12-05-2011, 04:04 PM | #1 |
كاتب ألماسي
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 437
|
حكاية المياه زمان
حكاية المياه زمان الماء هو سر الحياة، ومنبع بهجتها، لا يعيش الإنسان إلا به، ولن تحيا الأرض بدونه، ولن ينمو الزرع إلا بوجوده، قال الله تعالى: وجعَلَنا من الماء كل شيء حيَّ أفلا يؤمنون) (الأنبياء: 30). وهو يساعد جسم الإنسان على امتصاص العناصر الغذائية ، كما يعد أساساً مهماً لتنظيف الجسم، وسلامة الدورة الدموية ، وهو مفيد كذلك في منع الشيخوخة المبكرة للجلد، والأنسجة الداخلية. أما حكاية المياه في منطقة الباحة ؛ فقد كانت قبل نصف قرن من الزمان؛ متوفرة ـ وبغزارة شديدة ـ في كل بئر من آبار القرى، خصوصاً بعد الأمطار الغزيرة، ولم يكن يجد الأهالي أي مشكلة في الحصول عليها ، على الرغم من صعوبة استخراجها، ونقلها، وحفظها. كانوا يرفعون أيديهم إلى منزل المطر من السحاب(جل في علاه)؛ وهم يرددون في جميع أوقاتهم: مطر وسيل يا الله، ارحم عبيدك يا الله، لا يتوقفون عن ذلك ؛ وإن شُوهِد البرق، وسُمِع الرعد، وهَطل المطر, عاش الأهالي في زمن الضنك والمشقة، والعوز والفاقة، لكنهم حققوا الاكتفاء الذاتي في جميع احتياجاتهم اليومية، ومتطلباتهم الحياتية، فالرغيف اليومي من أراضيهم ، والفواكه والخضروات من بساتينهم ، ولا تخلوا بيوتهم من الأبقار والطيور والأغنام. الماء هو أساس الزراعة ، الذي كان يستخرج غالباً من باطن الأرض ؛ عن طريق الدلو والرشا ، أو بواسطة السواني (حيوانان يستخدمان لإخراج الماء من البئر)، ولكن عندما توفرت المضخات والمواطير؛ اندثر النشاط في الأودية ، وتوقفت الزراعة. كان الأهالي في الزمن الماضي؛ يحرصون على صيانة الآبار القديمة؛ التي لا يُعرف من حفرها، ولا متى حفرت، ثم قاموا بحفر آبار جديدة؛ على ضفة شعيب، أو على وادٍ يمشي فيه ماء السيل ، يعرفون وجود الماء بالخبرة أو الإلهام؛ إذ كانوا يتوقعون أن مجرى السيل على سطح الأرض؛ يقابله مجرى الماء، ووجوده في باطن الأرض. وكانت أودية القرى لا تخلوا من العيون والينابيع والجداول الجارية ، كأودية الحبقة والعطفين والجنابين والمرزوق، والتي تميزت بالشلالات الصاخبة، والمياه الجارية، والنباتات المعطرة، والمسطحات الخضراء الجميلة . وكانت لكل أسرة بساتين وحقول ، يعمل فيها الرجال والنساء( كباراً وصغاراً)، ويتعاونون على الحراثة والسقاية، والصرام وجني المحصول، ورعاية الدواب. وكان لكل مزارع شِرب يوم في الأسبوع من ماء البئر لمزرعته ، يرفعه بالسواني إلى الساقية ؛ وهي عبارة عن قناة مائية مشيدة يدوياً من قبل المزارع، والتي تختلف أطوالها حسب بعد الحقول المزروعة المراد ريّها، كما يتخلل الساقية عدة فتحات وفلجان، وذلك من أجل رّي جميع الحقول، ويتم فتح هذه المعابر أو الفلجان باستخدام (المسحاة). وكان يشدو المزارعون بلحن الجبل الرائع والممتع، كما يطربك صوت خرير الماء، وهو الذي يصب من الغرب، الذي ينقل الماء من البئر، وكذلك صوت المحّالة التي تكون على رأس البئر؛ والذي يشبه صوتها صوت موسيقى الكمان، ومع كثرة الماء، وتوفر خيرات الأرض في الوادي ؛ هناك صيحات ندية، ونغمات شادية ؛ كنقيق الضفادع، وزقزقة العصافير ، وثواج الضأن، وثغاء الماعز. أما عملية جلب الماء من الآبار القديمة؛ فقد كانت تقع على النساء؛ وذلك لانشغال الرجال في أعمال كثيرة، إذ كنّ يجلبنه في قدور، أو في قِرَب، حيث تقوم المرأة بهذه العملية على رأسها أو جنبها، أو على ظهور الدواب. وكانت وسيلة الحفظ الوحيدة للمياه هي القِربة (تصنع من جلد الحيوانات) ، ثم جاءت الحنفية والبركة والخزان ، وكانت القربة تكفي أهل البيت ليوم واحد على الأقل؛ يُعدّ منها الطعام والغسيل، ويُسقى منها الراحلة والبهيمة. وكان الأهالي يستفيدون من تجميع مياه الأمطار في بِرَكٍ بارزة، أو خزانات أرضية؛ أعدوها لهذا الغرض، حتى يستفيدوا منها في حياتهم اليومية، وأمورهم المعيشية. تأريخ المياه في هذه الديار؛ موضوع متشعب كبير، ومبحث واسع طويل؛ والذي يكشف لنا حياة أهلها وكدحهم الرفيع ، وكفاحهم الكبير، وحالهم القنوع، وعيشهم البسيط؛ أمن واستقرار، وعزة ورخاء، وتقدم وازدهار، فهل يستطيع الأبناء والأحفاد أن يكونوا مثلهم؟!!! |
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|