مفتاح الجنة
قال الحسن بن عرفة : حدثنا إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي حسن عن شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: مفتاح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله رواه الإمام أحمد في مسنده ولفظه: مفتح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله .
وذكر البخاري في صحيحه عن وهب بن منبه أنه قيل له:
أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله ؟
قال: بلى، ولكن ليس مفتاح إلا وله أسنان، فإن أتيت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح.
وروى أبو نعيم من حديث أبان عن أنس قال: قال أعرابي: يا رسول الله، ما مفتاح الجنة ؟
قال: لا إله إلا الله .
وذكر أبو الشيخ من حديث الأعمش عن مجاهد عن يزيد بن سخيرة قال:
إن السيوف مفاتيح الجنة.
وفي المسند من حديث معاذ بن جبل قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا أدلك على باب من أبواب الجنة ؟
قلت: بلى ، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله .
وقد جعل الله لكل مطلوب مفتاحاً يفتح به، فجعل مفتاح الصلاة الطهور، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: مفتاح الصلاة الطهور ومفتاح الحج الإحرام، ومفتاح البر الصدق، ومفتاح الجنة التوحيد، ومفتاح العلم حسن السؤال وحسن الإصغاء، ومفتاح النصر والظفر والصبر، ومفتاح المزيد الشكر، ومفتاح الولاية المحبة والذكر ومفتاح الفلاح التقوى، ومفتاح التوفيق الرغبة والرهبة، ومفتاح الإجابة الدعاء، ومفتاح الرغبة في الآخرة الزهد في الدنيا، ومفتاح الإيمان التفكير فيما دعا الله عباده إلى التفكر فيه، ومفتاح الدخول على الله إسلام القلب وسلامته له والإخلاص له في الحب والبغض والفعل والترك، ومفتاح حياة القلب تدبر القرآن والتضرع بالأسحار وترك الذنوب، ومفتاح حصول الرحمة والإحسان في عبادة الخالق والسعي في نفع عبيده، ومفتاح الرزق السعي مع الاستغفار والتقوى، ومفتاح العز طاعة الله ورسوله، ومفتاح الاستعداد للآخرة قصر الأمل، ومفتاح كل خير الرغبة في الله والدار الآخرة، ومفتاح كل شر حب الدنيا وطول الأمل.
وهذا باب عظيم من أنفع أبواب العلم وهو معرفة مفاتيح الخير والشر لا يوفق لمعرفته ومراعاته إلا من عظم حظه وتوفيقه، فإن الله سبحانه وتعالى جعل لكل خير وشر مفتاحاً وباباً يدخل منه إليه، كما جعل الشرك والكبر والإعراض عما بعث الله به رسوله، والغفلة عن ذكره والقيام بحقه مفتاحاً للنار، وكما جعل الخمر مفتاح كل إثم، وجعل الغي مفتاح الزنا، وجعل إطلاق النظر في الصور مفتاح الطلب والعشق، وجعل الكسل والراحة مفتاح الخيبة والحرمان، وجعل المعاصي مفتاح الكفر، وجعل الكذب مفتاح النفاق، وجعل الشح والحرص مفتاح البخل وقطيعة الرحم وأخذ المال من غير حله، وجعل الإعراض عما جاء به الرسول مفتاح كل بدعة وضلالة.
وهذه الأمور لا يصدق بها إلا كل من له بصيرة صحيحة وعقل يعرف به ما في نفسه وما في الوجود من الخير والشر، فينبغي للعبد أن يعتني كل الإعتناء بمعرفة المفاتيح وما جعلت المفاتيح له والله من وراء توفيقه وعدله، له الملك وله الحمد، وله النعمة والفضل، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.