تلعب وسائل الاعلام على اختلاف أنواعها دور المروج الأول والأهم للمواصفات النموذجية للجمال ولآخر صرعات الموضة. مواصفات تكاد تكون واحدة في كل انحاء العالم، تبتكرها عواصم الموضة وتحذو حذوها كل دول العالم النامية منها والمتحضرة، لتتكرس بذلك صورة محددة للجمال تضع كل من تخرج على مقاييسها في موقع تفقد فيه ثقة الآخرين واعجابهم. وهذه الصورة الاعلامية المثالية تدفع معظم الفتيات الى التماثل بها والوقوع في أسر دائرة مفرغة ليس بغية دخول عالم الشهرة، وانما انطلاقا من أن هذه المعايير الجمالية المكرسة أصبحت هاجسا يؤرق مضاجع الفتيات والنساء العاديات اللواتي يلجأن الى عمليات تجميلية واتباع الحميات العشوائية التي تترك آثارها السلبية على الصحة.
فالعارضات والفنانات اللواتي تجتاح صورهن صفحات المجلات والصحف رسمن طريق الجمال وأثرن على ارتفاع نسبة المبيعات أو تدنيها وفق جمال العارضة التي تحتل صورتها الغلاف أو الفنانة وأناقتها وقدها الممشوق بل النحيل. كما أن انتشار القنوات والمجلات المتخصصة بالمرأة وهمومها الجمالية ساهم الى حد كبير في تفشي هذه الظاهرة. أما الخطورة فتكمن في أن هذه الوسائل تلعب دورا «تزويريا» فتخفي الحقيقة وتقتصر مهمتها على تحسين الصورة ليظن المتلقي ان صاحبتها في أبهى حلة. والسبب هو المستحضر الطبي او التجميلي الذي تروج له. وتدفع الراغبات الى استخدامه عشوائيا من دون استشارة طبيب. هذا الواقع يضع الاعلام في قفص الاتهام ويحمله مسؤولية غسل عقول الناس ودفعهم الى تقليد أعمى مع اغفال تام لتأثيرات هذه الوسائل المضرة بالصحة، وعدم توعية المشاهد الذي لا يعرف أن الجمال مسألة نسبية ذات وجوه وأشكال متعددة وليست لها مقاييس محددة تنطبق على جميع الناس.