:: تفضلي هنا قبل دخولك مجلس النساء (آخر رد :الماسه)       :: عاجل الى الادارة (آخر رد :الحساس)       :: نصائح العقارات والحيل للحصول علي الممتلكات العقارية والقادمة (آخر رد :داماس ترك)       :: سائق في اسطنبول اسعار (2018) 😍 😍 (آخر رد :كنان)       :: معاملة . كوم | مجتمع المعاملات ، ضمان التعامل بسرية و حصانة (آخر رد :جاسم سلطان)       :: السلام عليكم (آخر رد :ابو يارا)       :: مشاركات محضورة (آخر رد :ام شيماء)       :: مشاهد مجزوءة من ذاكرة القرية (آخر رد :عيدان الكناني)       :: واحنا صغار (آخر رد :عيدان الكناني)       :: ............... (آخر رد :خير سعيد محبوب الغامدي)      
 
جريدة الرياض جريدة الجزيرة جريدة الوطن جريدة اليوم جريدة عكاظ جريدة المدينة جريدة الرياضي بنك الراجحي

 

 


الإهداءات



 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-16-2008, 03:03 PM   #1
كاتب فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 33
افتراضي آيات وعظات خطيب الأنبياء

آيات وعظات خطيب الأنبياء


الحمد لله الذي تقدست عن الأشباه ذاته، ودلت على وجوده آياته ومخلوقاته، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وسع كل شيء رحمة وعلما، وقهر كل مخلوق عِدًّة وحكما، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، أفضل العباد إيماناً وأعظمهم بِراً وإحسانا، بشر الله - جل وعلا - به في الإنجيل، ونوه به في دعوة أبيه إبراهيم، وأيده في حياته وحيا وقرآنا، وصلى الله وسلم وبارك وأنعم عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من أتبع أثره وأقتفى منهجه إلى يوم الدين. أما بعد.

آيات وعظات عنوان واحد لمواضيع متنوعات متعددات.

نرتوي بها من معين القرآن ونقف على أسراره وننهل من فيض هذا الكتاب العظيم وأنهاره.

آيات وعظات نذكّر بها قلوباً تحن إلى مولاها وترقبه - عز وجل - في سرها ونجواها.

آيات وعظات نطمع بإذن الله أن نهذب بها أنفس تطمع للمعالي وتنظر بعين البصيرة النافذة في قروناً مضت وأيام خوالي.

آيات وعظات نقدمها في المقام الأول لطلاب العلم وأهله، وللسائرين والسائرات على طريق الله المستقيم، وللمعلمين والمعلمات والمربين والمربيات الذين جندهم الله - جل وعلا - ليكونوا دعاة على صراط الله المستقيم.

وإني لأرجو الله - جل وعلا - أن يرزقنا فيها التوفيق والسداد، كما اسأله - جل وعلا - أن يجعلها عملاً يراد بها وجهه، ويتقى به سخطه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.



كما أرجوه - جل وعلا - أن يجعلها نافعة نافذة قريبة من قول لبيد:



رزقت مرابيع النجوم وصابها * * * ودق الرواعد جودها فرهامها

من كـل سـاريـة وغــاد مدجن * * * وعـشـيــة مـتـتـابع إرزامـهــا

فعلا فـروع الأيقهـان وأطفلـت * * * بالجهلتين ظبـاؤهـا ونعامـهـا

والعِيـن عاكـفـة على أطلائـهـا * * * عوذا تأجـل بالفضـاء بهامـهـا

فـاقـنع بمـا قسـم المليـك فإنمـا * * * قسم الخلائـق بيننـا عـلامهـا

وإننا بعون الله - تعالى - سنفصح في أول الأمر عن تلك العناوين، ثم نسأله - جل وعلا - التوفيق في عرضها.



فعناوين العظات وهن ست:

خطيب الأنبياء.

قهر الرجال.

الصديقة مريم.

أعظم الغبن.

ماء المحيا.

العرش والقلوب.

وهي في المقام الأول كما بينت سلفاً للقائمين بالدعوة إلى الله إذ يرجى منها لقائلها قبل سامعها أن تكون عوناً في بناء النفس إيمانياً وعلمياً ومعرفياً، وما ذاك ليتم إلا بتوفيق الله العزيز العليم.



