مصور بن المعتمر رحمة الله عليه
الحافظ الثبت القدوة أبو عتاب السلمي الكوفي أحد الأعلام . قال أبو عبيد القاسم بن سلام : هو من بني بهثة بن سليم من رهط العباس بن مرداس السلمي .
وقيل : أصح الأسانيد مطلقا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود .
روى شعبة ، عن منصور قال : ما كتبت حديثا قط . وقال عبد الرحمن بن مهدي : لم يكن بالكوفة أحد أحفظ من منصور . أجاز لنا ابن البخاري ، أنبأنا ابن طبرزد ، أنبأنا عبد الوهاب الأنماطي ، أنبأنا الصريفيني ، أنبأنا ابن حبابة ، حدثنا البغوي ، حدثني إبراهيم بن عبد الله القصار ، حدثنا مصعب بن المقدام ، عن زائدة قال : قلت لمنصور بن المعتمر : اليوم الذي أصوم أقع في الأمراء ؟ قال : لا . قلت : فأقع في من يتناول أبا بكر وعمر ؟ قال : نعم .
وبه إلى البغوي : حدثني ابن زنجويه ، سمعت إبراهيم بن مهدي سمعت أبا الأحوص قال : قالت بنت لجار منصور بن المعتمر : . يا أبة أين الخشبة التي كانت في سطح منصور قائمة ؟ قال : يا بنية ذاك منصور ، كان يقوم الليل . حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، رأيت منصورا إذا قام في الصلاة عقد لحيته في صدره .
حدثني أبو سعيد ، حدثنا عبد الله بن الأجلح . قال : رأيت منصورا أحسن الناس قياما في الصلاة ، وكان يخضب بالحناء .
حدثني العباس بن محمد ، حدثنا أبو بكر بن أبي الأسود ، سمعت ابن مهدي يقول : لم يكن بالكوفة أثبت من أربعة فبدأ بمنصور ، وأبي حصين ، وسلمة بن كهيل ، وعمرو بن مرة . قال : وكان منصور أثبتهم .
حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي : سمعت أبا بكر بن عياش يقول : رحم الله منصورا ، كان صواما قواما .
قال يحيى بن معين : لم يكن أحد أعلم بحديث منصور من الثوري . وقد روى حصين ، عن منصور ، وكان حصين أسن منه .
وقال هشيم : سئل حصين : أنت أكبر أم منصور ؟ قال : إني لأذكر ليلة زفت أم منصور إلى أبيه . أبو بكر بن عياش ، عن مغيرة قال : اختلف منصور إلى إبراهيم وهو من أعبد الناس ، فلما أخذ في الآثار ، فتر . وبه قال البغوي : حدثنا الأخنسي ، سمعت أبا بكر يقول : لو رأيت منصور بن المعتمر ، وربيع بن أبي راشد ، وعاصم بن أبي النجود في الصلاة ، قد وضعوا لحاهم على صدورهم ، عرفت أنهم من أبزار الصلاة .
ابن المديني ، عن يحيى ، وسئل عن أصححاب إبراهيم أيهم أحب إليك ؟ فقال : إذا جاءك منصور ، فقد ملأت يدك لا تريد غيره . كان سفيان يقول : كنت لا أحدث الأعمش عن أحد إلا رده ، فإذا قلت : منصور ، سكت حجاج بن محمد : سمعت شعبة يقول : قال منصور : وددت أني كتبت وأن علي كذا وكذا ، قد ذهب مني مثل علمي .
وقال يحيى القطان : منصور أحسن حديثا عن مجاهد من ابن أبي نجيح . وبه إلى البغوي : حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا شريك ، حدثنا منصور ، ولو أن غير منصور حدثني ما قبلته منه ، ولقد سألته عنه ، فأبى أن يحدثني ، فلما جرت بيني وبينه المعرفة ، كان هو الذي ابتدأني ، قال : حدثنا ربعي قال : حدثنا علي -رضي الله عنه- قال : اجتمعت قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيهم سهيل بن عمرو ، فقالوا : يا محمد ، أرقاؤنا لحقوا بك ، فارددهم علينا ، فغضب حتى رئي الغضب في وجهه وذكر الحديث .
