسديد ما عليه من دين أو التجاوز و التخفيف عن الدين ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : " من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله " ثانيا : المحبة في الله فما أعظمها من خلة أن نتحاب في الله ، لا لمصلحة دنوية أو غيرها بل فقط لوجه الله تعالى . و إنا نحنوا المسلمون اليوم في أمس الحاجة لمعاني التراحم و المحبة ، لننعم في ظل الأخوة اليوم و في ظل عرش الرحمن غدا ! قال صلى الله عليه وسلم : " المتحابون في الله على منابر من نور في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله " الراوي: معاذ بن جبل المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الترغيب- الصفحة أو الرقم:3019 خلاصة حكم المحدث:صحيح ثالثا : حفظ سورتي البقرة و آل عمران فإن في هاتين السورتين من البركة و العظمة ما لم يترك فيه مسلم الدوام و الحرص على قرائتها يوميا ! فقد قال صلى الله عليه وسلم : " تلعموا سورة البقرة فإن أخذها بركة و تركها حسرة و لا يستطيعها البطلة ثم سكت ساعة ثم قال تعلموا سورة البقرة و آل عمران فإنهما الزهراوان و إنهما تظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف " الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث:مسلم - المصدر:صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم:804 خلاصة حكم المحدث:صحيح فهلا كنا من أهل القران الذين يشفع لهم القرآن بإذن الله بدل سماع و حفظ الأغاني التي تميت القلب و لا تزيده إلا وهنا و ضعفا ؟!! ثم ألم تسمع وصف الرسول الكريم لهم بنواحي جهنم ؟!! رابعا : الصدقة فالصدقة من أعظم الطاعات التي تقربنا منه سبحانه و تعالى ، و هي من الفوائد لعظيمة ، فهي سبب للرضا و محق السيئات و الذنوب و المغفرة و حسن الخاتمة و الشفاء من المرض فقد أمرنا الرسول قائلا : " داووا مرضاكم بالصدقة " الراوي: أبو أمامة الباهلي المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم:3358 خلاصة حكم المحدث:حسن و قال أيضا : " كل امرىء في ظل صدقته حتى بفصل بين الناس أو قال يحكم بين الناس " الراوي: عقبة بن عامر المحدث:الألباني - المصدر:صحيح ابن خزيمة- الصفحة أو الرقم:2431 خلاصة حكم المحدث:إسناده صحيح على شرط مسلم خامسا : العدل في الرعية فالحاكم مسؤول عن رعيته و مسؤول عنهم يوم القيامة ، أأعدل فيهم أم كان من الظالمين ! و الولاية صغرت أم كبرت فنحنوا مأمورون بالعدل فيها ، كولاية الرجل على أهل بيته فيدل في القسمة و النفقة و غيره ، و المرأة على أولادها في حسن التربية ، و المدرس على تلامذته فيعدل بين درجاتهم و التعامل بينهم بما يتناسب و يرضي الجميع دون سخط أي منهم . - و القائمة تطول لكني اقتصرت على هؤلاء الخمس .. و ما يجب التنبيه عليه هو ضرورة إخلاص النية لله تعالى ، و عدم طلب الأعمال لأسباب دنيوية أو لمصلحة و منفعة . و من الناس من يتباهى بأعماله أمام الناس فيقول : لقد تصدقت على فلان بكذا و كذا من المال . و هذا مذموم فهو يبطل عمله الصالح بذلك ، و من الناس من يؤذي الصالحات أمام الناس حتى يقال : فلان اشهدوا له بالصلاح و التقوى . و لما يكون بمعزل عن أعين الناس ينتهك حرمات الله و ينغمس في المعاصي ، و هذا من الرياء و الذي أطلق عليه الشرك الأصغر ، فالشرك من كفر بالله ، و أما من يرائي الناس فهو لا يبذله بنية صادقة بل فقط ليجذب به الناس و ينال ثنائهم ، فبئس من اشترى ثواب الناس بثواب الله ! و قد حذرنا منه الرسول الكريم قائلا : " إني أخوف عليكم من الشرك الأصغر " فقالوا : " و ما الشرك الأصغر يا رسول الله ؟ " قال : " الرياء . يقول الله عز و جل لهم يوم القيامة إذا جزي الناس بأعمالهم إذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء ". الراوي: محمود بن لبيد الأنصاري المحدث:الألباني - المصدر:تخريج مشكاة المصابيح- الصفحة أو الرقم:5263 خلاصة حكم المحدث:إسناده جيد فأعاذنا الله و إياكم من هذه الخلة السيئة أنا بيت الظلمة .. أنا بيت الوحشة .. أنا بيت الديدان في ظلمة القبر .. لا أم حنون هناك .. و لا أب عطوف هناك .. و صديق يؤنسك .. ! ظلمة .. ضيق .. وحشة .. غربة .. عذاب و سموم ! ظلمة الدنيا تكون بحلول ساعات الليل التي عادة من نقضيها في النوم بأريحية على أسرتنا الدافئة بين أحبابنا و أقراننا في منزل يعمه الهدوء و السكينة .. لكن ظلمة القبر ، ظلمة دامسة دائمة ! تدوم معك إلى أن تقوم الساعة فيقضي الله جل في علاه بين العباد . فيها من الضيق و الكرب و الهم ما لا يعلمه إلا الله .. إخوتي كلنا سنركب يوما قطار الآخرة و سنلحق بإخوتنا الذين سبق و أن توفتهم الملائكة ، و إن كنت من المكذبين أو المغترين بزخرف الدنيا فسأل أين جد جد ؟ أين أم جد ؟ أين أجداد السابقون ؟ أين رسولنا الكريم ؟ أين أبو بكر ؟ أين عمر ؟ أين عثمان ؟ أين علي رضوان الله عليهم ؟؟ .. . لقد ماتوا ! تلك الأكفان ستكفن بها ، و ذلك القبر المظلم ستنزل فيه حتى ساعة الحساب ! فهل تريد أن ترحل كريما و تستقبل بالطيب و الريحان كخيرة الصحابة رضوان الله عليهم ؟؟ أم تذهب مدحورا و تستقبل مهانا و الملائكة تضرب وجهك و دبرك ؟؟ إن من أراد حسن السفر أعد له العدة و فرك ثم جهز و قدر .. فما بالنا نغفل عن السفر الطويل إلى دار القرار ؟؟ فعذاب القبر و نعيمه من الأمور الغيبية التي وجب علينا كمسلمين الإيمان بها بما قد ثبت من أحاديث للرسول عليه أفضل و أتم التسليم أنه مر بقبرين و قال أن من فيهما يعذبان و ما يعذبان بكبير ، فأحدهما لم يكن يستتر من البول أي يتنزه عنه و أما الآخر فكان يمشي بالنميمة ! الراوي: عبدالله بن عباس المحدث:البخاري - المصدر:صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم:6055 خلاصة حكم المحدث:[صحيح] و قد قال الرسول عليه الصلاة و السلام : "القبر أول منازل الآخرة " الراوي: عثمان بن عفان المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم:1684 خلاصة حكم المحدث:حسن " ما رأيت منظرا إلا و القبر أفظع منه " الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم:5623 خلاصة حكم المحدث:حسن إذا فالقبر موعدنا أجمعين !! ماذا لو انطفأ المصباح ؟! كان مع أسرته في رحلة إلى البرية حينما كان يقود السيارة مارا بأحد الطرق الوعرة في عز الظلام ، و فجأة انطفأت المصابيح ! ساد خوف و هلع كل من في السيارة ، و شعر الأب بارتباك شديد في يحذر أن يصدم بسيارته من هم على الطريق و يتسبب بكارثة ! و الذي زاد الطين بلة ، أن الأولاد أخذوا يقومون في المقاعد الخلفية بفتح النوافذ لعل ضوء القمر يصل إليهم ، و حينها اصطدمت السيارة بسياج أحد المزارع مما تسبب بتهشم النوافد . و لكن بلطف الله و رعايته ، لم يصب أحد بأذى ، و تمكن الوالد بمال التأمين إصلاح ما قد تلف من السيارة و الأهم مصابيح جديدة ! لو وضعت نفسك في محله يا أخي الكريم ، فستذرك حقيقة نغفل عنها كثيرا ، و هي أن للنور أهمية في حياتنا نحن البشر . فالنور مصدر لطمأنينة البال و راحة النفس و السكينة ، و هي سبب طارد للفزع و الخوف ، فالطفل في المهد يخاف الظلام و يستأنس بالنور ، و من لا يمتلك المصباح لجأ لإشعال الأخشاب لتوفير هذا الأنيس الصامت .. لكن سرعان ما تأتي الأيام و يصبح هذا الظلام الذي نبغضه جليسنا الوحيد ، و أنيسنا الذي لا يفارقنا رغم هول الفجيعة و عظيم المصيبة ! أخي الكريم ، المؤمن الحق هو من اتقى ظلمة الآخرة لا العاجلة ، و ها ذي بعض الطاعات التي عسى و أن تكون منجاة لنا في يوم الحسرة ! أولا : الصلاة فهي عماد الدين ، و سنة الأولين ، و الصة الوثقى بين العبد و ربه ، من أقامها آمن ، و من تركها كفر ، و من استمسك بها كان في حماية الله .. فالصلاة الصلاة ، فهي منجاة و نور و برهان لمن أداها و أتاها حقها ، و كانت ظلمة و حسرة و تعسا لمن تركها و أهملها .. تانيا : المشي في الليل إلى المساجد و خاصة صلاتي الصبح و العشاء ، فهما الصلاتان اللتان تاتيان وقت الليل و وقت الرحة ، لذلك جائت البشارة بأن من أداهما في المسجد كان مشيه في تلك الظلم وحيدا نورا يوم القيامة ، فقد قال حبيبنا المصطفى : " بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة " الراوي: بريدة بن الحصيب الأسلمي المحدث:أبو داود - المصدر:سنن أبي داود- الصفحة أو الرقم:561 خلاصة حكم المحدث:سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح] ثالثا : حسن الوضوء فإن المؤمنين من أمة محمد يأتون يوم القيامة و آثار الوضوء بادية عليهم و النور يتلآلآ من وجوههم ، و قد قال صلى الله عليه وسلم : " إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء . فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل " الراوي: أبو هريرة المحدث:مسلم - المصدر:صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم:246 خلاصة حكم المحدث:صحيح رابعا : أهل يوم الجمعة و هم عباد لله ، يذكرون الله كثيرا و يكثرون من مختلف الطاعات يوم الجمعة لعظم ذلك اليوم و تخصيصه بخصال كثيرة ، فهو اليوم الذي خلق فيه آدم ، و الذي ستقوم فيه الساعة ، و فيه ساعة لا يوافقها عبد إلا و استجيب له . و قد قال الرسول الكريم فيهم : " إن الله يبعث الأيام يوم القيامة على هيأتها ، و يبعث يوم القيامة زهراء منيرة أهلها محفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها ، تضىء لهم يمشون في ضوئها ألوانهم كالثلج بياضا ، و ريحهم يسطع كالمسك ، يخوضون في جبال الكافور ، ينظر إليهم الثقلان ما يطرقون تعجبا ، يدخلون الجنة لا يخالطهم إلا المؤذنون المحتسبون " الراوي: أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الجامع- الصفحة أو الرقم:1872 خلاصة حكم المحدث:صحيح خامسا : المحبة في الله و ما يسعني إلا أن أذكر حديث النبي المحمود : " إن من عباد الله عبادا ليسوا بأنبياء ، يغبطهم الأنبياء و الشهداء . قيل : من هم ؟ لعلنا نحبهم . قال : هم قوم تحابوا بنور الله ، من غير أرحام و لا أنساب . وجوههم نور ، على منابر من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ، و لا يحزنون إذا حزن الناس . ثم قرأ : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون ) الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر:صحيح الموارد- الصفحة أو الرقم:2126 خلاصة حكم المحدث:صحيح و بهذا أكون قد أكملت لكم موضوعي المتواضع الذي أتمنى أن يكون قد نال إعجابكم كما و أتمنى من الله العلي القدير أن يجزينا منه خير الجزاء ، و أن يكون في مصلحة و منفعة كل أخ و أخت لنا في ربوع الدولة الإسلامية و في الختام أستوعكم الله الذي لا تضيع ودائعه و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته |
جزاك الله خير و وفقك لمافيه الخير . وتشكرعلى هذا الموضوع الجميل . مع التحيه .
|
الساعة الآن 06:21 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
الحقوق محفوظة لمنتدى قرية المصنعة 1426هـ