عرض مشاركة واحدة
قديم 05-19-2009, 05:25 PM   #1
كاتب ألماسي
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 437
افتراضي كيف كنا نقضي الليل في الديرة؟


عندما تقترب الشمس من المغيب ، ويخيم الظلام بأسرابه على أرجاء القرية ، فإن الرعاة يعودون بماشيتهم، والمزارعين بمحصولهم ، حيث يبدأون في إيواء الدواب، وتخزين ما وصلوا إليه، وترتيب ما حصلوا عليه.
يبدأ الليل بإشعال ما يستضيئون به كالاتريك ، أو العدنية، أو القازة ، كما تشعل النار في الحطب لإعداد العشاء ، المكون من خبزه أو قرصان ، مع ثُفى وثفلة وخِلْفه وقُُرّاص،أو عصيدة ،أو تصابيع ،أو عيش.....
تجتمع الأسرة في الليل للتدفئة والمسامرة بجنب المشب، يناقشون ماصنعوا في يومهم، وماسوف يقومون به في غدهم ، وفيهم من يحيي ليله بصلاة القيام ، وفيهم من يستمع إلى المذياع لمتابعة آخر الأخبار ، لكن أغلب السكان يهجعون إلى فراشهم للنوم بعد صلاة العشاء مباشرة، حتى يستيقظون مبكرين ، استعداداً ليوم شاق جديد.
حرصوا من أجل الظلام، وسواد الليل؛ على تعبئة المصابيح بالقاز، وتنظيف الدخان من زجاجة العدنية، ومن زجاجة الاتريك ، وتنظيف البلف ،ونفخ الفتيلة،حتى تصبح كلها بيضاء، وقديماً قالوا: وجهه مثل نور الاتريك.

كان الكشاف من الوسائل الضرورية للتنقل بين المنازل ، وللذهاب لأداء الصلوات الجهرية في المساجد ، فهو معين على إبصار الطرق المظلمة، والمسارب المعتمة، المليئة بالهوام المؤذية للإنسان.
لا تسمع في ليل القرية سوى ثغاء الماعز، ونقيق الضفادع ،ونباح الكلاب، وفحيح الثعابين ، وصفير الرياح ، و خشخشة الورق الذابل.
وأما اليوم ؛ فمساء القرية انقلبت فيه الموازين (لدى البعض)، سهر بالليل، ونوم أغلب النهار، خصوصاً أثناء الإجازات، فخالفنا بذلك المنهج القويم: [وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا].

د.عبدالله سافر الغيلاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78