حدثنا علي بن سهل ، حدثنا عفان ، حدثنا أبو عوانة قال : لما ولي منصور بن المعتمر القضاء ، كان يأتيه الخصمان ، فيقص ذا قصته ، وذا قصته ، فيقول : قد فهمت ما قلتما ، ولست أدري ما أرد عليكما ، فبلغ ذلك خالد بن عبد الله أو ابن هبيرة ، وهو الذي كان ولاه ، فقال : . هذا أمر لا ينفع إلا من أعان عليه بشهوة ، قال يعني : فعزله .
حدثنا الأخنسي ، سمعت أبا بكر يقول : كنت مع منصور جالسا في منزله ، فتصيح به أمه ، وكانت فظة عليه ، فتقول : يا منصور يريدك ابن هبيرة على القضاء فتأبى ، وهو واضع لحيته على صدره ، ما يرفع طرفه إليها .
قال يحيى بن معين : منصور أثبت من الحكم . يحيى القطان ، عن الثوري قال : لو رأيت منصور بن المعتمر ، لقلت : يموت الساعة .
وقال زائدة : امتنع منصور من القضاء ، فدخلت عليه وقد جيء بالقيد ليقيد ، فجاءه خصمان ، فقعدا ، فلم يسألهما ولم يكلمهما ، فقيل ليوسف بن عمر : لو نثرت لحمه لم يل القضاء ، فتركه . يحيى القطان عن شعبة : سألت منصورا وأيوب عن القراءة ، يعني : قراءة الحديث ، فقالا : جيدة . ابن معين : سمعت جريرا يقول : كان منصور إذا رأى معي رقعة ، يقول : لا تكتب عني ، فأتركه ، وآتي مغيرة .
قال العلاء بن سالم : كان منصور يصلي في سطحه ، فلما مات ، قال غلام لأمه : يا أمه الجذع الذي في سطح آل فلان ، ليس أراه ، قالت : يا بني ليس ذاك بجذع ، ذاك منصور ، وقد مات -رحمه الله . [/size]
[color=blue][size=18]قال خلف بن تميم : حدثنا زائدة ، أن منصورا صام أربعين سنة ، وقام ليلها ، وكان يبكي ، فتقول له أمه يا بني : قتلت قتيلا ؟ فيقول : أنا أعلم بما صنعت بنفسي ، فإذا كان الصبح ، كحل عينيه ، ودهن رأسه ، وبرق شفتيه وخرج إلى الناس . وذكر سفيان بن عيينة منصورا ، فقال : قد كان عمش من البكاء . وعن مفضل قال : حبس ابن هبيرة منصورا شهرا على القضاء يريده عليه ، فأبى ، وقيل : إنه أحضر قيدا ليقيده به ، ثم خلاه .
قال سفيان بن عيينة : كان منصور في الديوان ، فكان إذا دارت نوبته لبس ثيابه وذهب فحرس . يعني : في الرباط .
قال يحيى بن سعيد القطان : كان منصور من أثبت الناس . وحكاية أبي بكر الباغندي الحافظ مشهورة ، سمعناها في معجم الغساني ، أنه كان ينتخب على شيخ ، فكان يقول له : كم تضجرني ؟ أنت أكثر حديثا مني وأحفظ ، فقال : إني قد جئت إلى الحديث ، بحسبك أني رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في النوم ، فلم أسأله الدعاء ، وإنما قلت : يا رسول الله أيما أثبت في الحديث منصور أو الأعمش ؟ فقال : منصور منصور . أخبرنا إسحاق بن طارق ، أنبأنا ابن خليل ، أنبأنا آبو المكارم اللبان ، أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا أبو محمد بن حيان ، حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا أزهر بن جميل ، حدثنا سفيان بن عيينة ، قال : رأيت منصور بن المعتمر ، فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : كدت أن ألقى الله -تعالى- بعمل نبي . ثم قال سفيان : صام منصور ستين سنة ، يقوم ليلها ويصوم نهارها -رحمه الله .
