[size=6]أشكر أخي المشرف الفني ، وأخي (نكبة الزمان ) ! على ثنائهما ، وبالنسبة لسؤال ( أبن القرية ) وآخي خضران بن سعد الكريمي ، طالب العلم الفاضل الذي أحبه في الله ، وطلبهما الحديث عن والدي عبدالعزيز بن أحمد رحمه الله ، فالحديث عن والدي ذو شجون ولا تكفيه مجلدات الدنيا ، فوالدي نشأ يتيماً بعد أن ولي والده الشيخ الفقيه أحمد رحمه الله القضاء في عسير ثم مدينة القنفذة التي كانت تسمى (البندر) آنذاك ، وتوفي هناك وكان يلقب بأحمد أفندي أثناء حكم الأتراك ثم بعدهم حكم الأشراف في مكة نسبة الى المنصب الذي تولاه وهو القضاء .
عاش الوالد رحمه الله في كنف عمه عبدالعزيز بن محمد المنصوري رحمه الله ، الى أن أصبح يافعاً ثم تزوج وأنتقل من بيته في القرنة الى بيت زوجته في القرية رحمهما الله حيث إشتراه منها ثم تزوج الوالدة رحمها الله ، والوالد كان عصامياً مكافحاً زاول التجارة والبناء والسفر الى الخارج ، فقد بدأ يتاجر بين تهامة والمنطقة يحمل بضاعته على جمل ، وحدث مرة أن سقط الجمل في العقبة ببضاعته ( البن والهيل ) أثناء طلوعه إتجه بعد ذلك إلى العمل مساعد بناء ، وبعدها سافر الى مصوع وأسمرة وبورسودان ، وعاد بخير وفير حيث تمكن من بناء منزلنا الحالي في القرية .
كانت السمة البارزة في حياة والدي - رحمه الله - التي تسيطر على مجمل حياته ، وسكناته تعلقه بالله جل وعلا قولاً وفعلاً وعملاً ، لامكان لشيء آخر سوى حب الله ورسوله، هو مبتغاه وقلبه معلق بالمسجد لا نكاد نراه إلا ذاهباً الى المسجد أو عائداً منه ، محباً لجيرانه عطوفاً عليهم يتفقد أحوالهم . ومماايدعوني الى الدهشه حقيقة أنه رغم ضيق ذات اليد وسوء أحوال الناس آنذاك إلا أن الوالد رحمه الله كان كريماً جداً مع من حوله يؤثر على نفسه في أشد الظروف قسوة جعله الله في موازين حسناته ، أما عن تعامله في تربيتنا فيعلم الله أنني لم أره يضرب أحداً فينا قط ، كان يعلمنا النصح والتوجيه بالقدوة ويختم ذلك بالدعاء ، ولا أخفيكم أنني كنت أتمنى أن أعيش بساطته وسعادته الدائمة وأبتسامته الخفية التي لا تفارقه ، فقد كان يمازح الصغير والكبير ويؤانسهم ويفرح إذا ما شعر أنه أدخل الى نفوسهم السرور ، وبلغ من العمر 85 عاماً رحمه الله لا يعرف المستشفى ولا أذكر أنه تناول حبة دواء في حياته بفضل الله .
كان إذا أتاه ضيم من صديق أو قريب أو جار لا يرد ولا ينتقم ولا يحمل في نفسه ولكنه كان يقبل ذلك بأبتسامة ساخرة مردداً الله الهادي ...
ولم يأسف في حياته على مال أو جاه أو أمر من أمور الدنيا قدر ما أسف على أنه لم تتح له الفرصة للذهاب الى والده في ( البندر ) لطلب العلم رغم أن والده طلبه مرات عديدة وذات مرة بعد أن ركب الخيل في ظهر عمه عبدالعزيز المنصوري رحمه الله ليأخذه الى أبيه في القنفذة فأستنزلته أمه من على ظهر الخيل لا تريد له السفر خوفاً عليه ، ويزداد تألمه رحمة الله وهو يرى أبناء عمه أحمد بن عبدالعزيز المنصوري وعبدالوهاب بن عبدالعزيز المنصوري رحمهما الله يسافران مع أبيهما الى منطقة تهامة للتعلم لدى المشائخ ، وطالما ردد علينا هذه القصة وهو يتفطر أسى ، لأنه لم يكن يريد التعلم لأمر دنيوي ولكنه كان يريد أن يتفقه في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، حتى أنه كان لا يعود من سفره من جدة دون أن يحضر لنا كتاباً دينياً يهدى له من مكتبة الشيخ نصيف في جدة وآخرها كان كتاب ( توحيد العبادة ) وكنت إقرأ له من هذا الكتاب في كل ليلة ولا يسمح لي بالسهر في الدار في القرية دون أن اقرأ ما تيسر منه ... وتوفي رحمه الله في عام 1391هـ في مساء ليلة ممطرة ، حيث صلى المغرب مع الجماعة في مسجد الدار وبعد التسليم قال للوالد محمد بن جميع رحمه الله وهو أمام المسجد ألا نصلي العشاء جمعاً ؟، فقال له الوالد محمد بن جميع المطر رش خفيف ولا يستوجب الجمع ثم إنصرف من المسجد وحينما وصل المنزل طلب من الأسرة فراشاً في المجلس وأن يوجه للقبلة وبعدها بدقائق فاضت روحه الزكية الى بارئها ..
الى من أشتاق أيما إشتياق الى لقائه ..
ولكن العجيب أنه قبل وفاته بثلاثة أيام أوصى أبناءه أحمد رحمه الله وعبدالله أطال الله في عمره بوصايا تتعلق بحقوق طرفه للأخرين ..
.. رحمه الله رحمه واسعة ورحم آباءه وأجداده وأعمامه ورحم موتانا وموتاكم جميعاً ،، وآسف أنني أطلت .. ولكن كما قلت في المقدمة .. الحديث عن والدي ذو شجون وماذكرته عنه لا يمثل إلا جزءأ يسيراً من حياته .. نسأل الله السميع العليم أن يجعلني وأياكم من البارين بآبائنا وأمهاتنا وأن يجمعنا بهم في جنات النعيم . [/siz