"متزوجات ولكن للأسف مازلن مراهقات", حالات أصبحت موجودة في مجتمعنا ومنتشرة ولكن في الخفاء!!, فأصبحنا نرى ونسمع عن زوجات يسلكن سلوك المراهقات، فلم يصبح موضوع المراهقة مقتصرًا على الفتاة صاحبة الـ15 والـ17 عامًا؛ بل هناك نساء في الأربعينات من عمرهن ويعشن مراهقة متأخرة..
نساء متزوجات يعاكسن الرجال, وأخريات ليس لديهن حرجٌ في التحدث إليهم في الأماكن العامة, ونوعية ثالثة يبالغنَ في الاهتمام بأنفسهنَّ ويخرجنَ للشارع للتعرّض للمعاكسات واهماتٍ بالسعادة، وأخريات يدخلن غرف الدردشة والشات (المحادثة), وهي الظاهرة الأسهل والأخطر لظهور مثل هذه الحالات.
هل السبب قلة الوازع الديني وعدم مخافة الله؟, أم شعور المرأة بالفراغ العاطفي وإهمال الزوج لها واهتمامه بالأمور المادية وعمله؟, أم صديقات السوء وراء كل هذا؟, أم السبب هو أن الزوجة نفسها لديها ميول للانحراف؟
أين أنت أيها الزوج؟!
يرى المهندس أحمد أنّ المتزوجة التي تفعل هذه الأمور تعاني من قلة الوازع الديني ، ويرى أن الخطأ يأتي من الرجل في الأساس؛ لأنه لم يبحث عن الزوجة التي تتقي الله، بل تزوج امرأة مستهترة ليس لديها أي مشكلة في محادثة الشباب بل ومعاكستهم ولو حتى وهي في المنزل، من خلال غرف الدردشة التي أصبحت تجيدها المرأة الآن.
أما د. أشرف فيرى أن المشكلة هي إهمال الزوج لمشاعر زوجته وحاجاتها لحبيب يعطيها من اهتمامه ووقته ، وكان لابد أن يكون هذا الحبيب هو الزوج لا شخص آخر يدفعها للرذيلة، ولكن كلامي ليس معناه أن تقصير الزوج يبرر للزوجة هذه التصرفات الخاطئة إنما قد يكون سببًا من ضمن أسباب أخرى كثيرة ، ومنها ميول هذه الزوجة للانحراف وهذا يرجع لتربيتها من الأساس.
وتتفق معهما أستاذة سميحة, فتقول: "أعرف امرأة في الأربعينات من عمرها ومتزوجة وتحدث شابًا في العشرينات من عمره عبر الشات والموبايل، وحينما أتحدّث إليها تقول هو لا يعرف أني متزوجة ، وأنا لا أفعل شيئًا خطأً.. فقط أشعر براحة حينما أتحدث معه, وأتذكر نفسي وكأني مازلت مراهقة ، وهذا يجعلني أكثر تفاؤلاً وسعادة في حياتي (بزعمها)، خاصة وأن زوجي إما مشغول في عمله أو صامت في بيته".
ويرى أ. أحمد أنّ "هناك زوجات كُثُر تخطَّين الأربعين يحاولن استعادة شبابهن بالدردشة مع شباب بالعشرينات، وقد يكون هذا الشاب لا يعرف أن هذه المرأة متزوجة ويحدثها على أنها في مثل عمره، وهناك شباب آخرون لا يتحدثون إلا لنساء متزوجات ، لأنهم يشعرون برغبة في التحدث بأمور عاطفية مع متزوجات, والشات هو الفرصة الوحيدة لتفريغ هذه الشحنات العاطفية المكبوتة لدى الشباب الغير قادرين على الزواج والمتزوجات الغير سعيدات في حياتهن الزوجية".
