الإسلام وحقوق الطفل
كرم الإسلام الإنسان واعتبره اعظم المخلوقات ، كما أعطى المرأة حقوقها حيث لم تنصف المرأة في أية ديانة سماوية أو تشريعات كما أنصفت في الإسلام، أما فيما يتعلق بالطفل …فهو أمل المستقبل وإنسان الغد … حرص الإسلام على إعطائه حقوقه ورعايته افضل رعاية وأوصى الوالدين والمجتمع على الطفل ووجوب رعايته والمحافظة على صحته وأخلاقه، وتربيته تربية إسلامية صحيحة. ومن القضايا الهامة التي ركز عليها الإسلام في صون الطفل وإعطائه حقوقه والتي كانت أساسا لكافة التشريعات والقوانين والاتفاقيات المتعلقة بالطفل فيما بعد:
أولاً: حق الطفل في الحماية: حيث ركز الإسلام على أمور حماية الطفل وخاصة حمايته من التمييز لكافة أشكاله حيث يتكون المجتمع من الناس جميعا وهم سواسية ولا يميز بينهم سوى التقوى، كذلك الحماية من الإهمال والإساءة حيث تعددت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدعو الى حماية الطفل وتوصينا به، وتبلور ذلك في نظرة الرسول عليه الصلاة والسلام للطفل وتعامله معه أمام الصحابة رضي الله عنهم ليكون قدوة لهم، كما وركز الإسلام على حماية الطفل في حالات الكوارث والطوارئ وضرب لنا مثلا حيا في هجرة المسلمين من مكة إلى المدينة، وكيف أن الصحابة من الأنصار تعاملوا مع هذه الحالة الطارئة، وتم احتواء المهاجرين ليكونوا لبنة أساسية في مجتمعهم .. واصبح الأطفال المهاجرين اخوة لباقي الأطفال و تقاسموا معهم الرزق واللعب والحقوق.
ثانياً: حق الطفل في المشاركة: حيث أن المجتمع الإسلامي مجتمع تشاوري (وشاورهم بالأمر) ومجتمع ديمقراطي، فقد أعطى الإسلام للجميع وخاصة للأطفال الحرية في التعبير عن آراءهم، ومشاركتهم للكبار في اتخاذ القرار، في جلب الرزق وفي الحروب والخدمة العامة بعيدا" كل البعد عن مبدأ الاستغلال.
كما وطبق الإسلام منذ ألف وأربعمائة عام مبدأ من طفل الى طفل حيث كانت العلوم والمعارف وتجارب الحياة والتدريب على القتال تنتقل من طفل الى طفل، ومن جيل الى جيل .. فالطفل الأكبر يعلم من هو أصغر منه ضمن حلقة متسلسلة ومستمرة.
ثالثاً: حق الطفل في النماء والبقاء، في الهوية والجنسية، وغيرها من الحقوق حيث أوصى الإسلام وأكد على موضوع التزاوج، والعلاقة السليمة بين الرجل والأنثى، وتغريب النكاح، ومباعدة فترات الحمل، وحق الطفل في النسب وغيره من الحقوق التي تؤدي الى طفل سليم ومعافى، وذو خلق وتربية إسلامية سليمة تنعكس على المجتمع بأكمله.
من القرآن الكريم والسنة الشريفة:
ومنذ بدء الخليقة، اجتهد المشرعون عبر القرون الغابرة في وضع النصوص وتوفير كافة السبل الكفيلة بصيانة حقوق الأفراد وحمايتهم مستلهمين بتوجيهات الخالق وتوصيات رسله الكرام. يزخر تراثنا الإسلامي العربي بإشارات كثيرة تحض على تكريم النفس البشرية وتوصي بالعناية بالأطفال ، نقتطف منها المحطات التالية:
1-قال تعالى : (يوصيكم الله في أولادكم …)
2-المال والبنون زينة الحياة الدنيا …)
3-والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين …)
4-عن عبد الله بن شداد قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس اذا أتاه الحسن أو الحسين، قال مهدي: أكبر الظن انه الحسين -فركب على عنقه وهو ساجد، فأطال السجود بالناس حتى ظنوا انه قد حدث أمر، فلما قضى صلاته، قالوا: يا رسول الله لقد أطلت السجود حتى ظننا أنه قد حدث أمر؟
قال : أن ابني هذا قد ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته.
5-حدثنا اسحق بن إبراهيم : أخبرنا يزيد بن هارون عن الحسن قال:
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه إذا جاء صبي حتى انتهى الى أبيه في ناحية القوم، فمسح رأسه وأقعده على فخذه اليمنى، قال فلبثت قليلا" فجاءت ابنة له حتى انتهت اليه فمسح رأسها وأقعدها في الأرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا على فخذك الأخرى؟ فحملها على فخذه الأخرى، فقال صلى الله عليه وسلم(الآن عدلت)
حديث مرسل، رجاله رجال الصحيح
6-حدثنا أبو كامل مولى معاوية قال:
" دخلت على معاوية أنا وخالد بن يزيد فإذا معاوية قد جثا على أربع وفي عنقه حبل وهو بيد ابنه يلعب معه صغيرا"، فلما دخلنا سلمنا عليه استحيا مني ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " من كان له صبي فليتصابا له.
7-قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لاحد الآباء:
أحسن أدب ابنك فانك مسؤول عن بره إياك
8-عن عاصم الأصول عن ابي عثمان الهمذي قال:
رأى المنصفق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقبل ابنه فقال: تقبل ابنك وانت خليفه؟ لو كنت خليفه ما قبلت ابني- فقال: ما ذنبي ان كان الله تبارك وتعالى قد نزع منك الرحمة، انما يرحم الله عز وجل من عباده الرحماء.
9-ذكر الراغب الاصفهاني ان المنصور بعث الى من في الحبس من بني أمية من يقول لهم: ما أشد ما مر بكم في هذا الحبس ؟ فقالوا: " ما فقدنا من تربية أولادنا.
10-أوصى مسلمة بن عبد الملك مؤدب ولده:
اني قد وصلت جناحك بعضدي ورضيت بك قرينا لولدي، فاحسن سياستهم تدم لك استقامتهم، واسهل بهم في التأديب عن مذاهب العنف، وعلمهم معروف الكلام وجنبهم مثاقبة اللئام، وانههم ان يعرفوا بما لم يعرفوا، وكن لهم سائسا شفيقا ومؤدبا رفيقا تكسبك الشفقة منهم الصحبه والرفق وحسن القبول ومحمود المغبة، ويمنحك ما أدى من أثرك عليهم وحسن تأديبك لهم مني جميل الرأي وفاضل الاحسان ولطيف العنايه.