العظة الأولى:

خطيب الأنبياء

الله - جل وعلا - رحمة بعباده بعث الرسل، وكانوا كما أخبر - عليه الصلاة والسلام - جماً غفيراً وخلقاً كثيراً، منهم أربعة من العرب فقط ذكرهن - عليه الصلاة والسلام - حينما قال لصاحبه أبي ذر - رضي الله عنه -: (هود وشعيب وصالح ونبيك يا أبا ذر) .

وشعيب - عليه الصلاة والسلام - دل ظاهر القرآن وذهب كثير من العلماء أنه موصوف بأنه خطيب الأنبياء. إذ كان يقرع الحجة بالحجة و يبين لقومه بلسان عربي مبين ما هم فيه من الضلالة وما يدعوهم إليه من الحق.

ومن تأمل مسلكه في كتاب الله - جل وعلا - وطريق دعوته لقومه تبين له إصابة ما ذهب إليه جماهير العلماء من نعته - عليه الصلاة والسلام - بأنه خطيب الأنبياء.

قال الله - جل وعلا -: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ) (هود: 84.

دعاهم أول الأمر إلى ما دعت إليه الرسل أجمعون من نوح إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فلا معروف أعظم من التوحيد ولا منكر أعظم من الشرك.

ثم لما كان حصيفاً عاقلاً خاطبهم بالمنكر الظاهر فيهم غير الشرك وهو: " التطفيف في الكيل والميزان ". فكانوا قوماً يأخذون الزائد ويعطون الناقص.

والداعية الموفق المسدد إنما يخاطب كل قوم بالمنكر الذي هم فيه، فربما خطبة جمعة تصلح في مكان ولا تصلح في مكان آخر، وتنفع لحي وقد لا تنفع آخرين في حي آخر، وقد يكون في مدرسة أو دائرة حكومية ما منكر بعينه يجب توجيه الخطاب إليه غير موجود في دائرة أو مدرسة أخرى. وأنبياء الله - عليهم السلام - كل منهم إنما بعد أن يدعوا إلى التوحيد يحذر قومه من المنكرات الشائعة إبّان بعثته بينهم بأمر الله - تعالى -.

فلما عرض عليهم ما عنده نالوا منه بتهكم وسخرية ((قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ{87})). كلام يراد به الاستفزاز وإخراج الداعية عن طوره، ولكنه صلوات الله وسلامه عليه بقي صلباً ذا سكينة وهدوء يدرك ما يقول " وما كل من أذن لك يجب أن تقيم له ".

فقال لهم صلوات الله وسلامه عليه دون أن يتغير خطابه قال لهم: ((قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ{88})).

كلمات جميلة في معانيها ومبانيها كما أخبر الله - جل وعلا - عنه ذكرهم بنعمة الله عليه من النبوة والرسالة وبأنه واضح المنهج لأنه مؤيد بالوحي وأنه لا يريد التمييز عنهم ((وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ)) فأنا منكم وبكم حتى لا يشعر قومه أنه يريد أن يتفرد بمنصب أو أن يعلو عليهم لأمر أو لآخر.

فلمّــا أكمل أمره لجأ - عليه الصلاة والسلام - إلى أسلوبين لا بد لكل معلم ومربي وداعية منهما وهي:

أسلوب الترغيب، وأسلوب الترهيب.

فبعد ما عرض ما عنده قال: ((وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ{89} )) .

ذكرهم بأيام الله الخوالي، بأهل القرون الخالية والسنين الغابرة كيف لما خرجوا عن أمر الله كيف نكّــل الله - جل وعلا - بهم.

وقوله: ((وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي)) إدراك لما في النفس الإنسانية. " إن النفوس إذا أحبت أحداً أقبلت عليه ولو سقاها العلقم، وإذا أبغضت أحداً أدبرت عنه ولو أعطاها العسل صافياً ". فلما علم أنهم أبغضوه لأنهم حسدوه على أنه نبي رسول عرف قطعاً أنهم لن يقبلوا منه ((وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ)).



وقبل أيام وهذا من جيد القول أجرت أحدى الصحف لقاء مع السفير الإيطالي في بلادنا الذي أعلن إسلامه مؤخرا فقال كلمة تنطبق قريبا من تفسير هذه الآية، قال: " ليس الأصم من لا يسمع ولكن الأصم حقيقة من لا يريد أن يسمع ".

