المتشائيلون أقل عدداً والأكثر تأثيراً!!
من ينظر للحياة بتفاؤل ولو كان مصحوباً ببعض الأمل ( المسروق ) من بين ركام المشاكل الحياتية ومنغصاتها اليومية ، يمتطي صهوة جواد سرجه مصنوع من شعاع سراب الأماني المستحيلة !
ومن ينظر للحياة بسوداوية لا يرى فيها شيئاً جميلاً أو يبشر بخير في قادم الأيام . قد يكون محقاً ؛ فصوت الرصاصة أضحى مخضّباً بالدم البرئ ، ووخزات الألم مغلّفة بمواساة مغتصبة !
بحكم عاداتنا وتقاليدنا لا نكترث كثيراً لهكذا أمر ، فسطوة الاستهلاك للحياة بلغت مداها في دواخلنا ، وكل ما حولنا يمكن تعريبه لقتل صورها المفرحة ، وتلك المخجلة ، الأخت غير الشقيقة !
ألا ترون أن الكثير من مباهج الحياة واختراعاتها أضحت نقمة علينا ، نقابلها بالرفض الشديد والوعيد بسوء المصير ، وفي الوقت نفسه نحتال على مواقفنا تلك بتمريرها بيننا تحت أي تبرير ولو لم يكن مقنعاً !
ألا ترون أن الكثير من مشاكلنا في قائمة صالح للنشر ، وقابل للنقاش والتحليل واصدار التوصيات بشأنها ، ولكن على طاولة نقاش لم نختار مكانها أو حتى لونها ومن يحق له الجلوس حولها !
ألا ترون كيف نعالج مشاكلنا ، ونثير قضايانا ، ورسم مستقبلنا ؟ لا يهم ، بما أن الظل قد تنشره نبتات سقيت بمياه غير صالحة للشرب !
ألا ترون أن التفكير بصوت مسموع يخيفنا في السر والعلن ، ويتحول إلى كوابيس في منامنا ، ولكي لا نندثر بسبب تداعيات ذلك الهلع ، ها نحن نتشكل في محميات ضربنا سياجها حولنا طواعية مع أن أمهاتنا ولدننا أحراراً !
ألا ترون على ماذا تلتهب كفوفنا ، وكيف نتلذذ بخيباتنا ، ونجتر جروحنا التي لم تندمل بعد ، وكأن التاريخ ليس بسفر التكوين الثاني للجغرافيا !
حتى الإنسانية التي منّ بها الحق جل في علاه علينا ، لم تسلم من أذانا ، وقررنا أن نتعامل معها كأي رداء يتم تفصيله على مقاسات البشر عند أي ترزي !
ولكي لا أكـون ذا موقف سلبي – أمام نفسي على الأقل – فليس أمامي إلا التشاؤل ، والموقف الوسط الذي لن أحسد عليه ، علّني أجد طريق عودة تحفه دعوات المصلين الطيبين إلى هدأت النفس واستمرار الحياة بحلوها ومرها ؛ متى حلت بنا ساعة احتراب في هذه الدنيا الفانية .
بصراحة متشائلة ، المتشائيلون لا يتكاثرون بسهولة ولا يتناقصون بسرعة ، ولا خوف عليهم بما أنهم الأقل عدداً والأكثر تأثيراً !!