نعود اليوم لحكاية جارنا مناع
جاء يوم إعلان النتيجة للشهادة الابتدائية , وقد كانوا يعلنون أسماء الناجحين فيها في الراديو (الرادي بلهجتنا) , وكان أهل القرية يجتمعون عند من يملك راديو لسماع النتائج , وما أن أعلن المذيع اسم مناع حتى قفز من مكانه , وأحتضنه أبوه يسمي عليه , وبارك له من حضر , فمثلما كان العمل معاً والحزن معاً , فطبيعي أن يكون الفرح معاً , فعادة أهل القرية المشاركة , في السراء والضراء .
وعاد إلى البيت حيث أمه الحبيبة تنتظره وهي أصلا لا تعرف ما هو النجاح وما هو الرسوب المهم أن ابنها نجح وأن الفرح سيدخل بيتهم , وقد سهروا تلك الليلة قليلاً , والعادة أن ينامون بعد صلاة العشاء مباشرة , فالليل لباس والنهار معاش .
وتمضي الأيام ويشب مناع وهو على عادته لم تغيّر فيه الدنيا شيء , وإن كان حلم السفر يراود نفسه , وخاصة كلما سمع صوت منبهات السيارات , الّتي كانت تنادي على المسافرين كل فجر يوم اثنين من أيام الأسبوع , حيث يقوم المعاون بإطلاق (البواري) بصفة متقطعة , وقد عرف مناع من أبيه أنها تنادي على المسافرين
وفي صباح أحد الأيام صحي من النوم مع الأذان الثاني , وسمع أبوه وهو يتوضأ لصلاة الفجر ويدعو الله أن يبارك له ولأهله في هذا اليوم , وخص منّاع بدعوات أكثر مما دعا لنفسه , فشعر مناع بغصة في حلقه , وبكثير من الحب لهذا الأب الحنون.
ولدى وصولهم البيت عائدين من المسجد(المسيد بلهجتنا), كانت الأم قد أعدت قهوة الصباح , مع حبات تمر من (القسبة) الفاخرة , الّتي لم يعد لها وجود اليوم , وكان أبوه يضع بعض الحبات في فنجال القهوة , ثم يصب عليها القهوة الساخنة ويتركها تطرى قليلاً , فالقسبة من أنواع التمر القاسي , الّتي يصعب حتى على السوس اختراقها , وأثناء تناول قهوة الصباح , ألتفت الشيبة لأبنه وقال : يــاولْد نبغي ننكح لك.
تفاجأ مناع بكلام والده فلم يكن هناك أي مقدمات , وقد قاله الأب بلهجة بسيطة وكأنه يقول : بكره بنحرث عارض الشعب الأعلى .
أبدت الأم الموافقة مما يعني أن (الشيبة والكهلة ) قد بيتوا النيّة من زمن , واستلمت أمه زمام الحديث وألقت باسم واحدة من الصبايا , وما أن سمع الاسم حتى طاش فكره , فقد كانت أمانيه باتجاه , وهم في اتجاه مضاد , ورأى الحمامة الّتي كانت معششة في علبة الصفيح تحت الجناح وهي تطير فتخيّل أن أحلامه طارت معها.
ولكن حب والديه تغلّب على هواه ورضي بما قسم الله له , وستبدي له الأيام لاحقاً , أن خيار أبيه له كان نعم الخيار .
والآن أترككم مع هذه الخواطر علّها تعجبكم إن شاء الله.
نعود اليوم
لحكايه.......
حكاية جارنا مناع
حكاية عمر من ماضي
وش آقل لك
وش أوصف لك
عن الأفراح والأحزان
عن الدنيا وما قد كان
وقولة شيبة الرحمن
يـــــــــا ولْدي
بننكح لك
ونطّا قلبه من صدره
كما اللي عمره
ما قد شاف سياره
ومرّه واحده كنّه
مِلِك (كدلك)
ضحك من فرحته لكن
توقف عند صوت آبوه
حين أكمل
ترى بخطب فلانه لك
وضاعت زهرة الرمان
وأحلامه وحب زمان
وأبوه أفلح يعدد
في صفات البنت
فلانه تعرف الوادي
وتعرف تعمل البلدان
تحمي الطير
تجيب الماء
تشيل أكبر عزوف
الطلح للنيران
وصل قلبه لحنجرته
بغى يحتج وتلكلك
وأبوه أفلح يعدد
في صفات البنت
يقول اسمعني
يا مناع
من الصيف الذي
قد فات
انا وامك ندوّر لك
وما فالبيت
غير انته وانا وامك
وبغينا بنت تخدمنا
وتلمح لك
وشفنا البنت
فالسرحه وفالروحه
تكد كما حمارة
خالك المقرون
ذا سافر ولا قلّي
ولا قلّك
تلمّح بعدها مناع
فالشيبه
تجاعيد الزمن
خلت صنادح
شيبته حيبه
ولوح الشمس
قد خلاّ
بياض الوجه
مثْلْ قناع تركيبه
وشاف أمه
سنين الدهر ما أبقت
من الماضي
سوى الطيبه
تذكّر كيف ذا الشيبه
طوال العمر
يسعى في مطاليبه
وذيك الكهله
فالمغدى
وفالماجا تفدّي به
تقول الدفع بي
لأجلك
وضحّى لأجلهم منّاع
ضحّى
بزهرة
الرمان