|
05-02-2011, 02:49 PM | #1 |
مشرفة
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 5,627
|
صخرة عنترة بعيون الجواء
"..السلام عليكم ورحة اللة وبركاتة.." للعشق قصص كثيرة حفظها التاريخ، وتناقلتها ألسنة العرب عبر القرون. ولكن تبقى أماكن أولئك العشاق، وآثارهم وديارهم، عبق خاص، وقارورة للذكرى، تتعطر بها الأجيال، وتنتعش بأريج حكاياها المشاعر. من منا لا يعرف قصة عنترة بن شداد وابنة عمه عبلة بنت مالك، والتي دارت فصولها بين صخرتين عرفا بعد ذلك بصخرة عنتر وحصاة النصلة، في محافظة عيون الجواء بمنطقة القصيم، فعلى بعد حوالي 35 كيلو من مدينة بريدة، لازالت ذاكرة المكان تحفظ تلك الحكاية، بل ويستحضرها العابرون هناك. كانت هاتان الصخرتان مكانا للقاء عنترة بن شداد العبسي بمحبوبته وابنة عمه عبلة التي هام بها عشقا. فهذه المنطقة هي ديار بني عبس قديما، والصخرتان تقعان شمال محافظة عيون الجواء وفي الطرف الشمالي لبلدة غاف الجواء.. شمال غرب بريدة. فلازالتا صامدتين في وجه السنين وتقلباتها إلى يومنا هذا، وشاهدتين على قصة حب شهيرة مضت عليها قرون طويلة، وحيكت حولها الكثير من الأساطير والحكايات. ملتقى العاشقين تقول إحدى الأساطير أن عنترة العبسي كان يربط حصانه في الصخرة ويلاقي محبوبته عبلة تحت صخرة النصلة. تلك الأكمة صخرية التي كان يلتقي الحبيبان في ظلها، وقد عثر فيها على نصوص ثمودية، وتدل هذه النقوش على الأهمية التي كانت تتمتع بها المنطقة خلال الفترة من القرنين الثاني قبل الميلاد إلى الأول أو الثاني الميلادي، حيث أنها تدل على أن المنطقة قديمة الإستيطان. فيما يرى الباحث والمتخصص بعلم الاثار تركي القهيدان: أن صخرة عنترة لا تعد موقعا اثريا، حيث لم يجد الباحث ما يشير إلى آثار من كتابات أو غيرها، سوى ما تقوله حولها الروايات الشعبية، من أن عنتره بن شداد الفارس المشهور بتلك المنطقة آنذاك قبل الإسلام، والذي عرفه العرب فارسا وشاعر فذا كان يربط فيها فرسه حين يجلس مع محبوبته عبله في ظل الصخرة الأخرى. دار عبلة وتروي بعض القصص الشعبية التي تدور وتتناقل عبر ألسنة الاهالي ان الصخره نحتت من الاسفل بواسطة رباط الفرس ثم اتخذت هذا الشكل فيما بعد، أما قول الباحث انها ليست مواقع اثريه غير دقيق، لان شعر عنترة في بعض المفردات تم ذكر مواقع بالقصيم ومنها عيون الجواء بالذات، ومنها قوله في أحد الأبيات: ولقد حبست بها طويلا ناقتي.. أشكو إلى سفح رواكد جثّمِ يا دار عبلة بالجواء تكلمي.. وعمي صباحا دار عبلة واسلمي تشكيلات صخرية وتأخذ الصخرتان الشهيرتان أشكالا خاصة، يراها الجغرافيون إحدى الظواهر الطبيعية التي تعرفها الصحاري في أكثر من منطقة، حيث يطلقون على تلك التشكيلات الصخرية أسماء معينة منها الموائد الصخرية أو عش الغراب، ويعللون سبب هذه الظاهرة لعدة أسباب علمية، منها ما يعرف بالنحت السفلي للصخور، وسببه الرياح المحملة بذرات الرمال.. حيث أن أقصى نشاط لهذه الرياح غالبا ما يكون على ارتفاع محدود من سطح الأرض، وتظهر نتائجة غالبا أسفل الصخور، وهذا النوع من التعرية خاص بالصحاري فقط. وهو ما يعلل تسميتها بالموائد الصحراوية. ومن أسباب ذلك أيضا تباين صلابة الصخور الرسوبية، مما يجعل بعض طبقاتها -أكثر من غيرها من الطبقات الأخرى- عرضة لعوامل التعرية بأنواعها. تاريخ وآثار وتعد محافظة عيون الجواء من الأماكن قديمة الاستيطان، فهي المنطقة التي استوطنتها قبيلة عبس، وفيها دارت معركة داحس والغبراء بين قبيلتي عبس وذبيان، وكذلك بها العديد من النقوش الثمودية. وتمتاز محافظة عيون الجواء بموقعها الاستراتيجي بين القصيم وحائل، ويتميز أهلها بلهجتهم المميزة عن غيرهم من محافظات القصيم، كذلك يعرف معظم اهلها بأنهم كانوا من «العقيلات» الذين اشتهروا بالتجارة وضربت بهم الامثال لأمانتهم. ومن أشهر معالم وآثار عيون الجواء، جبال الحنادر التي تقع إلى الغرب من المحافظة بحوالي