وتقول مدام ناهد: إنّها تعرف نساءً متزوجات يعشن مراهقة متأخرة ، وترى أن "هذا الموضوع موجود بالفعل ولكن في الخفاء, وإنّ الزوجات اللاتي يفعلن هذا مستهترات ولا يصلحن لدور الأم المربية الفاضلة لأبنائها. وتضيف: هناك سيدة تتحدث عبر النت مع شباب وابنتها تجلس بجوارها وكأن الموضوع عادي وليس فيه أي حرج". وتستطرد ناهد: "نعم هي لا تتكلم مع هذا الشاب في أمور مخجلة ولكن مجرد الحديث إلى شاب في حد ذاته خطأ, ومنهي عنه في الإسلام ، خاصة وأن زوجها لا يعلم، وحينما حذرتُها ونصحتها بالابتعاد عن محادثة الشباب قالت لي: إن زوجها نفسه يفعل هذا ويتحدث للنساء والبنات الصغيرات عبر الشات فما الغضاضة أن تفعل مثله والبادي أظلم".
الجفاف العاطفي
ويرى أ.د. خيري عبد البديع (أستاذ متخصص في السلوكيات وعلم النفس) أن "المرأة بطبيعتها كائن عاطفي, وحينما تتزوج تحلم أن تعيش على حب وتستيقظ على حب, وتحيا بالحب, ولكنها تستيقظ على واقع مختلف عن الصورة التي رسمتها في خيالها, وتجد أنّ الحياة الزوجية أكبر من كونها أحبك وتحبيني, بل فيها مسئولية بيت من تربية أطفال وتنظيف منزل واعتناء بزوج، وفي خضمّ هذه الضوضاء تحاول أن تبحث عن نفسها, عن قلبها الذي مازال يخفق يبحث عن حبيبه, ولو لم يكن الزوج هو هذا الحبيب فتنهار الزوجة وتصبح أكثر انفعالاً وعصبية، بينما هناك زوجات أخريات يرفضن أن تنهار الصورة التي رسمتها في خيالها عن عالمها الحالم العاطفي فتصمم أن تحيي هذه الفكرة التي في رأسها حتى لو اصطدمت بالواقع, فتخرج لتمارس حياة المراهقات وتبتعد كل البعد عن كونها إنسانة متزوجة لترضي رغبتها الأنثوية لتشعر بالسعادة لأنها ترى في داخلها مراهقة لم تشبع رغباتها المكبوتة، ولهذا نرى زوجات يعشقن الشات مع شباب صغير ومعظمهن لا يقلن لهؤلاء الشباب أنهنّ متزوجات ولديهنّ أبناء, بل يدخلن على أنهن فتيات ويتصرفن تصرف المراهقات".
وينصح د. خيري كل زوج أن "يهتم بمشاعر زوجته وأن يدرك أن الحياة الزوجية ليست بأكملها؛ نظفي البيت واغسلي الملابس واطبخي, فعليه أن يعطيها قدرًا كبيرًا وكافيًا من الاهتمام والحنان ، وألا يشعرها بالملل من صمته الدائم".
مشاعر مكبوتة
وترى أ. أمنية عبد الحليم (أستاذة علم الاجتماع) أنّ "هناك نساءً ، سواء فتيات أو متزوجات ، يلجأن للمعاكسات كنوع من التعويض عن عواطف مكبوتة ويقمن بالذهاب للأسواق والأماكن العامة التي يوجد فيها الرجال بحثًا عن كلمة حب ولو بالكذب"، وترى أ. أمينة أن النساء اللاتي يلجأن لهذا السلوك يكون دافعهن عليه وجود مشاكل عنف أسري أو إهمال ، والزوجة التي تلجأ لهذا التصرف إما أنها تعاني من إهمال من زوجها أو سوء معاملة, خاصة وأن هناك أزواجًا لطفاء مع السيدات الأخريات خارج المنزل بينما في المنزل مع زوجته يهملها ويتجاهلها بصمته غير المبرر, فهو لا يتحدث إليها إلا أقل القليل ، بينما يقبع طول الوقت أمام التلفاز, ولا يسمعها ولا يناقشها ولا يحاورها, وهناك أزواج يسيئون معاملة زوجاتهن ويمارسن العنف ضدهن بالضرب والتنكيل من الوقت لآخر على كل كبيرة وصغيرة, فهذا الأمر يجعل بعض النساء اللواتي يفتقدن الوازع الديني يلجأن إلى من يشبع احتياجهن العاطفي للحب والحنان والأمان".
