وكان جميع أهالي القرى يمارسون حرفة الزراعة ، التي كانت بمثابة سلة الغذاء الوحيدة لهم، ولذلك فأغلب أوقاتهم يقضونها في الأودية ، يحرثون الأرض، ويسقون الزرع ، ويعتنون بالأشجار، ويصلحون البلاد، ويجمعون المحاصيل، ويحصدون الثمار.
كانوا يتعاونون على هذا النشاط (يتعاصبون)، فمن كان يمتلك ثوراً واحداً ؛ عليه أن يكون شريكاً لمن يمتلك ثوراً آخر، وذلك لضمهما في إنجاز أعمال الحرث، والسوق ،والدِّياس.
وكان المزارعون يلفُّون الحزام ، أو الكمر،أو قطعة من القماش حول الخصر،لكي يستطيعون المشي في الجبال ، ويتقنون العمل في المزارع، وهم يرددون الأهازيج الشعبية،بألحان شديّة.
وكان الأطفال والصبيان يحمون الزرع المسقوي من الطيور، ويستخدمون لذلك: عشّة تقيهم من الشمس، وبيدهم المقلاع، وحبل القلقيله، وهذا الأخير عبارة عن حبل ممدود فوق الزرع، يحمل علباً من التنك ،فيها حجارة صغيرة، تحدث عند هزِّها جلبة، تنفر منها العصافير.
وكانت أغلب الآبار ممتلئة بالمياه العذبة، والتي استخدم في رفعها : الدَّلو والسّواني،ثم جاءت بعدها المواطير،التي عزفت بأصواتها ترانيم التفاني، وألحان الحيوية.
أودية القرى كانت تشمّ فيها الرائحة الزكية النّدية، وينتشر بين جنباتها الأشجار الوفيرة الوارفة،والعصافير المغرّدة والمحلِّقة.
وكان من متطلبات الزراعة قديماً:العود، والمدمسه، والعَرقه،والسّوق، والقصاب،والفلج، والمجرّه، والغرب، والمحّاله، والدّراجه،والمقاط، والرُّعله.....وغيرها كثير.
.................
....لكنّ الناس منذ زمن قديم؛ هجروا مزارعهم، بعد وجود فرص معيشية أفضل، ولربّما الأبناء يعودون إليها في يوم ما؟!!!