خمسة عشر كيلومتر، وقد عثر فيها على نصين كتبا على أكمتين حمراويتين رابضتين على رأس جبل مشرف. قصر عنترة ومربط فرسه في عيون الجواء.. «الحب والحرب» معاً "العنترية" بئر مطوية بالحجارة دائرية الشكل تقع شمال غرب مركز قصيباء على بعد 8كم. اهتم الجغرافيون الغربيون ومن قبلهم الرحالة المسلمون في صحاري وقفار الجزيرة العربية كل حسب أهدافه وتطلعاته، فمؤرخوا الإسلام كالهمداني وابن جبير وياقوت وابن بطوطة رأوا أن جزيرة العرب هي مهبط الوحي، ومهد خاتم الرسالات، كما أنها مسرح أمجاد العرب وديوان أشعارهم ومآثرهم، في حين زارها كثير من مستشرقي أوروبا للوقوف على ثرواتها وطرقها البرية وشواطئها على البحر الأحمر والخليج العربي إبان التنافس المحموم بين الدول الأوروبية للوصول إلى عالم الشرق، لا سيما بين فرنسا وبريطانيا اللتين ينسب إليهما معظم الرحالة الذين كتبوا عن الجزيرة العربية في القرون الثلاثة الأخيرة. آثار قصيباء والنصلة و«عريجين منصور» ما زالت تحكي مآثره وبطولاته ولأن آثار العرب بقيت محفورة في صدور الرجال، وبطون الكتب، فقد ظلت بعض هذه الأطلال الدارسة تحكي للأجيال اللاحقة صورة من مغازي الأجيال السابقة، وتصادق على روايات الأقدمين ومنقولات المعاصرين الذين ما زالوا يرون عنها ويستشهدون بها.. البئر العنترية، ومربط فرس عنتر، وحصاة النصلة أحد هذه الشواهد التي ما زالت تحكي لزوارها في محافظة عيون الجواء بمنطقة القصيم مآثر الفارس العبسي عنترة بن شداد، أحد أبرز رجالات عبس في "داحس والغبراء" وصاحب المعلقة الشهيرة: هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم (بنو عبس) ولقد ذكرتك والرماح نواهلٌ مني وبيض الهند تقطر من دمي تنتمي قبيلة بني عبس المشهورة إلى قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهي بذلك تمثل أحد فروع قبيلة غطفان القيسية النزارية التي كانت تسكن وتستقر في الشمال الغربي من منطقة القصيم، حيث يقول الهمداني في كتابه صفة جزيرة العرب: "ومن أوطان اليمامة: القصيم لعبس"، كما يقول ياقوت الحموي في معجم البلدان: "وأسافل الرمة تنتهي إلى القصيم، وهو رمل لبني عبس"، إلاّ أنه يحدد وبصورة أدق مساكن القبيلة في محافظة عيون الجواء الحالية فيقول: "الجواء واد في ديار عبس"، أما البكري في معجم ما استعجم فيقول: "وكانت منازل بني عبس فيما بين أبانين والنقرة وماوان والربذة، هذه منازلهم"، ويقول الزمخشري: "أبان الأبيض لبني فزارة وعبس"، كما يقول الأصفهاني في بلاد العرب: "إن أثال لعبس"، وعلى هذه يتفق معظم الرحالة والجغرافيون العرب على أن هذه المناطق بجبالها وشعابها داخلة الآن في منطقة القصيم وبالتحديد في محافظة عيون الجواء. عيون الجواء تقع محافظة عيون الجواء على بعد حوالي 45 كم شمال غرب مدينة بريدة عند تقاطع دائرة عرض 26.30.00 شمالاً مع خط طول 43.37.45 شرقاً، وسبب تسميتها عيون مضافة إلى الجواء – كما ذكر العلامة العبودي – تمييزاً لها عن عيون الأسياح، والمراد بها عيون الماء. وورد في بعض المصادر والمراجع أنها كانت تسمى قديماً "عيون بن عامر" وتمتد من الشمال إلى الجنوب، وذكر بعض الرحالة الإنجليز الذين زاروا نجد أوائل القرن الرابع عشر الهجري أن فيها أكبر تجمع سكاني بين حائل وبريدة، ومنها مناطق وأماكن تحكي مآثر عنترة بن شداد العبسي، ومن ذلك على سبيل المثال: بئر عنترة قديماً * حصاة عنتر (النصلة): بنو عبس غادروا «العيون» إلى الأندلس وبقيت شواهد مساكنهم صخرة كبيرة من الحجر الرملي متأثرة بعوامل التعرية تقع على بعد حوالي 2 كم شمال غرب مركز غاف الجواء، وعليها العديد من الرسوم لحيوانات، وكذلك نقوش ثمودية ونبطية نفذت بالحفر الغائرة، وتظهر عليها التشويهات بالحفر. * عريجين منصور (مربط فرس عنتر): صخرة تقع على تل مرتفع يبعد حوالي 500م شمال غرب حصاة عنتر وأصغر منها حجماً، وتظهر عليها عوامل التعرية، وقد اختلف في تسميتها وعليها رسوم حيوانية وآدمية، ونقش ثمودي يتكون من سطر واحد نفذ بالحفر الغائر، وثلاثة نقوش ثمودية أخرى. * مركز أثال: يقع في الطرف الشرقي من الجواء كان ماء لعبس، وازدادت شهرته وأهميته لوقوعه على طريق الحج البصري إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، وينتشر فيه الكثير من الشواهد الأثرية التي تدل على قدم الموقع وأهميته مثل الكتابات والنقوش القديمة وغيرها. * مركز قصيباء: ويقع على بعد 80كم شمال غرب بريدة، ويوجد به قصر عنترة الذي يتكون من عدة وحدات معمارية وفي فنائه بئر محفورة، والعنترية وهي بئر مطوية بالحجارة دائرية الشكل تقع شمال غرب مركز قصيباء على بعد 8كم. عنترة بن شداد ما إن تذكر صفة الشجاعة والإقدام لدى العرب في العصر الجاهلي إلاّ ويذكر اسم عنترة بن شداد العبسي الذي ذكره خامل لحين تعرض قومه لإحدى الغارات من القبائل المجاورة، ولأنه كان ابن جارية حبشية اسمها "زبيبة" فقد رفض أبوه شداد العبسي أن يعترف به ما لم يقم بأعمال جليلة تنهض من شأنه، كما هي عادات العرب آنذاك، ولذا وجد عنترة في غارة هذه القبيلة على قومه فرصة لإثبات شجاعته وبطولاته؛ لا سيما وأن القبيلة المعتدية ساقت معها حرائر بني عبس ليس هذا فقط، بل كانت أولى هذه الحرائر عبلة بنت مالك تلك الفتاة المليحة التي أسرت بين سحرها ونحرها قلب عنترة بن شداد المملوك الأسود، لهذا لم يتوانَ هذا الرقيق الخامل الذكر من إجابة والده حين قال له كر ياعنترة، فقال لأبيه: إن العبد لا يحسن الكر، إنما يحسن الحلب والصر، فقال له أبوه: كر وأنت حر، فأشهد عنترة قومه على والده وانطلق كالبرق يجندل الخصوم يضرب هذا ويفتك بذاك حتى أعاد حرائر بني عبس تتقدمهن عبلة ابنة عمه مالك، وليتدفق ينبوع الشعر من لسان عنترة "الحر" ليصور لنا أدب "الحب والحرب" في معلقته الشهيرة وقصائده الغريرة لا سيما حين يقول واصفاً منازل قومه بالجواء: يا دار عبلة بالجواء تكلمي وعمي صباحاً دار عبلة واسلمي هلا سألت الخيل يا ابنة مالك إن كنت جاهلة بما لم تعلمي يخبرك من شهد الوقيعة أنني أغشي الوغى وأعف عند المغنم ولقد ذكرتك والرماح نواهلٌ مني وبيض الهند تقطر من دمي فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها قيل الفوارس: ويك عنتر أقدمِ ويظل عنترة يترقب بقاء عبلة بمنطقة الجواء "عيون الجواء" وبعده عنها، فيقول: وتحل عبلة بالجواء وأهلها بالحزن فالصمان فالمتلثمِ كيف المزار وقد تربع أهلها بعنيزتين أهلنا بالغيلمِ ويعمّر عنترة طويلة حتى قُتل في إحدى معارك قومه بسهم لم يمهله طويلاً، ويعتقد المؤرخون أن وفاته كانت قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لحوالي خمس سنوات. صخرة عنترة شهدت أجمل أشعاره بينالجواء والأندلس ونخيلهم في القصيم تحكي رأياً آخر على بقاء بعضهم واستمر بنو عبس في منطقة الجواء حتى انتشر الفتح الإسلامي خارج جزيرة العرب، فنزح العبسيون كغيرهم مع توسع الفتوحات الإسلامية، فحل المقام بهم في شبه جزيرة الأندلس الخضراء، ليتبوأ العبسيون هناك أعلى المراتب الإدارية والقضائية والعسكرية حتى سقوط الأندلس من يد المسلمين العرب في أواخر القرن التاسع الهجري. ويقول ابن خلدون المتوفى في سنة (808ه) في تاريخه: "وليس بنجد لهذا العهد أحد من بني عبس"، إلاّ أن الدكتور عبدالعزيز الفيصل – وفقاً لما أوضحه الدكتور محمد أبا الخيل في بحثه (أثر أهل القصيم في الأمصار الإسلامية بنو عبس في الأندلس نموذجاً) – يرى أن طوائف من عبس كانت لها نخيلاً كما جاء في بعض المصادر، وأصحاب النخيل يستقرون في بلادهم ولا يترحلون عنها، ولذا يرجع أن بطوناً من بني عبس بقيت في القصيم، ولكنها لم تعد تعرف باسم بني عبس. " تحياتي لكم " تحياتي همس الوجدان
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة همس الوجدان ; 05-02-2011 الساعة 05:00 PM |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر) | |
|
|