البطولة الحقة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
كم نسمع كثيرا عن بطولات سعى الكثير لنيلها ، خصوصا في رمضان ، شهر الرحمة والبركة ، شهر تقال فيه العثرات وتجاب الدعوات ونغفر فيه الزلات شهر ليله قيام ونهاره صيام ومع ذلك تسمع عن بطولات لا ترقى إلى ما يتطلع إليه العابدون المسارعون، بطولات في الكرة أو الورقة أو التفحيط أو البيع والشراء والأخذ والعطاء .
لكن أما سمعت أن هناك بطولات في هذا الشهر لها طعم من نوع آخر . المشاركون فيها بإخلاص جميعهم فائز ومنتصر إنها البطولة الكبرى .
أول البطولات البطل فيها من استطاع كبح جماح نفسه وخطم شهوته فصام لله طائعا صابرا محتسبا . إذا البطولة الحقة أن ترى الشباب والشابات كل ألزم نفسه الطاعة فصام وقام وترك الحرام وحفظ الجوارح وسعى في الخير فتراه مسارعا إلى الصلاة اذا سمع النداء والى الصيام إذا بدأ الإمساك وإلى المشاركة في تفطير الصائمين عند الغروب والى الذكر والتلاوة إذا خلا بنفسه مع ربه إن كان له مالا تصدق وإن كان به قوة شارك في العمل الصالح إنها البطولة الحقة .
بطولة أخرى لذلك الذي أغضب الشيطان فترك الدخان والشيشة وغيرها من المحرمات تقوى لله تعالى راغبا في الجنة . بطولة حقة لمن غض بصره عن النظر الحرام في الشاشات أو الشواطي والأسواق .
بطولة لمن ترك مقارفة المنكرات وعلم أن له ربا يطلع على الخفايا .
بطولة لمن تاب وأناب وعرف الحق وسعى إليه فيصل رحمه ويبر والديه ويحسن إلى الفقراء ويساعد المحتاجين .
بطولة عندما يلزم كتاب الله فيجعل له وردا يتقرب به إلى الله .
كلها بطولات لكن لها مذاق الإيمان والأنس بالقرب من الرحمن فهل ترى بطولة أعظم منها ، لا والله إنها بطولة جائزتها جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين . لأن الخاسر كل الخسارة من لا يدرك هذه البطولات فيغفر له في رمضان .
رمضان أقبل قم بنا ياصاح هذا زمان تبتل وصلاح
فاسعد أخي بصيامه وقيامه تسعد بخير دائم وصلاح
يعلم صاحب هذه البطولات الربانية أن الراحة في الجنة والحور العين مهرهن بالعمل في الدنيا
يا خاطب الحوراء في خدرها وطالب ذلك على قدرها
انهض بجد ولا تكن وانيا وجاهد النفس على صبرها
وقم إذا الليل بدا وجهه وصم نهارا فهو مهرها
فهل من مشمر لهذه البطولات ومترفع عن تلك الدنيات . ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) اللهم ألهمنا رشدنا ويسر الهدى لنا واغفر لنا ولوالدينا .