أصابت 74 شخصاً في 60 يوماً والأمانة تؤكد: الوضع تحت السيطرة
"حمى الضنك" تعيش مع سكان جدة منذ التسعينات
خالد علي (سبق) جدة: قبل أن تكشف وزارة الصحة وأمانة مدينة جدة عن مدى انتشار مرض حمى الضنك، حذر عدد من المختصين في مجال الأمراض الوبائية وعدد كبير من السكان أن جدة مقبلة على كارثة وبائية تتمثل في "حمى الضنك" بسبب كثرة الأحياء العشوائية والمستنقعات وقلة النظافة في عدد كبير من الأحياء الشعبية، إضافة إلى مشكلة الصرف الصحي التي تعاني منها جدة منذ وقت طويل. وتشير تقارير المختصين إلى أن مرض حمى الضنك ظهر في مدينة جدة في منتصف التسعينات الميلادية ثم تناقصت الحالات المسجلة حتى بدأت بالتلاشي، ثم عاودت الظهور مرة أخرى في الأعوام الأخيرة.
وتم تحذير أمانة جدة عن طريق الصحف ووسائل الإعلام، من خطورة بعض المناطق الملوثة بالصرف الصحي والمستنقعات، و اعترفت وزارة الصحة وأمانة جدة بإصابة المئات من السكان بحمى الضنك، وكذلك وصوله إلى مكة المكرمة عن طريق بعض العاملين في جدة والذين يزرون مكة باستمرار أو يقيمون فيها.
انتشار المرض في جدة وانتقاله إلى مكة المكرمة
بعد انتقال المرض إلى العاصة المقدسة عن طريق بعض المواطنين والمقيمين الذين يعملون في جدة ويقيمون في مكة المكرمة، كثفت أمانة العاصمة المقدسة نشاطها وبرامجها الاحترازية والوقائية لمكافحة لتفادي ظهور مرض حمى الضنك أو أية حالات حمى فيروسية بالمنطقة، واتخذت الأمانة كافة التدابير الوقائية وتشكيل عدد من الفرق لتنفيذ خطتها في القضاء على مسببات المرض.
وقامت الأمانة ممثلة في إدارة الوقاية الصحية التابعة للإدارة العامة للنظافة بتكثيف الجهود خلال الفترة الأخيرة لمكافحة البعوض بطوريه (اليرقي والحشري) والقضاء على أماكن توالده وتكاثره وذلك من خلال تجنيد عدد من الفرق والأجهزة المتخصصة وبالتعاون مع عدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة مثل الشؤون الصحية ووزارة الزراعة.
وتم تقسيم مكة المكرمة إلى عدة مناطق حسب التوزيع الجغرافي للبلديات الفرعية ووضع جدول زمني لكل منطقة بحيث يتم المرور على كل منطقة مرة كل أسبوع على الأقل.
و قامت الأمانة بحملات أرضية وجوية للقضاء على البعوض وإزالة بؤر توالده، حيث بلغ إجمالي ما تم استخدامه من المبيدات في الحملة الأخيرة خلال الشهر الماضي (4800) لتر من مبيد آيكون سيها لوثيرين وبلغت كمية المذيب المستهلك (4800) لتر ديزل وتمت تغطية ورش أكثر من (7500) هكتار وذلك عن طريق الرش الجوي حيث بلغ عدد ساعات الطيران في هذه الحملة حوالي (68) ساعة لأكثر من (29) طلعة جوية.
الضنك يحيل موظفين من الصحة والأمانة إلى التحقيق
وبسبب انتشار المرض وعدم التخلص منه رغم المبالغ المالية الكبيرة التي رصدت له ، حققت هيئة الرقابة والتحقيق مع موظفين في الصحة والأمانة حول مخالفات في حملة المكافحة وركّز التحقيق على كيفية صرف المبالغ المخصصة لمكافحة هذا المرض؟ وما هي الآلية التي اتبعت في صرفها لحمى الضنك ومتابعته؟
كما تطرقت التحقيقات إلى شراء بعض المستلزمات المكتبية للجنة مكافحة الضنك، وغيرها من الأمور الأخرى التي احتاجت إليها. وطالت تحقيقات حمى الضنك الكثير من الأطباء والموظفين والمسؤولين في الصحة والأمانة، بعد وصول معلومات عن مخالفات حدثت أثناء حملة حمى الضنك منها حصول موظفين على مبالغ مالية كبيرة تم تصنيفها على أنها خارج دوام.
