لقد قضيت طفولتي حتى العاشرة في القرية عشت خلالها في منزل اخوالي ترعاني جدتي رحمها الله وكانت لاتبخل علي بما اتمناه بل كانت تفضلني على اصغر بناتها ( اصغر خالاتي ) وكنت اصر على اجبارها في الا تسمح لخالتي بالنوم على السرير واستأثر به لنفسي وتتجاوب معي رحمها الله في حكمي على ابنتها وكما تعلمون فما كان هناك الا خصف وحنابل ونادرا كراسي وهذا كان عام 1385 و 1386 هـ وقد كان والدي رحمه الله ووالدتي احسن الله ختامها يسافران الى جدة واصر على البقاء مع جدتي في الديره ولكن قبل السفر اصر على ان يشتري الوالد لي كرة قدم من السوق وفعلا اذهب الى السوق ولاانسى المرورعلى ماسية ابن عياش فقد كانت الماسية تباع في فناجين قهوة من الحجم الكبير وقيمة الفنجان اربعة قروش , ايضا اصر على شراء بسكويت ابو ميزان وكان ايضا ثلاثة باربعة قروش وكنت اشتري هذا البسكويت من شاب الآن يحمل درجة الدكتوراه , اما رفاق الدراسة والصبا في الديره فكل ابناء القريه ومنهم منصور عبد الرحيم وعبدالله حمدان ( العبادي ) وعطيه عثمان واحمد صنيق رحمه الله وعبدالله سله وغيرهم وهؤلاء بحكم قربهم من منزلنا لان الذهاب الى المدرسة سابقا كان سيرا على الاقدام وكنا نتجمع في مكان واحد ونذهب للمدرسة وفي نهاية العام اذا طلعت نتائج الامتحانات فاننا نتسابق ليبشر كل منا اهل الآخر ليفوز بالبشارة , القريه قديما كنت تشعر فيها بانها بيتك الكبير ويزيدها جمالا الخضرة اينما اتجهت فقد كانت الاشجار الخضراء خاصة في السدان وهو الموقع الواقع خلف منزل غرم الله بن سفلان رحمه الله لاتستطيع المرور من تلك المنطقة مما فيها من كثافة الاشجار سواء المرتفعه او المتسلقة او الممتدة على الارض وقد كنا نتجمع على الصفا المجاور لمنزل سعيد الغتمي ( صفا العلي ) خاصة في رمضان ونستخدم الطراطيع حتى يؤذن للمغرب وكان العبادي يجيد ذلك خاصة اذا وضع على جزء كبير من الطراطيع علبة صلصة صغيرة , حقيقة كانت ايام براءة وتحس بانك تعيش حياتك , اليوم لازالت القرية كما هي ولكن لسفر الغالبية طلبا للرزق والبحث عنه وانشغال البعض الاخر باموره الخاصة والتفرغ لمتابعة وسائل الترفيه لم يعد للعيش في القرى نكهته التي عهدناها ولو اننا نسمع ونرى بين حين وآخر من يدعو للعودة لتلك الخوالي ولعل وعسى!!!!