![]() |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..وبعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..وبعد بعد كل طاعة وعبادة سواءً كانت عمرة ، حج ، صيام ، صلاة ، صدقة ، أي عمل صالح كلنا يردد من المقبول فنهنيه ، ومن المحروم فنعزيه وبعد كل طاعة نردد أيضاً أيها المقبول هنيئًا لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك ، قال عليّ رضي الله عنه: ( لا تهتمّوا لقِلّة العمل ، واهتمّوا للقَبول ، ألم تسمعوا الله عز وجل يقول { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} المائدة:27 أخي الحبيب: لا تكن مثل بعض المسلمين ، الذين ليسوا حريصين على قبول طاعاتهم ، فإن التوفيق للعمل الصالح نعمة كبرى ، ولكنها لا تتم إلا بنعمة أخرى أعظم منها ، وهي نعمة القبول . وإذا علم العبد أن كثيراً من الأعمال ترد على صاحبها لأسباب كثيرة كان أهم ما يهمه معرفة أسباب القبول ، فإذا وجدها في نفسه فليحمد الله ، وليعمل على الثبات على الاستمرار عليها ، وإن لم يجدها فليكن أول اهتمامه من الآن : العمل بها بجد وإخلاص لله تعالى . فما هي أساب القبول أو علامات المقبولين : 1- عدم الرجوع إلى الذنب بعد الطاعة: فإن الرجوع إلى الذنب علامة مقت وخسران , قال يحي بن معاذ :" من استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود ، وعزمه أن يرجع إلى المعصية بعد الشهر ويعود , فصومه عليه مردود وباب القبول في وجهه مسدود ". إن كثيرا من الناس يتوب وهو دائم القول: إنني أعلم بأني سأعود ، لا تقل مثله ، ولكن قل : إن شاء الله لن أعود " تحقيقاً لا تعليقاً " واستعن بالله واعزم على عدم العودة . 2- الوجل من عدم قبول العمل: فالله غني عن طاعاتنا وعباداتنا، قال عز وجل ـ: { وَمَن يَشْكُرْ فَإنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }لقمان: 12 ، وقال تعالى ـ:{ إن تَكْفُرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ }الزمر: 7 ، والمؤمن مع شدة إقباله على الطاعات ، والتقرب إلى الله بأنواع القربات ، إلا أنه مشفق على نفسه أشد الإشفاق ، يخشى أن يُحرم من القبول . فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية: { وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ } المؤمنون: 60 أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟! قال: (( لا يا ابنة الصديق! ولكنهم الذين يصومون ويصلّون ويتصدقون ، وهم يخافون أن لا يقبل منهم ، أولئك الذين يسارعون في الخيرات )) . فعلى الرغم من حرصه على أداء هذه العبادات الجليلات فإنه لا يركن إلى جهده ، ولا يدل بها على ربه ، بل يزدري أعماله ، ويظهر الافتقار التام لعفو الله ورحمته ، ويمتلئ قلبه مهابة ووجلاً ، يخشى أن ترد أعماله عليه ، والعياذ بالله ، ويرفع أكف الضراعة ملتجئ إلى الله يسأله أن يتقبل منه . 3- التوفيق إلى أعمال صالحة بعدها: إن علامة قبول الطاعة أن يوفق العبد لطاعة بعدها ، وإن من علامات قبول الحسنة : فعل الحسنة بعدها ، فإن الحسنة تقول: أختي أختي ! وهذا من رحمة الله تبارك وتعالى وفضله ، أنه يكرم عبده إذا فعل حسنة ، وأخلص فيها لله أنه يفتح له باباً إلى حسنة أخرى ، ليزيده منه قرباً . فالعمل الصالح شجرة طيبة ، تحتاج إلى سقاية ورعاية ، حتى تنمو وتثبت ، وتؤتي ثمارها ، وإن أهم قضية نحتاجها أن نتعاهد أعمالنا الصالحة التي كنا نعملها ، فنحافظ عليها ، ونزيد عليها شيئاً فشيئا ً. وهذه هي الاستقامة التي تقدم الحديث عنها . 4- استصغار العمل وعدم العجب والغرور به : إن العبد المؤمن مهما عمل وقدَّم من إعمالٍ صالحة , فإن عمله كله لا يؤدي شكر نعمة من النعم التي في جسده من سمع أو بصر أو نطق أو غيرها ، ولا يقوم بشيء من حق الله تبارك وتعالى ، فإن حقه فوق الوصف ، ولذلك كان من صفات المخلصين أنهم يستصغرون أعمالهم ، ولا يرونها شيئاً ، حتى لا يعجبوا بها ، ولا يصيبهم الغرور فيحبط أجرهم ، ويكسلوا عن الأعمال الصالحة . ومما يعين على استصغار العمل : معرفة الله تعالى ، ورؤية نعمه ، وتذكر الذنوب والتقصير . ولنتأمل كيف أن الله تعالى يوصي نبيه بذلك بعد أن أمره بأمور عظام فقال تعالى : { يا أيها المدثر . قم فأنذر . وربك فكبر . وثيابك فطهر . والرجز فاهجر . ولا تمنن تستكثر } فمن معاني الآية ما قاله الحسن البصري : لا تمنن بعملك على ربك تستكثره . قال الإمام ابن القيم: كلما شهدت حقيقة الربوبية وحقيقة العبودية ، وعرفت الله ، وعرفت النفس ، وتبيَّن لك أنَّ ما معك من البضاعة لا يصلح للملك الحق ، ولو جئت بعمل الثقلين ، خشيت عاقبته ، وإنما يقبله بكرمه وجوده وتفضله ، ويثيبك عليه أيضاً بكرمه وجوده وتفضله مدارج السالكين (439/2) 5- حب الطاعة وكره المعصية: من علامات القبول ، أن يحبب الله في قلبك الطاعة , فتحبها وتأنس بها وتطمئن إليها قال تعالى : { الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } الرعد28 ومن علامات القبول أن تكره المعصية والقرب منها وتدعو الله أن يُبعدك عنها قائلاً : اللهم حبب إليَّ الإيمان وزينه في قلبي وكرَّه إليَّ الكفر والفسوق والعصيان واجعلني من الراشدين . 