74 إصابة بالضنك خلال 60 يوماً
أشارت آخر إحصائية أفصحت عنها الشؤون الصحية بمنطقة مكة المكرمة قبل عدة أيام أن أعداد المصابين بحمى الضنك في المنطقة، خلال شهرين بلغت نحو 74 حالة، وهو ما يثبت بأن الضنك مازال متواجداً ويحصد ضحاياه رغم الحملات المتواصلة للقضاء عليه.
وبينت الإحصائية أيضاً أن عدد حالات الإصابة بمرض حمى الضنك في عام 2004 بلغ نحو 290 حالة وارتفعت في عام 2005 إلى 325 حالة، ثم ارتفعت بشكل كبير في عام 2006 إلى 1308 حالات، وعادت في عام 2007 للانخفاض ليصل عدد الحالات إلى 243 حالة.
أمانة جدة: الوضع تحت السيطرة
من جانبها أكدت أمانة مدينة جدة بأن وضع مرض حمى الضنك تحت السيطرة، حيث أشار المهندس خالد بن فضل عقيل وكيل أمين مدينة جدة للخدمات إلى أن الأمانة اعتمدت في مكافحتها لحمى الضنك على برامج أساسية ومحاور عدة منها الاستكشاف الحشري اليومي، ومعالجة المستنقعات وردمها وتخفيض مستوى منسوبها، واستخدام أجهزة الـ GPS لرصدها، بالإضافة إلى نظم المعلومات المعروفة بالـGIS، والقيام بأعمال المكافحة المنزلية، ومواجهة مشكلة المياه الراكدة وتخزين البعض لها في جوالين غير محكمة الغلق بالمنازل العشوائية والشعبية والتي كانت ضمن أبرز العقبات التي تم التغلب عليها.
إضافة إلى توزيع ستائر معالجة بالمبيدات على الأحياء السكنية من أجل منع توالد البعوض ودخوله إلى المنازل، مع التركيز بشكل أكبر على المباني تحت الإنشاء والمنتزهات ومصانع البلوك وغيرها والتي قد تمثل بؤراً خصبة لتوالد البعوض الناقل لحمى الضنك.
100 مليون يصابون بحمى الضنك
الدكتورة سلافة طارق القطب، أخصائية طب مجتمع تشير إلى أن حمى الضنك مرض فيروسي معدٍ يصيب الإنسان (بالغين أو أطفال) ويؤدي إلى ارتفاع حاد ومفاجئ في درجة حرارة الجسم مصحوب بصداع شديد، وألم في المفاصل والظهر، وغثيان أو قيء مع ألم في العينين. وقد يؤدي في بعض الحالات إلى قابلية للنزف من بعض أجزاء الجسم مما قد يؤدي إلى الوفاة وتستمر الأعراض لمدة 5-7 أيام.
وتنتقل العدوى بحسب الدكتورة سلافة بعد التعرض للدغة أنثى بعوضة (الإيدس إيجبتياي) التي تنقل الفيروس من شخص مصاب أو حامل له إلى شخص سليم، ويصل نشاط هذه البعوضة إلى الذروة بعد شروق الشمس بساعتين وقبل غروبها بساعتين.
وأوضحت الدكتورة أن الضنك يصيب كل عام ما يقارب 100 مليون شخص في العالم وقالت: "كل فرد في هذا المجتمع له دور فاعل في الوقاية من هذا المرض، مثلاً ربة المنزل في بيتها، العاملة في المنزل، المعلمين في مدارسهم، العاملين الصحيين في أماكن عملهم، المتطوعين، المعسكرات الكشفية، الجهات المسؤولة عن صحة البيئة وإصحاحها مثل الشؤون البلدية والقروية، المحافظات وغيرها".
وتضيف: "علينا جميعاً مكافحة أماكن توالد البعوض واليرقات، علماً بأن البعوضة تتواجد في أماكن تجمع المياه العذبة المعتمة أو المظللة (إطارات السيارات القديمة و المهملة ، المطبخ إذا لم تتوفر فيه الإضاءة والتهوية الكافية، خزانات المياه المكشوفة، مياه المكيفات المتجمعة، علب المياه الغازية، قوارير المياه الفارغة، صحون تجمع مياه الزرع بعد سقايته، المستنقعات أحواض السمك في البيوت (يجب تغييرها على الأقل مرة في الأسبوع) والتأكد من سلامة شبك الناموس الذي يوضع على الشبابيك وصيانته بصورة دورية ورش المبيدات إذا دعت الحاجة مع مراعاة استخدامها بطرق آمنة ، والاستعانة برقم الهاتف (940) للمساعدة في مكافحة البعوض أو في الإبلاغ عن أماكن تجمع المياه التي تشكل بيئة خصبة لتوالد البعوض ويرقاته".