كيف نحترم أنفسنا ونمارس حريتنا ؟
يقول شخص لآخر في موقف معين " احترم نفسك "
ويقول الناس عن شخص أنه " إنسان يحترم نفسه " .
ويستخدم أكثر الناس عبارة " احترم نفسك " ! في مواقف معينة لتؤدي غرضها , ولكن لا يدرك
بعضهم أبعاد المعاني العميقة التي تحملها .!!!
فما الفرق بين احترام النفس واحترام الآخرين ؟
لماذا لا نقول للآخر " احترمنا " بدلاً من أن نقول له " احترم نفسك ؟ " .
والحقيقة أن احترام النفس هو الأساس , وما احترام الآخرين إلا نتيجة طبيعية لاحترام النفس ,
فالذي يحترم نفسه يعرف حدوده في كل شيء فيتوقف عندها ولا يتجاوزها ولهذا فإن الذي يتجاوز حدوده معك ويقول : " أنا حر او انتي حرة " ليس حراً لستي حرة , لأن حريته تنتهي عند حدودك
فإذا اقتحمها او اقتحمتيها ! لم يعد حراً وإنما أصبح هو او هي معتدياً , وهذا هو الفرق بين الحرية والعدوان .
لا يوجد إنسان حر بالمعنى الذي لا يعرف الحدود , والحرية إطارها احترام النفس بمعنى احترام
الحدود .
فما دمت صادقاً مع نفسك قائماً بواجباتك في كل اتجاه , معطياً لكل ذي حق حقه , لا تظلم , لا تغش
, لا تكذب , لا تَنُم , لا تحقد , لا تغدر , لا تمكر , لا تخون , لا تعتدي , , فثق او ثقي تماما أنك إنسان حر مكتمل الحرية ولن تنقص حريتك او حريتك إلا عندما يحدث خلل في إحدى هذه
الصفات , وعندما يحدث هذا الخلل معناه أنك تجاوزت حدود حريتك واعتديت على الآخرين ,
عدم الأمانة أو عدم العدل كما في الكذب والحقد والغدر إضراراً بالغير , وعندما تضر بالغير فإنك -
في أعماقك - تفقد التوزان , وتفقد السلام في داخلك ويبدأ ضميرك يشعر بالذنب , وبالتالي تفقد
احترامك لنفسك , وتفقد حريتك , وينتج عن ذلك كله عدم احترام الآخرين لك لأنك تصبح في نظرهم
متهماً وناقصاً بسبب الدخول في خصوصياتهم وشئونهم
والمقصود باحترام الناس هنا ليس الاحترام الظاهري الذي يحصل عليه المرء بسبب الجاه
أو السلطة , وإنما المقصود هو ما يتركه سلوك الفرد وأعماله من أثر في نفوس الآخرين
على شكل محبة ومودة وتقدير ينعكس على موقفهم منك بينهم وبين أنفسهم وأمام الغير .
هذه حدود العلاقة بين احترام الإنسان لنفسه واحترامه للآخرين ومعرفته بحدود حريته .
فالإنسان حر ما دام يحترم نفسه ويعرف كيف يتعامل مع الآخرين .
وقد وضع الإسلام ثوابت أخلاقية وسلوكية إذا ما عمل بها الإنسان ارتقى إلى أعلى مستويات
التحضر , ولن يتحقق ذلك إلا بالعمل بأساس دستور المعاملات بين الناس في الإسلام المتمثل
في أقوال أحسن الناس أخلاقا محمد صلى الله عليه وسلم , ومنها قوله :
" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " [ رواه البخاري ] .
" من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " [ رواه الترمذي وابن ماجه ] .
" رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى " [ رواه البخاري ] .
" من حمل علينا السلاح فليس منا , ومن غشنا فليس منا " [ رواه مسلم ] .
" المؤمن مرآة أخيه , والمؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه " [ رواه البخاري في الأدب المفرد ] .
" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " [ متفق عليه ] .
" إياكم والظن , فإن الظن أكذب الحديث , ولا تحسسوا ولا تجسسوا , ولا تنافسوا , ولا تحاسدوا ,
" من لا يشكر الناس لا يشكر الله " [ رواه الترمذي ] .
" بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم " [ رواه مسلم ] .
أحـاديث نـبوية ومبـادئ أخلاقيـة إسلاميـة تعد بالعشرات تصب جميعاً في دائرة التعامل بين الناس ,
تضع له القواعد المثلى وتنظمه وتخط له حدوده , فمن عمل بهذه القواعد وجعلها نظام حياتـه
وعرف مع نفسه ومع الناس حدوده أصبح أوسع خَلق الله حرية في هذا الكون , وأكثرهم احتراماً
لنفسه , فـيـظـفـر باحتـرام مـن النـاس ليـس لـه حــدود لأنهم لم يلجوا في خصوصياته او تعدوها .
فيجب ان نحترم انفسنا قبل ان نؤذي المحترم