لأن الأصم تستطيع أن تصل له بطريقة أخرى لكن الذي لا يريد أن يسمع يصعب عليك إيصال الخير إليه، وكثير من الناس والعياذ بالله يكتب على نفسه الصمم وهذا يواجهه الدعاة والمربون والمعلمون كثيرا، يكتب على نفسه الصمم لا يريد أن يسمع لا يريد أن يقبل بل إن من الناس من لا يريد أن يفكر أصلا.



والناس في التفكير ثلاثة:

ــ شخص لا يستطيع أن يفكر فهذا مجنون.

ــ وشخص لا يريد أن يفكر فهذا متعصب لما هو عليه.

ــ وشخص لا يجرؤ أن يفكر فهذا والعياذ بالله كما قيل عبد من العبيد لا محالة لا يستطيع أن ينفك عن السير الذي هو ماضٍ عليه.

((وَيَا قَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ ((. ثم أفرد قوم لوط بالذكر قائلا: ((وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ)).



وهنا تظهر احتمالات ثلاث:

إما أن يكونون غير بعيدين عنهم مكاناً ـ أو زماناً ـ أو صفات، وأراد شعيب الثلاثة كلها، فقوم شعيب كانوا قريبين أرضاً من قوم لوط فكلهم في أطراف الشام، وكانوا قريبين زمناً إذ قال المؤرخون ليس بين لوط وبين شعيب كبير زمن، ثم إنهم قريبون في الصفات فكلا الفريقين مشركين بالله - جل وعلا - شائع فيهم المنكرات في أنديتهم ومجالسهم ((لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ)) التوبة: 10.

ثم لجأ إلى الترغيب بعد أن أخذهم بالترهيب، فقال: ((وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ{90}))، ذيّـل ذلك الاستغفار بأن ربه - جل وعلا - رحيم ودود، والله - جل وعلا - أرأف من ملك وأجل من ابتغي وأوسع من أعطى وأرحم من سئل.

فلا ينبغي لمن يتصدر للدعوة أن يقنّـط الناس من رحمة الله - جل وعلا - مهما بلغت ذنوبهم ومهما بلغت معاصيهم، قال الله - جل وعلا - على لسان الخليل إبراهيم: ((قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ)).وقال الله - جل وعلا - على لسان يعقوب: ((إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )) .

فلما استنفذ ما عنده ما زال القوم على إصرارهم لأنهم اختاروا طريق الضلالة ((قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ)) رغم أنهم كانوا عرباً فصحاء يدركون معاني ألفاظه ولكن كما قلت ضُرب على قلوبهم الران لم يريدوا أن يفقهوا أصلا شيئا من دعوته (( قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ{91})). وهذا من أعظم الأدلة لمن قال من العلماء أن الدعوة لا بد لها من سلطان يحميها. فالداعية في مكان مخصوص يحسن به أن يشكل عصبة، والرأي العام أن يكون معه حتى إذا أحتاج إليهم أعانوه في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.



ومناسبة هذه الآية:

أن الله ذكرها عن غيره من الرسل أن شعيب بعث بعد لوط، ولوط - عليه الصلاة والسلام - كان في أرض العراق وآمن مع إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - وكان لوط ابن أخ لإبراهيم، ثم هاجر لوط إلى قرية سدوم فبعثه الله إليهم، فلما دعاهم وجاءت الملائكة إليهم في صورة شباب حسان إلى لوط - عليه الصلاة والسلام - وتآمر قومه عليهم لم يكن للوط عصبة يحمونه ولا يدفعون الشر عنه، ولذلك قال كما قال الله - جل وعلا -: ((قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ)) هود: 80. هذا الأمر قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فما بعث الله نبياً بعده إلا وهو في منعة من قومه) أي بعد لوط.

