علموهم أن الله معهم
لا شك أن تأسيس العقيدة السليمة عند الطفل منذ الصغر أمر بالغ الأهمية، لأنها المدخل الضروري لإصلاح فكره وسروره، فلو أن مربياً يشكو من ولده وعقوقه له جلس مع نفسه لحظات يعود بذهنه إلى شريط التربية كيف كان سيره؟ وهل اتبع النهج النبوي وتعاليم الإسلام في ذلك الاتباع السليم؟ أم أنه لم يعطه حقه الوافي.
فحين يكون بناء العقيدة هشاً، فإن كل ما تؤسسه فوقه لابد أن ينهار، والذي يريد أن تقر عينه بذريته، ويتنفس الصعداء في الكبر.. عليه ألا يتوانى عن تربيتهم عقدياً.
فمن عرف الله قطع كل الطريق إلى التوازن النفسي والصلاح السلوكي لنفسه.
ولابد أن يحدث التوازن بين الغذاء للجسم والغذاء الروحي.
فالروح تحتاج إلى الغذاء الذي يرتقي بها نحو السماء ويرفعها عن درن الأهواء والضلال، فتحلق في رحاب الله مستمدة فيه التعاليم والقيم فتضل سعيدة في الدنيا ثم تكتمل سعادتها في الدار الآخرة، في مستقر رحمة بارئها وخالقها.
أما الاهتمام الزائد بالجسد مع إهمال الروح فإن الجسد يضل ملتصقاً بالطين متمسكاً بالدنيا وهواها الزائل ليس له هم سوى إشباع جسده الجائع كيف ما كان غذاؤه ويستمر على حالته الثقيلة حتى يلقى خالقه وهو لم يعرفه بعد ولم يدر كيف يؤدي حقه، ولا ينفع الندم حينها.
فتخير أيها المربي ترضاها لولدك، بالطبع ومما لا شك فيه أننا نحب الخير لأبنائنا ونتمنى لهم السعادة الأبدية والرضا الدائم في الدارين.
إذاً أيها الراعي! لتكن جاداً ومستيقظا لأداء مهمتك ببراعة وإبداع ولتكن مراقبة الله ومعرفته من الأمور الأساسية التي لابد أن تكون في الواجهة أثناء التربية.
يقول عبد الله بن دينار: خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مكة فعرسنا في بعض الطريق فانحدر عليه راع من الجبل فقال له: يا راعي بعني شاه من هذه الغنم؟ قال: إني مملوك، فقال: قل لسيدك: أكلها الذئب؟ قال فأين الله؟ قال: فبكى عمر رضي الله عنه ثم غدا إلى المالك فاشتراه من مولاه، وأعتقه وقال: أعتقتك في الدنيا هذه الكلمة وأرجو أن تعتقك في الآخرة.
فأي نشأة نشأ ذاك الراعي المملوك؟ وأي تربية تلقاها؟
المصدر: مجلة الشقائق (142).