وتنصح أ. أمينة الرجال بأن يحسّنوا معاملة زوجاتهم ، لأن المرأة في حاجة لحب ورعاية من قبل زوجها, خاصة وأنّ العصر الذي نحياه أصبح مليئًا بالمغريات والتكنولوجيا التي جعلت الإنسان في بيته يلف العالم ويتعرف على ملايين الأشخاص من كل أنحاء الدنيا، فعلى الزوج أن يغمر زوجته بحبه وحنانه ، وأن يتحدث إليها ولا يتركها ويعيش في وادٍ وهي في وادٍ آخر ، لأن الإنسان ضعيف أمام شهواته.
فيطمع الذي في قلبه مرض
ويرى الشيخ محمد حسين يعقوب (الداعية الإسلامي) أن "الحياء شعبة من شعب الإيمان, حقيقة تبرزها نصوص دينية عديدة، والمرأة بطبيعتها كائن أكثر حياءً وخجلاً من الرجل، فما بالك لو فقدت المرأة حياءها وأصبحت هي التي تطلق الشرارة الأولى فتتحرش بالرجال، لأنها تفتح لهم المجال حينما تتحدث إليهم عبر الشات أو الهاتف أو اللقاءات الخارجية في الأماكن العامة أو الخاصة، فهنا المرأة هي التي فتحت له المجال ، ولذلك يقول سبحانه وتعالى : "فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ".
ويضيف الشيخ حسين يعقوب: "المرأة بطبيعتها عاطفية وتتأثر بالمؤثرات الخارجية وبالتالي فالاحتشام والاستقرار في البيت أكبر حماية لها وحماية للرجال أيضًا ، وهذا في قوله تعالى: "وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى".
أما عن التحدث مع الرجال عبر الشات أو الهاتف فيقول: "إنّه وبلا شك أمر منهي عنه في الإسلام, وهذا ليس خاصًا بالزوجة فقط بل الأزواج أيضًا, الذين يتركون زوجاتهم ويتّجهون للإنترنت ويتحدثون إلى النساء لتفريغ عواطفهم بعيدًا عن أسرهم وزوجاتهم، فهذا أمر في منتهى الخطورة؛ لأنه قد يدفع زوجته إلى هذا الفعل بأن تتعرف على الرجال من خلال الإنترنت, وبالتالي مع مرور الوقت تجف مشاعر كل واحد منهما تجاه الآخر، وقد يتجهون للرذيلة، وهذا الأمر في حاجة إلى توعية للأزواج من خلال تعريف كل منهم كيف يتعامل مع الآخر وكيف يلبّون رغباتهم العاطفية داخل الأسرة وليس خارجها".
وينصح الشيخ يعقوب كلّ زوجة تشعر بتجاهل زوجها لها ولمشاعرها أنْ "تتمسك بأخلاقها الحميدة, وأن يكون لديها رادع ديني يجعلها لا تلجأ لهذه الأساليب التي تلقي بها في النهاية للخطيئة، وعليها أن تتحدث إلى زوجها, وإن لم يستجب فأنصحُها بأن تعوّض هذا الشيء الذي فقدته مع زوجها بحبها لبيتها ولأبنائها، وأن تلهي نفسها بتعلم أشياء جديدة أو تتقرب للصديقات الصالحات البررة ، وألا تنسى أن تكثر من قراءة القرآن الكريم فهو دواء لكل الأمراض النفسية والعضوية ، وأن تبحث عن السعادة الحقيقية في هذه الدنيا وهي طاعة الله".