6- الرجاء وكثرة الدعاء: إن الخوف من الله لا يكفي ، إذ لابد من نظيره وهو الرجاء ، لأن الخوف بلا رجاء يسبب القنوط واليأس ، والرجاء بلا خوف يسبب الأمن من مكر الله ، وكلها أمور مذمومة تقدح في عقيدة الإنسان وعبادته . ورجاء قبول العمل مع الخوف من رده يورث الإنسان تواضعاً وخشوعاً لله تعالى ، فيزيد إيمانه . وعندما يتحقق الرجاء فإن الإنسان يرفع يديه سائلاً الله قبول عمله ، فإنه وحده القادر على ذلك ، وهذا ما فعله أبونا إبراهيم خليل الرحمن وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام ، كما حكى الله عنهم في بنائهم الكعبة فقال: { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم } البقرة:127 . 7- التيسير للطاعة والإبعاد عن المعصية : سبحان الله إذا قبل الله منك الطاعة يسَّر لك أخرى لم تكن في الحسبان , بل وأبعدك عن معاصيه ولو اقتربت منها . قال تعالى : { فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى } الليل . 8- حب الصالحين وبغض أهل المعاصي : من علامات قبول الطاعة أن يُحبب الله إلى قلبك الصالحين أهل الطاعة ويبغض إلى قلبك الفاسدين أهل المعاصي ، قال الإمام أحمد عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله)) . أخي الحبيب: قل لي من تحب من تجالس من تود أقل لك من أنت , ولله در عطاء الله السكندري حين قال :إذا أردت أن تعرف مقامك عند الله فانظر أين اقامك . والواجب أن يكون حبنا وبغضنا ، وعطاؤنا ومنعنا ، وفعلنا وتركنا لله سبحانه وتعالى لا شريك له ، ممتثلين قوله ، صلى الله عليه وسلم " من أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع الله ، فقد استكمل الإيمان " رواه أحمد 9- كثرة الاستغفار: المتأمل في كثير من العبادات والطاعات مطلوبٌ أن يختمها العبد بالاستغفار ، فإنه مهما حرص الإنسان على تكميل عمله فإنه لابد من النقص والتقصير ، فبعد أن يؤدي العبد مناسك الحج قال تعالى : { ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } البقرة:199 . وبعد الصلاة علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستغفر الله ثلاثاً ، وأهل القيام بعد قيامهم وابتهالهم يختمون ذلك بالاستغفار في الأسحار ، قال تعالى : { وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } الذاريات18 وأوصى الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقول ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) محمد19 ، وأمره أيضاً أن يختم حياته العامرة بعبادة الله والجهاد في سبيله بالاستغفار فقال : { إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً } النصر . فكان يقول صلى الله عليه وسلم في ركوعه وسجوده : ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي ) رواه البخاري. 10- المداومة على الأعمال الصالحة: كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على الأعمال الصالحة ، فعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته ) رواه مسلم . و أحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله ادومها وإن قلَّت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ) . متفق عليه . وبشرى لمن داوم على عمل صالح ، ثم انقطع عنه بسبب مرض أو سفر أو نوم كتب له أجر ذلك العمل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحا ) رواه البخاري ، و هذا في حق من كان يعمل طاعة فحصل له ما يمنعه منها ، وكانت نيته أن يداوم عليها . وقال صلى الله عليه وسلم ( ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته ، وكان نومه صدقة عليه أخرجه النسائي . أسأل الله جل وتعالى أن يجعلني وإياكم وجميع إخواننا المسلمين من المقبولين ، وممن تقبل الله صيامهم وقيامهم وحجهم وجميع طاعاتهم وكانوا من عتقائه من النار . سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم وصـلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنـات . سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا اله إلا الله أستغفرك وأتوب إليك ولا تنسونا من دعائكم |
جزاك الله خيرا أخي
ونسأل الله أن يجعلك الله ممن يطابق فعله قوله.... |
مشكور وماقصر كلامك مميز
|
الله يعطيك العافية وماقصرت ومشاركة من اروع المشاركات
|
الله يعطيك العافيه
|
الساعة الآن 11:31 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
الحقوق محفوظة لمنتدى قرية المصنعة 1426هـ