ياه .. بعد زفرة متحشرجه تزلزل لها صدره المثقل بالآلام .. أتبعها : في هذا المكان تحديداً بكت أمي كثيراً .. والدي لم يكن قاسياً بما فيه الكفاية ! ابتسم بسخرية بعد أن رمقني بنظرة دامعة ..
لا أدري لماذا لم يكن حنوناً على أمي مثل ما يكون وهو خارج البيت ، لقد كان شخصاً آخر يتقرب منه الجميع ، رأيتهم بأم عيني يمازحونه ويضاحكهم .. يبدو أن أمي الحنونة المغلوبة على أمرها قد تروضت على طبعه وهفواته التي تبدأ وتنتهي بالدموع ..
ثم تحرك قليلاً باتجاه الشباك المتهدم .. وهنا نعم هنا في هذا الشباك لم أكن أتلذذ بأكل (قرص الملعقة اليابس) إلا وأنا ممسكاً بأحد أعمدته الحديدية .. سكت قليلاً .. يبدو أن أول من وضع شباكاً في بيته قد اقتبس شكله ومضمونه من زنزانة ما في أحد السجون ، ليت البشر يفتحون مثله في قلوبهم وعقلوهم للمساجين المظلومين كما يتبجحون بالتسامح المؤود بينهم!
تعال تعال .. اقترب مني .. و .. في هذه الزاوية .. لا في هذه .. التفت إليًّ ثم قال مستغرباً : تصدق .. لقد أضعت مكانها !
مكان ماذا يا عم ؟
المكان الذي فقدت فيه ذاكرتي .. ألا ترى .. ثم انتابته نوبة من الضحك الشديد .. ليقول : منذ أن بدأت أسرد لك كل تلك الذكريات وأنا في المكان الخطأ .. هيا رجل .. اتبعني هذا ليس بيتنا .. بيتنا هناك في أعالي القرية !
محبكم أبو الطيب
المصنعة 17/10/1427هـ