فإن قوم الرجل وإن لم يؤمنوا به سينصرونه تأخذهم العصبة والحمية بأنهم لا يقبلوا للداعية منهم أن يناله أذى، وهذا قد حصل لنبينا - صلى الله عليه وسلم - فإن الله - عز وجل - بعثه من بني هاشم وقد كانوا من أعز بيوت العرب في الجاهلية كما هو معلوم فلما قررت قريش حصار بني هاشم في الشعب اجتمع بنو هاشم مؤمنهم وكافرهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشعب، بل نقل بعض المؤرخين أن أبا طالب وهو هو على كفره ولم يكتب له الهداية إلا أنه منعة وعصبية وحمية لرسولنا - صلى الله عليه وسلم - كان إذا نام - صلى الله عليه وسلم - في الشعب وأدركته عيون قريش يأتي أبو طالب إذا هجد الناس فيحمل النبي - صلى الله عليه وسلم - ويضعه في مكان آخر ويأتي بأحد بنيه فيضعه في مكان النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى إن كان ثمة أذى ينال ابنه ولا ينال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصدق الله: ((وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ)) الأنعام: 26. ينهى الناس أن يؤذوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وينأى بنفسه أن يدخل في دين الله - جل وعلا -. والمقصود إن من التوفيق والسداد إن يكون للدعوة سلطان يحميها.

((وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ)) فلجأ - عليه الصلاة والسلام - إلى بلاغة الخطاب، حيناً يؤثر وحيناً يغير، ((قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ{92} وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ{93})) .

وصل معهم إلى النهايات قدّم الحجج ذكر البراهين، ذكرهم بالله، رغّب حيناً ورهب أحياناً ومع ذلك قد كتبت عليهم الضلالة من قبل فنزل العذاب فنجى الله شعيباً والذين ءامنوا معه وأهلك الله أهل الكفر والطغيان ((وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ{94} كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ{95})).



يأتي إشكال علمي في قصة شعيب:

ذكر الله شعيب - عليه السلام - في سورة الأعراف وفي هود وفي الشعراء وفي العنكبوت، وقال في ثلاثة منها: ((وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً) أي بعثنا إلى مدين أخاهم شعيبا، ولكن في الشعراء قال جل ذكره: ((كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ{176} إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ{177})) الشعراء. ولم يقل أخوهم شعيب؟

فذهب قليل من المفسرين منهم قتادة - رحمه الله - إلى أن شعيباً المذكور في الشعراء غير شعيبٍ المذكور في هود والأعراف.

وهذا خلاف الصواب وإنما كان ينبغي أن يبحث عن السر الذي من أجله قال الله - جل وعلا -: ((وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً ((ولم في الشعراء أخوهم شعيب؟

والجواب عن هذا وقد قال ابن كثير - رحمه الله - إن هذا من فرائد العلم:

أن الله لما نسبهم إلى القبيلة والأرض وهي ((مَدْيَنَ)) أرضهم وقبيلتهم قال)): أَخَاهُمْ)) لأنه فعلاً أخٌ لهم فهو ابن الأرض التي نشؤوا بها وابن للقبيلة التي ينتمون إليها.

ولما نسبهم إلى معبودهم نسبهم إلى ما يعبدون من دون الله نسبهم إلى الطاغوت ((كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ)) برأ الله - جل وعلا - نبيه من أن يكون أخاً لهم قال - سبحانه -: ((إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ{177})). فبرأه الله - جل وعلا - من أن يصبغ عليه صبغة الأخوة بعد إذ نسب أولئك الكفرة إلى ما يعبد من دون الله - جل وعلا -.



أعظم الدروس من هذه العظة:



أن سلاح العلم أعظم ما ينبغي على الداعية الموفق أن يتزود به.

والنظر في أحوال القرآن وأنبياء الله - جل وعلا - ورسله، ومواقفهم مع أقوامهم من خلال تأمله وتدبره والتفكر فيه يتهيأ للداعية أن يكون داعية موفقاً مسددا. والكمال عزيز، وكلنا ذو خطأ، وقد قال مالك - رحمه الله - عذراً رحم به الأئمة من بعده: " ما منا إلا وراد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر وأشار إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ".

هذا على وجه الإجمال أولى العظات والوقفات مع خطيب الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه.

وفي الأسبوع القادم بإذن الله سنقف مع العظة الثانية ((قهر الرجال)).

علمنا الله وإياكم ما ينفعنا ونفعنا بما علمنا، وجعل أقوالنا وأعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

المجدرات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 


يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc. Trans by
الحقوق محفوظة لمنتدى قرية المصنعة 1426هـ
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78