يسرني أن أنقل لكم هذا المقال القيم من موقع " إيجابيون " لعل الله ينفع به الجميع وبخاصة الطلاب في هذا الوقت. أتمنى التوفيق للجميع.
إلى ولدي: تفاءل وأدخل امتحانك
بقلم: المؤلف والأديب محمد بن عاشور
بسم الله والصلاة والسلام على محمد رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى قيام الساعة آمين ..
أما بعد
فاعلم يا ولدي أن القدر المقدور لا يسبقه شيء .. وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك .. وما أخطأك لم يكن ليصيبك .. وأن جزءا من الإيمان اسمه التسليم بالقضاء خيره وشره .. مع حسن التوكل واتخاذ الأسباب .. ومن حسن التوكل لا التواكل .. أن يتعلم الإنسان .. وألا يكف وألا يتوانى في طلب العلم من المهد الى اللحد .. وأن الحكمة وهي صواب الأمر وسداده هي ضالة ومطلبه وهدفه في كل زمان ومكان .. وبكل طريق موصلة الى الهدف الأسمى وهو مرضاة الله .. وكل ميسر لما خلق له .. واتقوا الله ما استطعتم .. ولا يكلف الله نفسا الا وسعها ..
واعلم هداك الله وملأ حياتك بالخصب والانتاج الطيب .. أن الحياة كلها ابتداء وانتهاء هي امتحان مستمر .. في حلقات متواترة ومتوازنة .. لا تني تتصاعد وتتضاعف وتتأزم .. وتتشعب .. وتتراكم .. وتترسب .. والعقل من اتعظ زمن فقدان المناعة للموعظة .. تبدأ الحياة بصراخ الطفل .. الذي يأتي الدنيا صائحا من مشاكل الدنيا .. ويغادر الدنيا صائحا هاربا منها .. مرتاحا من وعثاء السفر القاصد إن كان تقيا ..
والحياة محطات ومراحل .. وأنت يا ولدي الحبيب .. مقبل على هذا الإمتحان .. فلا تكن أسير غموضه .. ولا تلتبس بلباسه .. وكن أنت المسيطر عليه .. لا هو المسيطر عليك وهما وتهويلا .. اقرأ .. طالع .. الثقافة المتخصصة والشاملة .. هي من أسباب النجاح .. وابتسم للحياة .. وتفاءل بها .. وتوكل على الله الحي الذي لا يموت .. فالله يحب المتوكلين بصريح القرآن الكريم .. ومن أحبه الله كان رفيقه وملازمه .. وفي الحديث الشريف لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير .. تغدو خماصا- أي جائعة وتروح بطانا أي شبعانة .. كذا هو حال الإمتحان الذي تساق أنت إليه .. هو امتحان كسائر الإمتحانات .. لذلك لا تهويل .. ولا توتر .. بل استرخ .. وصل لله .. فالصلاة سكن لك وأمن وأمان من الوسواس الخناس الذي يثبط العزائم .. واذهب للإختبار بعد أن تصلي لله .. واحرص على تكون طاهرا ..في الإختبار مهما كان .. واحرص على أن تقرأ نصيبا من القرآن الكريم .. وعلى أن تقرأ سورة الفاتحة والإخلاص والمعوذتين .. وأن تستعيذ باسم الله الأعظم الذي هو الحي القيوم .. وأن تقرأ أسماء الله الحسنى التي من أحصاها لا تلاوة بل احاطة وعملا .. دخل الجنة .. وادخل قاعة الإختبار وقد ملأت قلبك حبا وأملا في الله وبالله ولله ...
ابني حبيبي ...
تعلم وافرض على نفسك أن تكون إيجابيا .. فالنفس على ما عودتها عليه .. وإن لم تتحكم أنت بنفسك فلن يتحكم بها غيرك .. ومع أن تلزمها طاعة الله .. ألزم نفسك حب المطالعة .. عليك بكتاب مشكلة الإنسان للدكتور زكريا ابراهيم مثلا .. كي تلزمها التفكير الإيجابي .. عليك بكتاب العقل الناضج .. كي تبني قدرتك على الفعل الواعي المسؤول ابتداءا من تجربة بافلوف الإشتراطية إلى الضرب السامق من التحدي والإستجابة ليس على طريقة أرنولد توينبي البريطاني مع احترامنا له وتقديرنا لتنظيره العالمي السامق .. ولكن على طريقة السلف الصالح الذي ينطلق من الركن الركين للإيمان وحب الله والعمل للدنيا صنوا للعمل للآخرة .. واعتبر كل حياتك في أدق تفاصيلها إلى أشمل مجالاتها هي لله وبالله ونحو الله تسير .. لذلك ادخل الإمتحان وقد تسلحت بالمعرفة والعلم والإيمان ومخافة الله .. وقد أحطت واستوعبت مجالك التخصصي تدقيقا .. وإضافة ومحبة .. فلن تنجح في مجال لا تحبه .. ثم ابتسم وتفاءل بالإمتحان .. فالإمتحان لك إضافة نجحت فيه أم لم تنجح .. والإمتحان لك رصيد في حياتك العملية .. والإمتحان ذخر باق رغم صروف الدهر وتقلباته العجيبة .. وادخل الإمتحان بمحبة غامرة .. وسعادة لنفسك ولغيرك .. فتضفي على ذاتك وعلى غيرك محبة الله .. صلاة وكلمة طيبة وعلما ونورا .. ثم بسم الله توكل واجر امتحانك بروح التوكل لا التواكل والفرق واضح .. وتأكد أولا وآخرا أنك لن تنال إلا ما كتبه الله لك ... واحمد الله من قبل ومن بعد على ما أعطاك .. فكم من فشل كان نجاحا .. والعكس صحيح .
أجمل التحيات من تونس ومن المؤلف والأديب محمد بن عاشور