بسم الله الرحمن الرحيم
مطويات من تحت الباب (15)
قلوبنا التي ترتج لها صدورنا ، هي مصدر سعادتنا ، وعذاباتنا ، وآلام أخرى لا نعرف كنهها !
على اختيار منّا نغلفها بقسوة يَخال لأحدنا أن قلبه قد قُدَّ من صخر ، يواجه به الخصوم ، وأشد المآسي فتكاً ، فحيل تلك المضغة العظيمة إلى مكان تسكنه الفجيعة ، والترهيب لكل من يرتجي فيها نبضة مودة أو رعشة عشق .
نجالس بعضنا البعض ، ونسامر أطيافنا ، ونطارد أحلامنا في هذه الحياة الدنيا ، وتظل قلوبنا مسكونة بملامح اقتحمتها دون رغبة منا .
إلا أننا نكابر ، وننكس بالخيبات ، أمامها ، فلا نجرؤ على الاعتراف بإنسانيتنا ، وأدميتنا ، وأن ذلك مما لا يمكننا أمامه إلا أن نرجو ألا يؤاخذنا ربنا فيما مالت إليه قلوبنا .
إنه الحب ، لا ... لا ... إنه الطمع ، ويمكن أن يكون الامتحان لإيماننا وسطوة تلك الوساوس الشيطانية .
أو لإثبات أننا لا زلنا في كامل عافيتنا العاطفية ، ومجاراة تبدل أشكالنا الخارجية ومدارات بوادر الهجر القادم فيما بقى من أيامنا.
إنه الشباب عندما يظل فتياً في القلب كما كان أيام الصبا ، نستنجد به عند اللقاء ولحظات الفراق ، عندما يخذلنا من حولنا ولا يرون فينا إلا تلك الهامة الآيلة للسقوط .
وماذا عن قلبها هي ؟!
لقد اعتدنا ألا نرى غير قلوبنا نحن معشر الرجال ، ولهذا نتعهدها بالسقيا ، والري المحوري أينما يممت بنا الخطى في مشارق الأرض ومغاربها !
نعم ... في هذه قلوبنا وإن لم تكن قد قدت من صخر إلا أننا نحيطها بأسوار لبناتها من الجرانيت ، ومن باب التجمل أمام بعضنا البعض نعلق عليها أستار ملونة للتمويه ، خططنا عليها أشعارنا وسوالفنا الرقيقة بالنيابة عنها !
يا سيدي ... إنها لا تجرؤ أن تنثر ما في قلبها لأقرب الناس لها ... حتى إذا مرض قلبها بحثنا من تقسطره لها ... وإذا لم نجد حواء مثلها ... دعينا الله تعالى أن تحيا ويموت قلبها !
فاللهم ألطف بقلوبنا واجعل نياتنا مهاجرة إليك دوماً ، ندعوك إلهي فقد تحجرت قلبونا ... ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .
25/2/1430هـ