[align=justify:2077cd6ef3]في زمن مضى ...ونسأل الله أن لا يعود ...كان مجتمعنا الصغير في القرية اعتماده بعد الله سبحانه وتعالى على ما تجود به الأرض ..وطبعاً نقول (الأرض تجود) بمعنى مجازي فهي في الحقيقة لا تجود إلا لمن عمل فيها (حرث وسقى وصرم وداس وذرّى) وتعاهدها من الحشرات كالجراد وتعاهدا من الطيور وفي كل مرحلة من المراحل كان التعلق بالخالق جل شأنه أن يتم النعمة (ولكن)
برغم كل هذا كانت تأتي سنين جَدبٍ تَمُرُّ على القرى بأسرها فيتوقف المطر عن الهطول وتجف الأبيار والنجول ويفنى الحلال ( الأبقار والأغنام) عندها يكون زمن الجوع ويبدأ التفكير في السفر وتكون أرض (الحبشة) هي الهدف فيرحل الرجال إلى هناك وللحقيقة فغالب أهل القرية قد سافروا إلى هناك. ولا بد من ركوب البحر من القنفذة ومعروف أن البحر(الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود) وهذا مثل قديم . وعندما يشاء الله لهم بالوصول وقبل أن يطيب لهم المقام يبدأ الحنين إلى القرية والأهل والأبناء. ولكن سرعان ما تجرفهم عجلة الحياة ويستمرون في العمل لتحقيق ما أتوا من أجله . ولا يلبث بعضهم ، بعد جَمْعِ ما يخيّل إليه أنه يفي بالغرض . أن يعلن الرحيل ، فيأتي الآخرون لوداعه وأيضا إعطاءه وداعة (أمانه) لأهلهم وفي الغالب تكون نقوداً ( ريالات فرنسيه) وسلام يرسلونه شفهياً معه أو جواب ( هكذا كانت تسمى الرسالة) أو قصيدة لقنها من بقي لمن عزم السفر يسمعها أهله وعندما يصل المسافر للقرية يتوافد الجميع عليه للاطمئنان عليه والسؤال عن الأهل في الغربة ، فكان جواب السؤال بلسماً لبعض القلوب وعلقماً لأخرى .فكثير من أهل القرية دفنوا هناك . أذكر منهم (مجحود) أخو هاجر وشويل رحم الله الجميع وعم أحمد بن هاجر ( وحزام الكبير) أخو علي بن حزام وأحمد بن حزام رحم الله الجميع ( هكذا قيل لي ولعلنا أن ندون بعض المذكرات لأبناء القرية ورحلاتهم لأرض الحبشة كما إقترح البعض) .( والآن مع هذه الخواطر وهي قليلة في حق كل من تكبد مشا ق السفر يرجو برَّ أهله ، أحسن الله خاتمة الأحياء منهم وهم قلّة ، ورحم الأموات منهم وهم كثر) [/align:2077cd6ef3]
***********************************************
بين المسارب
قادت الخطوات
أحلام السنين
كل الفصول
وقد تساوت
في كفاحٍ لا يلين
وأتت سنين الجدب
تحمل فوق كاهلها
الضنين
صور المجاعة
ماثلاتٍ في وجوه
الكادحين
وتوقفت
كل السواني
لم يعد فيها مَعين
وغدا الرحيل
ملاذهم
والبحر أصبح
نصب عين
حتى إذا
شط المزار
وسارعت
بِهمُ السفين
ورسوا بأرضٍ
غير أرضٍ
عاهدوها
من سنين
جاءت رسائلهم
قصائد بعد أن
فاض الحنين
من (أسمره) جاءت
لتحكي قصة
الحزن الدفين
عن شوقهم
لهوى الديار
وللبنات وللبنين
وسؤالهم
كيف الديار؟؟
جوابه الدمع
السخين
في حسرة
الأم الحزينة
في الزفير
وفي الأنين
وتظل تدعو الله
يرحمها برد
الغائبين
والشيخ قلّب
في يديه دراهمٍ
جاءت لحين
ومضى يتمتم
أين قلبي
ضاع مني
اليوم أين !!
يا ليته قد عاد
حتى لو بقي
صفر اليدين
الآن الساعة تقترب من الواحدة صباح السبت وأنا أنتقل بين القرية والحبشة لأجيء لكم بأخبار الجماعة .