قال أبو نعيم الملائي : مات منصور بعدما قدم السودان ، يعني : المسودة أي آل العباس . أحمد بن زهير : سمعت ابن معين يقول : مات منصور سنة ثلاث وثلاثين ومائة وفيها أرخه محمد بن عبد الله بن نمير ، وشباب العصفري ،
وقال أبو القاسم بن منده : سنة اثنتين وثلاثين . بعد السودان بقليل ، ثم أعاده في سنة ثلاث وثلاثين . فالله أعلم . ومن عواليه :
أخبرنا أحمد بن إسحاق بن محمد بن مؤيد المصري بها في رجب سنة خمس وتسعين وست مائة ، أنبأنا أبو الفرج الفتح بن عبد الله بن محمد بن علي الكاتب ببغداد ، أنبأنا أبو الفضل محمد بن عمر القاضي ، ومحمد بن أحمد الطرائفي ، وأبو غالب محمد بن علي ، قالوا : أنبأنا محمد بن أحمد بن محمد المعدل ، أنبأنا عبيد الله بن عبد الرحمن سنة ثمانين وثلاث مائة في منزلنا ، أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسن الحافظ سنة ثمان وتسعين ومائتين ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : ثلاث من كن فيه ، فهو منافق : كذوب إذا حدث ، مخالف إذا وعد ، خائن إذا ائتمن ، فمن كانت فيه خصلة ، ففيه خصلة من النفاق حتى يدعها .
وبه قال جعفر : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، أخبرني منصور ، سمعت أبا وائل ، عن عبد الله ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : آية المنافق . . . فذكر نحوه .
قال عمرو : لا أعلم أحدا تابع أبا داود على هذا ، وهو ثقة ، قلت : يعني تفرد برفعه .
أخبرنا أحمد بن إسحاق ، أنبأنا الفتح بن عبد الله ، أنبأنا هبة الله بن حسين ، أنبأنا أحمد بن محمد البزاز ، حدثنا عيسى بن علي إملاء ، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا شريك ، حدثنا منصور ، حدثنا ربعي بن خراش ، حدثنا علي بن أبي طالب قال : أما إني سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول : لا تكذبوا علي ، فمن كذب علي متعمدا فليلج النار هذا حديث حسن عال . وإسناده مسلسل بحدثنا ، وقل أن يقع مثل هذا ، وفي رجاله مع صدقهم خمسة رجال فيهم مقال ، ومتنه مقطوع به . ورواه البغوي أيضا في "الجعديات" فقال : حدثنا علي ، أنبأنا شعبة ، أنبأنا منصور .
أخبرنا أحمد بن سلامة إجازة ، عن أحمد بن محمد التيمي ، أنبأنا أبو علي ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا إسحاق الدبري ، أنبأنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عبد الله ، قال رجل : يا رسول الله ، كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت ؟ قال : إذا سمعت جيرانك يقولون : قد أحسنت ، فقد أحسنت ، وإذا سمعتهم يقولون : قد أسأت ، فقد أسأت قال أبو نعيم : غريب من حديث منصور .
أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمن المعدل ، أنبانا عبد الله بن أحمد الفقيه سنة ست عشرة وستمائة ، أنبأنا خطيب الموصل عبد الله ، وشهدة الكاتبة ، وتجني الوهبانية ، قالوا : أنبأنا طراد بن محمد الهاشمي ، أنبأنا هلال بن محمد ، أنبأنا الحسين بن يحيى المتولي ، حدثنا أبو الأشعث ، حدثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن مجاهد قال : يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ قال : يحرقون عليها ويعذبون .
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ويوسف الحجار ، قالا : أنبأنا موسى بن عبد القادر ، أنبأنا أبو القاسم بن البناء ، أنبأنا علي بن أحمد ، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن ، حدثنا يحيى بن محمد ، حدثنا محمد بن ميمون المكي ، حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة يبلغ به قال : لا تحل الصدقة لغني ، ولا لذي مرة سوي . هذا حديث قوي الإسناد متجاذب بين الوقف والرفع ، إذ قوله يبلغ به مشعر برفعه ، وتركه لذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-مؤذن بوقفه