.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
( من فتاة إلى أبيها )
أبي الغالي ..
ترددت كثيرًا في كتابة هذه الأسطر .. لكن فراغًا في نفسي .. وحاجة إليك هي التي دفعتني للكتابة .. آملة أن تصلك كلماتي وأنت بخير وعافية ..
يا سراج دربي .. أعرني سمعك .. وافتح لي قلبك .. وأصغِ إليّ كما تُصغي لحديث رفاقك ..
أنا بُنيَّتك يا أبي ..
لحظة من فضلك ..
فما يجري في حياتنا من روتين ممل أزعجني كثيرًا .. وجعل في نفسي مساحة جدباء بحاجة إلى سحابة عطائك .. وريّ حنانك ..
فما أن تُشرق شمس الصباح إلا ويشق كل واحد منا طريقه للعمل ..
لكنك يا أبي لم تسأل من يذهب بي إلى المدرسة !!
لقد أوكلتني وإخوتي إلى جارنا .. رغم أننا نملك سيّارة كبيرة .. فتجعلني أشعر بالحرج الشديد ..
كل صاحباتي أراهن يأتين ويذهبن مع آبائهن ..
أما أنا .. فمع جارنا !
أضاقت سيّارتك لفلذات أكبادك ؟!
ثم إني دائمًا أسعد كثيرًا في نهاية العام المدرسي لأراك أمامي في المنزل ..
لأبث لك متاعب اليوم .. وأسرد عليك مواقفه ..
ولكن ..
لا أجد إلا أمي التي تصغي ! ..
وأخواتي وإخواني الذين هم في عراك مستمر ..
وأبي .. أين هو؟!!
كعادته مدعو عند رفاقه للغداء ..!!
يا أبي ..
عندما نتحلق على مائدة الغداء .. فأنا لست بالجائعة للشراب ولذيذ المشرب ..
لكنني متعطشة إلى وجودك بجواري ..
لقد اشتقت إليك كثيرًا ..
أبي ..
ليتني أشياء تتقلب بين يديك دائمًا .. جريدة .. جوّال ..
هذه الأشياء التي أغار منها .. وأشعر بأنها تحظى بالحنان أكثر مني ..
أبي ..
لا تكن سطوري هذه – كما يقولون – مما يزيد الطين بلة ..
إنني أقولها لك مرة أخرى ..
أتحرّج من أشياء كثيرة بين صديقاتي .. فهل سألتني عنها ؟!!
أجلست معي ولو لنصف ساعة لتسألني عن أشياء كثيرة كان من الواجب عليك أن تتابعها معي ؟!
هل سألت عن حجابي .. عندما أخرج من وإلى المنزل ؟!!
هل تفقّدته إن كان كاملاً .. أو مبهرجًا مزيّنًا ؟!
ولكن يا أبي .. الهادي الله ..
هل تفقدت غرفتي .. وما تحويه مكتبتي من كتب وأشرطة ؟!
هل سألت : ماهذه المجلة ؟ .. ما هذا الشريط ؟
هل فتحت خزانة ملابسي ورأيت ما تحوي؟!
لعلها أن تكون ثيابًا لا تليق بمسلمة ..!
هل سألت عن إخوتي .. في أوقات الصلوات ؟!
هل أدوها في جماعة ..أو ضيّعوها بسبب مباراة في الكرة .. أو مسلسل ..
أو عن الريموت كنترول في يد من يقع .. وما هي المشاهد التي تُعرض أمامنا ؟!
إن ما أسمعه منك على الداوم : هل اتصل عليّ أبو فلان ؟
دعني أذكّرك أبي .. بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم :
" كلكم راعٍ ، وكلكم مسؤول عن رعيته "
يا ربّان السفينة ..
علقنا بك – بعد الله – آمالنا ..
فخذ بنا إلى مرفأ الأمان ..
وارفع أشرعة الحب والحنان ..
يا ربّان السفينة ..
موج البحر عاتٍ ..
وظلام الشر آتٍ ..
أبي ..
هذا خطابي .. فحاسب نفسك .. قبل يوم الحساب ..
وسلام من الله عليك ورحمته وبركاته ..
رعاك الله .. يا أغلى من في الوجود لي بعد أمي ..
التوقيع : ابنتك المحبة
م/ن