قال العلامة الفهامة حبرمن احبار هذه الأمة بن قيم الجوزية رحمه الله:
الخطرات والوساوس
اعلم ان الخطرات والوساوس تؤدي متعلقاتها إلى الفكر فيأخذها الفكر فيؤديها إلى التذكر ، فيأخذها الذكر فيؤديها إلى الإرادة فتؤديها الإرادة إلى الجوارح والعمل ، فتستحكم فتصير عادة ، فردها من مبادئها أسهل من قطعها بعد قوتها.
ومعلوم انه لم يعط الإنسان أمانة الخواطر ولا قوة على قطعها فإنها تهجم عليه هجوم النفس ، إلا ان قوة الإيمان والعقل تعينه على قبول احسنها ورضاه به ومساكنته له ، وعلى دفع اقبحها وكراهته له ونفرته منه كما قال الصحابة (( يارسول الله ، ان احدنا يجد في نفسه ما لأن يحترق حتى يصير ححمة (فحمة) احب إليه من أن يتكلم به فقال صلى الله عليه وسلم : او قد وجدتموه ؟ قالوا رضي الله عنهم نعم ، قال ذالك صريح الإيمان )) وفي رواية(( الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة )) وفيه قولان احدهما : ان رده وكراهته صريح الإيمان .
والثاني: ان وجوده وإلقاء الشيطان له في النفس صريح الإيمان ، فإنه إنما القاه في النفس طلبا لمعارضة الإيمان وإزالته .