الديك باشــــا
خالد القشطيني
تذكرني المرحلة التي يمر بها العراق اليوم بالحكاية الموصلية ، التي تقول إن رجلا في مدينة الموصل عانى الكثير من جاره بسبب الديك الذي يملكه وصياحه المستمر قبيل الفجر ، لم يعد أمام الرجل الذي عانى وشقي بكل ذلك الصياح غير أن يتنازل ويطرق بيت جيرانه
أهلا وسهلا شرفتمونا بهذه الزيارة ، ولكن ما سر زيارتكم الطارئة يا جاري العزيز ، قال له الرجل يا سيدي مع كل الاحترام والمودة لمقامكم ولكن هذا الديك الذي عندكم ينغص عيشي ، ففي اللحظة التي أكون فيها غارقا في النوم يهب هذا الديك ويبدأ بالصياح ، ويبقى يعوي الى أن انهض من فراشي واخرج من البيت ، سأكون ممتنا لكم اذا وضعتم حلا له ..
أجابه صاحب الديك فقال له: يا سيدي الجار قبل الدار ، لخاطر عينك سأقوم بذبحه والتخلص منه وسأعمل منه عشاء بديعا وأدعوك للتشرف وتناول الطعام معي ، وهذا ما تم بالفعل ، في هذه الأيام يكون الجواب ، طز عليك وعلى ابيك ، وهذا الديك الذي عندي يسوى أهلك وكل عشيرتك ، ولن افرط به ، ولكن في ايام زمان كان للجيران حقوق والناس تحترم الناس ، ليس ذلك فقط وانما كانوا يصدقون كلامهم ووعودهم ، وهو ما جرى ذبح الجار ديكه العزيز وطبخ منه أكلة دجاج محشو، أتمنى مثلها للقارئ الكريم في هذه الأيام الحامضة ، ثم مضى فدعا جاره لتناول العشاء معه ، فأكل واستمتع وحمد الله وشكر صاحب الدعوة وصاحب الديك ..
مرت أيام وإذا بالرجل يعود طارقا باب جاره ، ما خطبك يا سيدي وما الذي تريده مني الآن؟ قال يا رجل أنا ممتن لك على طيبتك وذبحك للديك ، ولكنني الآن استفيق ليلا على صوت 20 ديكا تصيح سوية وتمزق اذني وأعصابي ، ما هذا ما كنت انتظره منك ، قال له الجار صاحب الديك، يا سيدي انت اعترضت على ذلك الديك فذبحته لك ولعيونك ، ولكن انا عندي 20 ديكا آخر، وكان ذلك الديك « باشي» عليها ، يسيطر عليهم وتخاف منه ، وكان لا يسمح لأحد غيره أن يصيح ، وبالأمس انت طلبت مني التخلص منه ففعلت ، و لكن الآن لم يعد أحد في الساحة يستطيع السيطرة على هؤلاء العشرين ديكا ، انطلقت جميعا بالصياح ولا حول ولا قوة الا بالله ..
سمعت هذه الحكاية من صديق موصلي، فقلت له يا سبحان الله ، كم تنطبق هذه الحكاية على العراق الآن ، لقد ذبحوا الديك الذي كان يسيطر عليهم ويخافون منه ، فراح كل واحد منهم اليوم يعوي على ذوقه ، قولوا معي كما قال ذلك الرجل :
لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم