علاقة محمد علي باشا بغامد وزهران (1253هـ - 1256هـ / 1837م-1840م

أولاً : - التعريف بمحمد علي........ولد محمد علي سنة 1769م/ 1182هـ ، وهي نفس السنة التي ولد فيها ناليون بونابرت والقائد الإنجليزي ولنجتون.
ولد في بلدة قولة ببلاد اليونان وهذا ماجعل المؤرخ المسلم عبدالرحمن الجبرتي يسميه محمد علي القولي.
أبوه ابراهيم آغا كان يشغل وظيفة رئيس الحراس ، توفي والده وهو صغير وكفله عمه طوسون ، وقد تزوج محمد علي أرملة ثريه ، فاستغل ثروتها وعمل في تجارة الدخان وكون ثروة كبيرة ، وكان لمحمد علي ثلاثة أولاد وبنتان (ابراهيم ، وطوسون ، واسماعيل ).
وكان محمد علي يتصف بالدهاء والذكاء وكانت القسوة البالغه والظلم والتعسف من صفاته .

ثانياً : علاقة غامد وزهران بمحمد علي:
تعود أهمية منطقة غامد وزهران لموقعها الإستراتيجي الذي يتمثل في ربط الحجاز بعسير واليمن لذلك اهتمت بها قوات محمد علي خصوصا وأن لها مواقف سابقة ضد قواته منذ عام 1229هـ ، وأيضا فقد انضمت إلى القبائل المواليه لعائض بن مرعي الذي تزعم الثورة ضد قوات محمد علي في عسير.
وقد كان إهتمام محمد علي بالمنطقه كبيراً مما جعله يسعى هو وقادته إلى إبعاد أمير عسير عنها وأستعملوا في ذلك أشد الأساليب الحربيه وأعنفها ورغم نجاحهم في بداية الأمر إلا أن تلك المنطقه أبت الخضوع لقوات محمد علي وظلت على إتصال بأمير عسير حتى تم لهم ما أرادوا وأنسحبت قوات محمد علي من الجزيرة العربية عامة.
من أهم المعارك التي دارت في المنطقه( بإختصار)

كان للإنضمام القبائل إبتداء من غامد وزهران ومروراً بشمران وبلقرن وبني عمرو وبني شهر وإنتهاءا بقبائل تهامه لإبن عائض دوراً كبيراً في إثارة القائد العثماني أحمد باشا الذي أخذ يرسل الجواسيس إلى كل مكان من أجل لإطلاع على قوة ابن عائض فعمد إلى عدة إجراءات لضمان الإبقاء على نفوذه في المنطقة حتى لا يتأثر نفوذه العسكري فتوجه بقواته لضم بلاد غامد وزهران فقام :-
1- بالتنكيل بهذه القبائل التي أعلنت ولاءها لعائض بن مرعي .
2- محاولة تخويف القبائل المتردده في إعلان الولاء حتى لا تسول لها نفسها في الإنضمام لعائض بن مرعي .
3- إثبات ماتملكه قوات محمد علي في الحجاز من جند مدرب وسلاح حديث.
4- السعي لدفع عائض بن مرعي بالعودة إلى عسير وأتخاذ جانب الدفاع بدلاً من الهجوم.
فعندما علم عائض بن مرعي بما قام به أحمد باشا تجاه غامد وزهران وبني مالك وبعض تهامه من التنكيل قرر التوجه من عسير لمهاجمة قوات محمد علي في بلاد غامد وزهران، وجمع لذلك الهجوم جماعات من باللحمر وباللسمر وبني شهر ورجال ألمع ومحايل وبني عمرو ، فوصل في 6صفر 1254هـ وعسكر في منطقة تسمى البريده خلف الجبل الكبير القائم تجاه معسكر الجيش العثماني.
شن ابن عائض هجوما قوياً ضد قوات محمد علي لكنه مني بهزيمه ساحقه وقتل من أتباعه عدد كبير وأنسحب بشكل غير منظم تاركاً وراءه المؤن والأرزاق والخيول والجمال تحت وطأة الرصاص.كما أسر عدد كبير من قواته الذين أرسلوا إلى سجن جده حتى تم الإفراج عن الذين بقيوا على قيد الحياة عام 1256هـ /1840م وذلك بعد إنسحاب قوات محمد علي من الحجاز تنفيذاً لمعاهدة لندن .
وبالرغم من المحاولات الكثيرة من قبل قوات محمد علي من أجل الهجوم على عسير وإحكام السيطره على بلاد غامد وزهران إلا أن هذه القبائل وقفت وقفة شجاعه ضد قوات محمد علي بجنودها المدربه والنظاميه وأسلحتها المتطورة ومدافعها القوية مقابل أسلحه بدائيه وقوات قبليه.
وأستمرت العلاقه بين غامد وزهران وعسير علاقة ولاء ودفاع ضد قوات يرونها أجنبيه عن بلادهم منذ هجوم تلك القوات ضد عسير في المرة الأخيرة في جمادى الثانيه 1250هـ حتى إنسحابها من الحجاز في ذي الحجه1256هـ ورغم إخضاع تلك القوات لبلاد غامد وزهران إلا أن القبائل هناك كانت تستغل كافة الفرص للإعلان عن رفضها لذلك الوجود.
لذا نجد أن قوات محمد علي قد قبضت على مشايخ القبائل عندما أدركت أنهم يكنون الولاء لعائض بن مرعي ،ولكن ذلك القبض كان بعد فوات الأوان فقد صدرت الأوامر بالإنسحاب إلى غير رجعه ، وتم إطلاق سراح المعتقلين، وأثبتت تلك القبائل وغيرها من القبائل العربية في جنوب غرب الجزيرة رفضها لأي تدخل خارجي يريد فرض وجوده بقوة السلاح.