في مطار الباحة وفي صالة المغادرة بالتحديد تنفست الصعداء ,,,حيث كنت أول
الواصلين في سباق مع المسافرين أشبه ما يكون بسباق الراليات
,,, وبعد أن تسلمت بطاقة صعود الطائرة
قبل أن تزدحم الصالة بطوابير المسافرين ,,,
كعادة المسافر الحزين عندما يودع الديار ويفارق الأهل والخلان,,
انزويت في أحد أركان الصالة انزواء المنكسر الحزين ,,
بالقرب من البوفيه تحسبا لأي طارئ ,,,,
يعجبني كثيراً مثل مصري بسيط
(اللي تلسعه الشربة ينفخ في الزبادي)
في الزاوية الجنوبية الغربية بالقرب من الزجاج الخارجي
كانت محطة استراحة ما قبل الرحيل الذي
لم يبقى عليه سوا الساعة ونصف الساعة ,,,
جو بارد . وريح عاصف .والغيوم حجبت أشعة الشمس !!!
حملتني موجة التفكير العاتية على رقصات
أغصان أشجار الفكس البائسة,,
كان الوقت يمر سريعا ,,ربما لأني أشغلت نفسي
بعد قطرات المطر ,تنزلق على زجاج واجهة مدخل الصالة من الخارج ,,,
أو سماع حبات البرد المتناثرة على سقف المطار المعمول من الشنكو ,,,,
رجعت من مشواري الذهني البعيد القريب ,,
فقت من سرحاني الغريب على صخب سماعات المطار ,,
انتباه
,,,,, تعلن الرحلة رقم (000)والمتجه بمشيئة الله إلى مطار (,,,,,)
عن تأخر موعد إقلاعها ,,, لم يكن الأمر
بالنسبة لي غريب الأمر عادي وطبيعي جدا
,,,متعووووووده دااااااايماً ,,,,,
استأذنني أحد المسافرين ,, بالجلوس معي على نفس الطاولة
نظراً لقلة مقاعد الانتظار في الصالة ,,, رغم فارق السن إلا أنني
أبديت له ارتياحي وأطلقت ابتسامة القبول مع بعض عبارات
الترحيب الغير مكلفة (حياك الله يا عم ,,,
تشرب شاهي بـ اربعة ريال؟
طيب موية صحة بخمس ريال؟
اش رايك عصير أبو ريال بعشرة ؟
أخذت نفس عميق بعد أن أعتذر عن قبو الضيافة
التي هي في حقيقتها غير جادة ,,,
لفت انتباه صاحبي كما لفت انتباهي طابور الحجوزات الغير مؤكده
(الانتظار)
ابتسم صاحبي ابتسامة عريضة قبل أن يلتفت
الجلوس على الطاولات المجاورة
على أثر ارتفاع ضحكته المضحكة
,,,, تبسمت,,,
جاملت,,,
ضحكت,,,,
سكت ,,,
ثم سألت ,,,,
ما يضحكك يا عم ؟
عاوده الضحك مرة أخرى !!!!
لا أخفيكم أنني فضلت الاستئذان والوقوف
على قدمي المنملتان من كثرة الجلوس وطول
الانتظار حتى يحين إعلان موعد الإقلاع
,,, تلافيا للإحراج ,,, قررت أترك
الطاولة التي اعتبرتها في تلك اللحظة ملك من أملاكي الخاصة
قبل أن أعلن القرار الأخير وأتل على مسمعه البيان ,,,
فاجأني بسؤال ,,,هل تعرف معنى الحرية المقيدة؟
قلت له لا!! لم اسمع بهذا المصطلح من قبل !!!
عاوده الضحك ,,, ولكن هذه المرة لم يدم طويلا ,,,,
هز رأسه واخفض صوته وأحنى
ظهره وطلب مني أن أدنو منه
,,, وقال يا ولدي لا تنزعج ,,,
تذكرت سالفة حمار أكرمك الله ,,
يقوده مالكه الذي يمتطي ظهره إذا فرغ أحماله الثقيلة ,,,
وكان صاحب الحمار يملك حديقة حيوان خاصة يتدافع عليها الناس
نهاية كل أسبوع لمشاهدة الحيوانات المختلفة ,,
مقابل دفع مبلغ زهيد من المال
,,, دخل الحمار الحديقة محملا بالتبن الثقيل
أكرمك الله ,,,, وعندما وصل إلى مقر
بني جلدته نهق احدهم بصوت عالي ,,
يا زين الحرية!! ثارت بقية الحمير في الحديقة
وأبدت احتجاجها على السجن الغير مبرر ورفعت
أصواتها طلبا للحرية ,,,, قال صاحب الحديقة
الذي كان يفهم لغة الحيوان أيه الحمير
ما هي ألا (حرية الكرباج) ,,,
في هذه اللحظة
انتباه
على السادة المسافرين على الرحلة رقم ( 000)
والمتجه بمشيئة الله إلى مطار(,,,) بالتوجه للصالة
الداخلية مرورا بالجوازات استعدادا لصعود الطائرة ,,,
لم أهتم بالقصة ولم أفكر في معنى الجملة إلا بعد
حصولي على رقم متأخر في صفوف طابور
الانتظار في رحلة أخرى بمطار الباحة,,,
سحااااااااااااااااااااااااااااااابة صيف