‘،
عنب الدنيا رغم ما فيه من الخيرات يعطب يخرب ويضر ب الجسم في بعض الحالات لانه غير كامل المزايا.
بخلاف عنب الجنة فهو كامل من كل الوجوه فلا يخطر على بال أحد أن يكون به مما في
عنب الدنيا من حموضة احيانا أو قشره مؤذيه أو حب يفقد لذه أكله ...
هذا هو عنب الجنة نسأل الله العظيم من فضله .
قال الله تعالى : { فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا . وَعِنَبًا وَقَضْبًا }
جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الحوض وذكر الجنة ثم قال الأعرابي:
فيها عنب قال: "نعم" قال: فما عظم العنقود قال: "مسيرة شهر للغراب لا يقع ولا يفتر"
قال: فما عظم الحبة قال: "هل ذبح أبوك تيسا من غنمه قط عظيما" قال نعم
قال فسلخ أهابه فأعطاه أمك وقال لها اتخذي لنا منه دلوا قال نعم قال الأعرابي
فإن تلك الحبة لتشبعني أنا وأهل بيتي قال: "نعم وعامة عشيرتك"
‘،
وهكذا فأن رزق الدنيا فيه الجيد والرديء أما أرزاق الجنة فكلها جيدة ،
وربما استصعب الناس أكل الرمان لصعوبة تجهيزه أو طريقة تقديمه .
غير أن رمان الجنة كباقي نعيمها ،
يدخل في دائرة ما تشتهيه الانفس وتلذ الاعين ،
يحصل بمجرد التفكير فيه والرغبة في الحصول عليه وهذا من عظيم النعمة والمنة .
قال الله تعالى : {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ}
‘،
لكِ أن تتخيلي مطالب الناس للعسل وغلا سعره ،
وربما أنفق أحدهم مبالغا طائلة للحصول على اليسير منه لما له من فوائد جمة .
لكن في الجنة ... يكون العسل في الأنهار الجارية وهذا من عظيم منّة الله على عباده .
نسأل الله أن يكرمنا ووالدينا والمسلمين في جنات النعيم ..
قال الله تعالى : { وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ...}
‘،
صارت السرر والارائك مظهر من مظاهر الرفاهية لكنها مع ذلك لاتجلب الراحة لو انشغل البال ب
أمر بسيط جدا ،
مما يدل على تنغيص اللذائذ في هذه الحياة .
أما السرر والأرائك في الجنة فهي نعيم مقيم تجلب للانسان لذه كبرى ويتخذ منها راحة كبيرة له ،
والصفة الحقيقية ل أرائك الجنة لا يعلمها إلا رب العالمين وهي على أية حال أعلى وأعظم من كل
ما عرفه البشر سواء في الماضي أو الحاضر أو ما سيحدثه البشر مستقبلا .
ما نشاهده هو من أرائك الدنيا فما ذا عن أرائك الجنة ؟
قال الله تعالى : {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ}
‘،
قد أعتاد الناس على الأكل في صحاف من زجاج أو بلاتين أو بعض أنواع المعادن المختفلة ،
حتى أصبحت الآنيه مجالا للتفاخر ب الرغم أن الكثير منها مضر ب الصحة .
أما صحاف الجنة فلا يتصور أن نعيمها والأطعمة ستقدم في آنية فيها ضرر،
أو أقل مما يتمنون فإذا كان المطعوم والمشروب فوق الوصف فإن الآنية ستكون كذلك .
قال الله تعالى : {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً}
عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
"جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما "
‘،
هذه أبواب الدنيا مهما كانت في جمالها وروعتها ورونقها وتصميمها الرائع ،
فهي صائرة الى التلف والزوال .
أما أبواب الجنة فهي مجال البهجة والسرور ،
إذا يجمع الله تعالى بين أهل الجنه وآبائهم وامهاتهم وأزواجهم وأبنائهم
ممن هو صالح لدخول الجنه حتى وإن لم يبلغوا مبلغ فضلهم ،
فمن كانت درجته دون درجتهم لحق بهم ،
ومن كانت درجته فوق درجتهم ألحقوا هم به ،
و كل ذلك تفضلا وإكراما من الله ...
فتدخل الملائكه عليهم من الأبواب إما أبواب قصورهم ومنازلهم ،
أو من أبواب الجنة مُسلِمينَ ومهنئين بما حصل لهم من دخول الجنة
قال الله تعالى:
{وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالدِين}
وقال الله تعالى :
{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ }
عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
"ما منكم من أحد يتوضأ فيبالغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء "
‘،
قد قامت الحروب قديما وحديثا حول مصادر الذهب والفضة وأنواع الحلية،
وذلك بسبب غلا اثمانها ورغبة الناس في الحصول عليها ،
فهي لا تحصل إلا ب المشقة و يُحرم منها أقوام و لاتدوم لأهلها
بل يعتريها تقدم الزمن أو التغير أو الإخلاف وهذه حال نعم الدنيا.
أما الحلية والأساور في الجنة فقد أنعم الله بها على عباده ،
وقد خص الله الأساور لتشريفها وتعظيم أمرها والتحلي بها يُظهر الاستغناء التام
عن العمل بل هي من مزيد النعمة والرفاهية .
قال الله تعالى : {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ}
عن أبي هريرة عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قوله عز وجل:
{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ}
فقال أن عليهم التيجان أن ادنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب"
،
وَ نحن علي يقين بإن نعم الدنيا تتحول وتتبدل ويتغير لونها وطعمها وتتعرض للفساد والعطب ،
أما نعم الجنة فلا تتبدل ولا تتحول ولا خراب ولا عطب يمسها ولا تنقطع يوما مثل نعم الدنيا ،
التي يرتبط كثير منها بمواسم الصيف والشتاء والمناطق الحارة والمناطق الباردة والتربة الطينية والتربة الرملية..
أما في الجنة فَ كل ما يتمناه المرء يدركه في أي وقت يشاء ،
فالفاكهة تتدلى لتكون في متناول يده وهو جالس متكئ على الأرائك والسرر والطيور عندما
يشتهيها تنزل إليه كيفما يشاء ، وفي أي صورة وطعم يريد ...
وكثير من نعيم أخبر عنه الحبيب فيما أخبره عن ربه
"أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا إذن سمعت ولا خطر على قلب بشر إقرؤا إن شئتم
{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
وختاما :
قال الأسود بن سالم : ركعتين أصليهما لله أحب إلي من الجنة بما فيها .
فقيل له : هذا خطأ، فقال : دعونا من كلامكم،
الجنة رضا نفسي والركعتان رضا ربي ، ورضا ربي أحب إلي من رضا نفسي .
اللهم إنا نسالك الرضى والتوفيق والإخلاص في القبول والعمل يا حي ياقيوم "