بعد الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده ... أما بعد :
فقد اقتضت سنة الله عزّ وجل أن يظل الصراع قائماً بين الخير والشر ، وأن يكون هناك حزباً هو حزب الله الحقيقي الماضي على هدي الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، وحزباً آخر لكنه للشيطان لن يتردد في أن يرتدي جلباب الدين ، وأن يتلاعب بالنصوص القرآنية والتوراتية والإنجيلية ، وأن يزعم أنه مرسلاً من الله لإحقاق الحق ونشر العدل بين البشر .
وقد كشف الله سبحانه وتعالى في الكتاب الكريم تلك الاساليب ، وكوننا أمة وسطاً فلا يعني أن نظل شاهداً عاجزاً ، في الوقت الذي نرى من يزعم خير البشرية ونصرة حقوق الإنسان يجيش الجيوش ويستغل تراخي الأمم الأخرى لبسط نفوذه وأفكاره على غيره ... ولهذا لا يستغرب أن يكون اليهود وعباد الصليب في صف واحد ويعمل كل فريق على خدمة الآخر بما أن هدفهما المشترك يتطلب عدواً ، وليكن ذلك العدو الإسلام وأتباعه .
ماتقدم أمر مفروغ منه ... فخالق كل شئ ومليكه ... اقتضى ناموسه أن لا يستقر هذا الصراع وأن تظل خير أمة أخرجت للناس مطالبة بتحقيق رسالة الإسلام السوي فيما بينها ونشره في العالمين ... وأن رسالتها أخلاقيها أسوة بنبيها العظيم ... ولهذا لا يمكن الفصل بين الإسلام كدين للثقلين وبين الأمة التي اختارها الله لأن تكون خير أمة أخرجت للناس مطالبة بالامتثال فيما بينها حكاماً ومحكومين إذا هي أرادت أن تحقق المطلب الرباني لها بالعبادة والعدل بين أفرادها في هذه الحياة الدنيا وأن تكون شاهداً نزيهاً لا يخشى في الحق لومة لائم .
أخي الكريم ... الشرح يطول ... وما تقدمه الأمه لايرقى إلى الحد الأدنى من تلك الخيرية ... ولك أن تجول ببصرك وبصيرتك لترى أننا نجيد تسويق النصوص وسرد الأدلة لخيريتنا ... وينكشف حالنا مع أول مواجهة بين الخير والشر في دواخلنا وبين أفراد أمتنا ومجتمعاتها ... لسبب بسيط أن تلك القوة التي طالبنا الله سبحانه وتعالى بإعدادها لعدو الله وعدو رسوله تعد لنصرة الأموات الذين لاحول لهم ولا قوة وتمجيد الآيات الآدمية العاجزة ... ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم