سيرة ذاتية لوالدي محمد بن جميع ال_جميع (رحمه الله)

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد…

لقد تلقيت اتصالات عديدة من كثير من ابناء القرية الخيرين يطلبون مني الكتابة عن سيرةوالدي رحمه الله بصفته أحد اعيان القرية البارزين طيلة عقود طويلة ..
وانني اذ أشكرهم على حسن مشاعرهم ووفائهم فانني أفيدهم انه لمن الفخر والاعتزاز ان اكتب عن تاج راسي وقدوتي ومثلي الأعلى في الحياة فهو الذي عشت في كنفه ورعايته حتى مماته (رحمه الله) ..
وهو الذي غرس في نفوس ابنائه حب الدين والقريب والجار وحب القرية واهلها وهو الذي غرس في نفوسنا المثل والاخلاق واكرام الضيف والعطف على الصغير واحترام الكبير واعانة المحتاج واليتيم.

وسأتكلم بايجاز عن سيرته (رحمه الله) :


الاسم : محمد بن جميع بن أحمد بن جميع الغامدي
تاريخ الميلاد : 1302 هجرية بالقرية
وفاته (رحمه الله) : 5 | 6 | 1399 هـ بمدينة الرياض

لقد عاش (رحمه الله) واخته الوحيدة في كنف والده الشاب (جميع بن احمد) الذي هاجمه مرض الاستسقاء في الكبد وهو على مشارف الثلاثين من العمر مما اضطره الى السفر رفق ابنه الوحيد الى مدينة القنفذة عن طريق بلدة المخواة وذلك لطلب العلاج لدى طبيب يهودي يعيش بالقنفذة وفي نهاية مرحلة العلاج اعطاه ذلك الطبيب مسحوق وطلب منه ان لا يستخدمه الا في بلدة المخواة في طريق العودة الى قريته..
وفعلا تناول (رحمه الله) ذلك المسحوق ببلدة المخواة مما سبب له متاعب صحية اودت بحياته عند وصوله للقرية مما شكل علامة استفهام حول طبيعة ذلك المسحوق.

وقد كان لوفاته (رحمه الله) صدمة كبيرة لابنه الوحيد الذي بدأ حياته يتيما يعيش وأخته الوحيدة في كنف والدته (رحمها الله) وهي من عائلة الخلف_قرية الغازي_دار السوق.
وقد حرصت والدته (رحمها الله) على رعاية ابنها الوحيد بل المتبقي الوحيد من الذكور من عائلته التي كانت تعتبر من اكبر اسر القرية , ومن ثم حرصت على تعليمه حيث درس علوم القران والكتابة لدى أحد الفقهاء بقرية السوق.
وقد حرصت على تزويجه مبكرا أملا في الانجاب للمحافظة على الاسرة من الانقراض. ومن هنا دخل والدي(رحمه الله) معترك الحياة في سن مبكرة وحيدا الا من مساندة والدته له.

وقضت ارادة الله ان يتوفى جميع انجاله من زواجه الاول مما دفعه للزواج للمرة الثانية والثالثة والرابعة وهي والدتي (رحمها الله) والتي أنجب منها اربعة اولاد وابنتان.

وقد تفرغ رحمه الله للرعاية بوالدته واخته والعمل بالزراعة حيث كان يعتبر احد كبار ملاك الاراضي في القرية كما انه كان مولعا بالصيد وقد اشتهر عنه اتقانه الرماية منذ صغره وقد استطاع في سن مبكرة من امتلاك قطيعا من الاغنام اوكل رعايتها لاحد الرعاة من خارج القرية ولكن الظروف الاقتصادية التي مرت بها المنطقة في بداية الخمسينات هجرية من القرن الماضي دفعته وغيره من ابناء القرية الى التفكير للسفر الى الحبشة طليا للرزق ولم يستقر به الحال في الحبشة حيث انتقل الى السودان وبالتحديد مدينة _كسلا_ حيث امتلك متجرا صغيرا للمواد الغذائية ومن ثم امتلك مزارع قطن . ومن تلك البلدة تعرف على رفيق دربه النغفور له ان شاء الله (هجاد بن عبدالله العالقي) من عالقة الرهوة وربطتهما صداقة قوية وتعاهدا على ان لايفرق بينهما الا الموت (رحمهما الله رحمة واسعة) .
وفي نهاية الخمسينات هجرية وبعد ان تحسنت احواله المادية قرر العودة الى قريته ليفاجأ بفقده والدته قبل وصوله بأيام مما شكل له صدمة قوية (رحمها الله).

وقرر بعدها ان لا يعود للسودان مرة اخرى ليتفرغ لاسرته ممتهنا الزراعة والطب العربي مثل الكي والتجبير وماشابه(حيث اصبح طبيبا للقرية يعالج الكبار والصغار بعطف وحنان حيث لم يكن يوجد خدمات طبية حكومية) كذلك تفرغ للعناية بمسجد الدار والذي أم المصلين فيه حتى اخر سنة في حياته وكذلك الاصلاح بين الناس لما عرف رحمه الله بالجهر بكلمة الحق دون مجاملة مما اكسبه ثقة الناس واعطاء ارائه وزنا سواء داخل القرية او خارجها واذكر انه كانت تربطه علاقة صداقة قوية ببعض الاسر في قرية _الدحض_ من اصدار قرية حزنة وارسلوا له مراسيل للحضور لحل مشاكل كانت قائمة بينهم وقد تعشم رحمه الله نزول عقبة حزنة مشيا على الاقدام وقد تجاوز الثمانون عاما من العمر وانا برفقته تقديرا منه للصداقة التي ربطته بهم وحرصا على حل مشاكلهم.. وقد مكثنا ثلاثة ايام يرافقنا احد اعيان قرية حزنة المغفور له ان شاء الله (محمد بن سعيّد) ولم يغادرا القرية الا بعد حل كل المشاكل والصلح بين أهل القريه . ..
وقد كانت تلك الرحلة اخر عهد له بعقبة حزنة وهذا يدل على حرصه الشديد للاصلاح بين الناس.

كما عرف عنه رحمه الله انه احد اعيان القرية اللذين كانوا من اهل الحل والعقد في القرية مع عريفة القرية الشيخ (علي بن مسفر السفلان) وابنائه من بعده والمغفور لهما باذن الله الشيخين (أحمد وعبدالوهاب عبالعزيز المنصوري) والشيخ (عبدالله بن مسفر الفقيه) و(علي بن موسى) و(حمزة بن حسن ال_حواله) وغيرهم من الخيرين من اهل القرية اللذين حرصوا على حل مشاكل القرية دون اللجوء للمحاكم والشرط وكذلك المطالبة بما تستحقه من خدمات من طرق ومدارس وغيرها (حمهم الله رحمة واسعة).

وقد تميز رحمه الله في حياته الخاصة بالحرص على الظهور بالمظهر الحسن والاناقة في الملبس وحبه للاطفال وعطفه على الايتام وتعلقه بالسجد.
وفي بداية عام 1399هـ قرر الاستقرار بمدينة الرياض للعيش مع ابنائه وليحظى بالعناية الصحية المطلوبة وقد كان ولله الحمد متمتعا بكامل قواه البصرية والسمعيةوالذهنية حتى اخر يوم في حياته حيث داهمته ازمة قلبية مفاجئة يوم 5 | 6 | 1399هـ نقل على اثرها الى المستشفى التخصصي بالرياض حيث فاضت روحه الى بارئها وصلي عليه بالمسجد الجامع الكبير بالرياض وأم الناس الشيخ (عبدالعزيز بن باز رحمه الله) ومن ثم دفن بمقبرة العود بعد رحلة حياة استمرت لسبع وتسعين سنة قضاها في طاعة الله ورضوانه… (رحمه الله رحمة واسعة ورحم جميع اموات المسلمين…آمين )