01-31-2010, 05:05 PM | #1 |
كاتب ألماسي
تاريخ التسجيل: Sep 2006
المشاركات: 1,127
|
النزيلة رقم ( 99 )
النزيلة رقم ( 99) نفسي تحدثني بالوساوس عن هذه الليلة الشتائية الموحشة على غير العادة ، الصمت يلف الدار ، إلا من قرع بعض أقدام حارسات الأمن بين فينة وأخرى ، حيث أقبع في آخر غرفة من الممر من الطابق الثاني مع إحدى النزيلات الأخريات اللاتي تقرر الإفراج عنهن بعد انتهاء محكوميتهن ، باب الغرفة موارباً يتسلل منه ضوء اللمبة المشنوقة إلى السقف على مشهد من نظراتي الحالمة بغدٍ لا هم بعده ولا نكد ، جلت ببصري في أرجاء السكون من حولي ربما لوداع بعض الذكريات البريئة مع رفيقتي حليمة والتي كانت تغط في نوم عميق ، نهضت من على السرير بعد أن لففت جسدي النحيل بالبطانية لإغلاق الباب الموارب جراء آخر جولة لإحدى الحارسات المكتنزات تهكماً وسخرية ، أغلقته على مهل ، وما أن استدرت تذكرت أن عليّ القيام بمسح بعض الخواطر التي كنت قد كتبتها على طرف السرير الخشبي بمداد من دموعي وقهري ، إلا أنني تراجعت ملقية بالباطنية من على كاهلي أسوة بباقي آلامي غير مكترثة ببرودة البلاط المتشقق ، فقدماي الحافيتان اعتادت المشي على الزمهرير والرمضاء ، وكم تهورت هرولة بين الحقول المعشوشبة بدفء أنفاس من قررت الهروب معـه ذات مساء حالم من جحيم زوجة الأب ، وأنانية الأب ، وجــور التقاليد ؛ لينتهي بي الحال مذنبة تستحق أقصى العقوبة والأعمال المرهقة ، حكماً بدا لي قاسياً إلا أنه آن لي أن أنال بعده حريتي المسلوبة بغبائي وقلة حيلتي ، وألا أكترث بتلك الوعود المذلة تجاهي من أبي وعمتي بعد زيارة خالتي الأخيرة . ياه ... تذكرت أنه علىَّ أن أبدأ في ترتيب حاجياتي ، فهذه ملابسي ، قطعاً ليست من تصميم بيير كاردان ولا أف سان لوران ، ولا حتى من مشغل الإبرة الرشيقة للملابس النسائية الذي لمحت لوحته بأحد شوارع المدينة اللاهية أثناء عودتنا من جلسة الحكم ، ولعله أصبح الآن من إحدى دور الأزياء المشهورة ، وهذه بعض المشغولات الصوفية التي ارتضيت أن تغزلني أثناء أوقات فراغي ، ولا أنسى أعز ما أملك مصحفي وأنيسي في مخدعي واغترابي ، ليكن في الجيب الجانبي للحقيبة بعد أن أطبع عليه قبلة الحب الأبدي . .... وبين أنا أتأمل ما كتبت ، رمقت حليمة السمراء وهي تجمع حاجياتها ، قد ارتسمت على شفتيها العذبتين كصوتها الرخيم ابتسامة الأمل المنتظر بعد ساعة من الآن ، .... .... أبداً لا ... إنها أقدارنا نمضي إليها في هذه الحياة الدنيا ، فقد حدث مالم يكن في الحسبان ، إذ نشب شغب بين العديد من النزيلات ، وصدر القرار بترحيلنا إلى مكان آخر ، أُخبرنا في الطريق إليه أنه إحدى دور إيواء المسنات ، ... وما من إجابات محددة على تساؤلاتنا ... إلا أنه لم يأتي من يستلمنا كأي عهدة من مستودع الخردوات ! ... وليكن .. دار المسنات .. دار المسنات .. فالبقاء خلف هذه الأسوار أرحم بكثير من تلك الإنسانية المفتعلة ! النزيلة رقم (99) 16/2/1431هـ (( كتبت القصة أعلاه عطفاً على ما تناولته الصحف من شغب وقع بإحدى دور رعاية الفتيات ، وزيادة نقل المفرج عنهن إلى دار إيواء المسنات ، وعدم استلام المفرج عنهن من قبل أولياء أمورهن ، في مشهد محزن يسيء لمجتمعنا المسلم . ولاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم ))
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة أبـو الطـيب ; 01-31-2010 الساعة 05:08 PM |
01-31-2010, 06:22 PM | #2 |
مشرفة
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 1,710
|
يعطيك العافية ابو الطيب...
__________________
إني اقول مبينا عن فضلها***ومترجما عن قولها بلساني التعديل الأخير تم بواسطة طيف الامل ; 01-31-2010 الساعة 06:24 PM |
01-31-2010, 06:52 PM | #3 |
مشرفة
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 3,141
|
هذا حال مجتمعنا بشكل عام لا يعطي للمخطئ فرصه |
01-31-2010, 11:41 PM | #4 |
أبو عمـــــر
تاريخ التسجيل: Aug 2007
المشاركات: 2,513
|
أسأل الله أن يصلح نياتنا وذرياتنا وأن يستر علينا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض.. |
02-01-2010, 01:14 AM | #5 |
كاتب ألماسي
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 1,246
|
....سؤالي هل كان في عهد سيد المرسلين نبينا وحبيبنا المصطفى ..!دار للعجزة او للمسنين او دور للرعاية !....من يدرك العطف و الشعور امام خدمة امهاتنا او ابائنا او من يكون من اقربائنا إلا منه الاقرب و الاصلح واحن عليهم من تلك الدور هل .. بإستطاعتك ان توزن بين كفة رعايته الخدم او العاملة في دور الرعاية عن ابنك او إبنتك او اخيك والله فرق بينهم وشتان لأنه لن تجد احن عليك من رحمة ابنائك إذا كان لهم قلوب تعي مفهوم رعاية من حوله دون دواعي اللجوء الى ادوار الرعاية او المسنين ....ولاااكن ما افسد ذلك الجيل إلا مثل هذة الادوار التي تكفيك أجر خدمة من هو في أمس الحاجة لك وأنت في أمس الحاجة لحسناته ....
__________________
|
02-01-2010, 01:16 AM | #6 |
كاتب ألماسي
تاريخ التسجيل: Sep 2006
المشاركات: 1,127
|
للأسف الشق أكبر من الرقعة كما يقال في الأمثال ... مجتمعنا يمر بمرحلة تحول كبيرة ... قطعاً إذا نظرنا للجانب الإيجابي فيها فلن نعدم التطبيل على قدرتنا على مجاراة مايدور في هذه الحياة ... ولكن يظل الجانب السلبي في رؤانا وتصرفاتنا وقراراتنا حتى في يومياتنا العادية نهمل أبجديات الاحتواء ولانلتفت للصواب إلا بعد فوات الأوان .
__________________
|
يتصفح الموضوع حالياً : 1 (0 عضو و 1 زائر) | |
|
|