إن كنت فقيرا فغيرك محبوس في دين ، و إن كنت لا تملك وسيلة نقل فسواك مبتور القدمين ، وإن كنت تشكو من آلام فغيرك يرقدون على الأسرة البيضاء ومن سنوات ، وإن فقدت ولدا فغيرك فقد عددا من الأولاد وفي حادث واحد ،لأنك مسلم آمنت بالله ورسله وملائكته واليوم الآخر والقضاء والقدر خيره وشره .
لا تحزن ، إن أذنبت فتب ، وإن أسأت فاستغفر ، وإن أخطأت فأصلح ، فالرحمة واسعة والباب مفتوح ، والغفران جم ، والتوبة مقبولة .
لا تحزن لأن القضاء مفروغ منه ، والمقدور واقع ، والأقلام جفت ، والصحف طويت ، وكل أمر مستقر ، فحزنك لا يقدم في الواقع شيئا ولا يؤخر، ولا يزيد ينقص .
لا تحزن لأنك بحزنك تريد إيقاف الزمن ، و حبس الشمس ، و إيقاف عقارب الساعة ،والمشي إلى الخلف ، ورد النهر إلى مصبه .
لا تحزن لأن الحزن كالريح الهوجاء تفسد الهواء ، وتبعثر الماء ، وتغير السماء ، وتكسر الورود اليانعة في الحديقة الغناء .
لا تحزن وأنت تملك الدعاء ، وتجيد الانطراح على عتبات الربوبية ، وتحسن المسكنة على أبواب ملك الملوك ، ومعك الثلث الأخير من الليل ، ولديك ساعة تمريغ الجبين في السجود .
لا تحزن فإن الله خلق لك الأرض وما فيها ، وأنبت لك حدائق ذات بهجة ، وبساتين فيها من كل زوج بهيج ، ونخلاً باسقات لها طلع نضيد ، ونجـوما لامعات ، وخمائل وجداول .
لا تحزن فأنت تشرب الماء الزلال ، وتستنشق الهواء الطلق ، وتمشي على قدميك معافى ، وتنام ليلك آمنا .
لا تحزن ، أما ترى السحاب الأسود كيف ينقشع ، والليل البهيم كيف ينجلي ، والريح الصرصر كيف تسكن ، والعاصفة كيف تهدأ ؟!
إذاً فشدائدك إلى رخاء ، و عيشك إلي هناء ، و مستقبلك إلى نعماء .
لا تحزن ، لهيب الشمس يطفئه وارف الظل ، وظمأ الهاجرة يبرده الماء النمير ، وعضة الجوع يسكنها الخبز الدافئ ، ومعاناة السهر يعقبها نوم لذيذ ، وآلام المرض يزيلها لذيذ العافية، فما عليك إلا الصبر قليلا والانتظار لحظة.
لا تحزن فإن عمرك الحقيقي سعادتك وراحة بالك ، فلا تنفق أيامك في الحزن ، وتبذر لياليك في الهم ، و توزع ساعاتك على الغموم ، ولا تسرف في إضاعة حياتك فإن الله لا يحب المسرفين ، كن مع الله بالصدق والعبادات ومع الناس بالإنصاف ومع النفس بالقهر ومع العلماء بالتواضع ومع الشيوخ بالخدمة ومع الوالدين بالإحسان ومع المحتاجين بالعون ومع الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنه
منقول ( الراوي يجرح ويداوي )