الرحلات والاجتماعات العائلية تزيد الألفة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الْحَمدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلَى أَشْرَفِ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْنَ ، أَمَّا بَعْدُ :
• فقد كان النَّاس في السِّنين الماضية يكثرون من الاجتماعات الأسرية ، والنُّزهات الشَّبابية والعائليَّة ، لكن الأمر اختلف في السِّنين الأخيرة ، حيث أصبح التَّقاطع والخصومات تتخلل علاقات كثير من الأقارب ، وذلك بسبب المواريث ، أو العداوات التي تحصل بينهم بسبب الخصومات النِّسائية ، حيث يتحزَّب كل واحد من العائلة مع زوجته ، فيهجر إخوانه وأولاد عمِّه ، وتجد علاقته بأقارب الزَّوجة هي الأصل ، وعلاقته بأقاربه وعَصَبته شبه منقطعة أو تتخللها الزِّيارات النَّادرة ، وهذا ليس دعوة تحريضيَّة ضد النِّساء ، فهنَّ أمهاتنا وأخواتنا وخالاتنا وعمَّاتنا ، لكن الوضع أصبح ظاهرا للعيان ، وابتلينا بكثير من الرِّجال الذي يسير على ما تمليه عليه النِّسوان ، سواء أمَّه أو زوجته أو غيرهن ممن تكون صاحبة الكلمة المسموعة في البيت !! ، وكأنَّ الرِّجال فقدوا القوامة .
• وهذا الأمر في غاية الخطورة ، وهو من أكبر العوامل التي تساهم في انقطاع العلاقات الأسرية ، ولو تأملنا جيدا لوجدنا أن الذين يرثون الرَّجل إذا لم يكن له أولاد ، والذين يتحمَّلون الدِّية لو حصل منه تعد على غيره ، والذين يشدُّ بهم الرَّجل ظهره – بعد الاستعانة بالله - عند النوائب كما يقال ، هم إخوانه وأبناء عمومته ، وأقاربه من جهة والده ، وليسوا أقاربه من جهة أمه _ على ما نكن لهم من تقدير واحترام ، وهم أبناء الأخوال و الخالات _ فأقاربه من جهة والده هم عصبته ، فالنَّسب في الإسلام من جهة الأب وليس من جهة الأمِّ ، وعصبة الرَّجل يهتمون بقريبهم لأن النَّسب يجمعهم جميعا ، والمحافظة على بقاء النَّسب مرفوع الرأس يهمهم جميعا ، وإن كانت بينهم خصومات شخصيَّة .
• وقد جالست كثيرا من كبار السِّنِّ فوجدتهم يشتكون من هذا الأمر ، وأن بعض الإخوان أو أبناء الأعمام تكون علاقاتهم ضعيفة ، ثم مع مرِّ الأيَّام وموت كبار السِّن ، تصبح العلاقات شبه معدومة ، ونحن نشاهد هذه الظَّاهرة أمام أعيننا ، ولا نحتاج إلى شاهد يشهد بوقوعها ، وإذا استمر الحال على ما هو عليه فسيأتي زمان لا يدري القريب عن قريبه ، ولا ابن العم عن ابن عمِّه ، وهذا نذير شؤم نعوذ بالله من وقوعه ، فعلى العقلاء والكبار من الأسر أن يسعوا جاهدين إلى أن تكون لأفراد أسرهم اجتماعات تلمُّ شملهم ، وتجمع شعثهم ، فمن العيب أن يُسألَ أحدُنا عن أحد أبناء عمومته ، كم له من الأولاد فيقول : لا أدري !! ، وإذا سئل عن أسمائهم بعد أن يذكر عددهم ، يقول : لا أدري .
• وأنا أتكلم عن نفسي ، فأنا لا أعرف بعض أبناء أبناء عمومتي ، فعائلة آل الفقيه من العوائل الكبيرة ، وهم متفرقون في المدن ، ولولا أن الله نفعنا بالشَّجرة التي عملها لنا الوالد محمد بن سعد بن علي الفقيه حفظه الله ، لمَّ بها أطراف العائلة ، ونظمهم في سلسلة رائقة رائدة ، لكنت لا أعرف بعض من هم أكبر مني أو في سنِّي ، وإن كانوا يأتون في الصَّيف ، إلا أنا لا نجتمع بهم جميعا إلا مرة أو مرتين ، فلا نعرف أحوال بعضنا ، ولا عدد أبناء المتزوجين منا ، وإني أنصح كل عاقل حريص أن يبادر إلى صنع شجرة أنساب لأسرته ، ولو كانت إلى الجد الرَّابع أو الخامس ، فستكون هذه الشجرة وثيقة رائعة لمن يأتون بعد عشرين أو ثلاثين سنة .
• ونحن في العائلة يقيم لنا الوالد حفظه الله تعالى وأطال في عمره كل سنة في الصَّيف عشاء يجتمع فيه غالب أبناء فرعنا من عائلة الفقيه ( آل عمر ) وبعض أعمامي من فرع ( آل مبارك ) ، ولكن كثيرا من أبناء عمومتنا الآخرين لا يكونون موجودين في تلك الاجتماعات لعدم تواجدهم في المنطقة ، أو لعدم علمنا بوجودهم فيها ، لأن الشَّباب لا يتواصلون مع كبير العائلة مثل الآباء الأولين .
أسأل الله أن يوفقنا لصلة أرحامنا ، وأن يجمع على الخير قلوبنا