بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين،
والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخليله، وأمينه على وحيه، نبينا، وإمامنا، وسيدنا
محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه، إلى يوم الدين. أما بعد
فإن الله جل وعلا خلق الخلق لعبادته وأرسل الرسل جميعاً لهذا الأمر العظيم؛ ليدعوا الناس إلى عبادة الله،
ويأمروهم بها، ويوضحوها لهم،
فقال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ الله وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ
فهذه العبادة التي خلقوا لها وبعث الله بها الرسل جميعاً.. وخاتمهم، وأفضلهم، وإمامهم،
نبينا محمد عليه الصلاة والسلام،
بعثه الله يدعو الناس إلى عبادة الله وتوحيده والإخلاص له، فمكث في مكة ثلاث عشرة سنة،
يدعو الناس إلى توحيد الله وطاعة الله، فأجابه الأقل، وأنكر دعوته الأكثرون،
وآتهموه بأبي هو وأمي بالجنون والسحر والكهآنه ولم يزل صابراً داعياً إلى الله عز وجل،
حتى أمره ربه بالهجرة إلى المدينة بعد ما اشتد أذى المشركين له وللذين انقادوا لما جاء به عليه الصلاة والسلام،
فهاجر إلى المدينة ومكث بها عشر سنين يدعو إلى الله، ويعلم الناس شريعة الله،
فتلقى الصحابة رضي الله عنهم عنه هذا الدين العظيم، دين الإسلام، ونقلوه إلينا غضاً طرياً،
وهكذا نقله التابعون عن الصحابة
وهكذا أتباع التابعين، ولم يزل أهل العلم ينقلون هذا العلم،
من جيل إلى جيل ومن قرن إلى قرن، ويكتبون فيه الكتب الكثيرة،
.... فَ عقيدة المسلمين [ أهل السنة والجماعة ]....
هو توحيد الله وطاعته، واتباع رسوله وترك ما نهى عنه والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله،
والعمل بذلك قولاً وعملاً وعقيدة، عن محبة وانقياد وإخلاص وموالاة ومعاداة
هذا هو دين الله وهذهـ هي العقيدة التي درج عليها سلف الأمة، والتي أُمرنآ بالسير على خطآهم ونهجهم
وممآ لآ يخفى ع عآقل أنه ليست هناك عقيدة إلا ولها خصوم
و التدافع بين العقائد شيء كوني لا يستطيع أحد أن يتجنبه إطلاقًا
ولو الدنيا كلها سعت لتجد نفسهاعلى عقيدة واحدة لما كان ،
[ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ]
قال العلماء: خلقهم ليختلفوا فيميز الخبيث من الطيب ،
وقال الله :[ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأرْضُ ]
وهذا التدافـــــع هو ســـــــر صلاح الأرض .
لكن هناك فرق بين الاختلاف الكوني والاختلاف القدري ،
نحن مأمورون ألا نختلف وأن يكون مردنا إلى الله ورسوله وإلى أولي العلم
الذين يردون كلامهم إلى الله ورسوله بأدواتهم المعروفة في أصول الشريعة والديـــن ،
وهذا المرد المفروض أنه يحل الخلاف ،قال النبي عليه الصلآة والسلآم
:« افترقت هذه الأمة علي ثلاث وسبعين فرقة »
كل فرقة لها أصول وتسعى إلي تثبيت أصولها وتزييف أصول الفرق الأخرى ،
فأهــل .. السنة والجماعة ....لابـــد أن .. يحافظوا.. . ع أصولهم و .يـــــردوا. .علي الفرق الضالة
سواء المنتسبة إلي القبلة أو الفرق الكافرة التي لا تنتسب إلي الإسلام أصلًا
.. وكتمان الحق والتخاذل عن نصرته، فيه تضييع حق من حقوق الله تعالى،..
ألا وهو تبليغ الحق واظهـــاره وكشف الشبهات والضلآل
وتكــون النصــرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
يقول تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ
فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ )
وهذه الصفة أعني صفة كتمان الحق والتخاذل عن نصرته، من صفات أهل الكتاب
فواجب علينآ نحن أهل السنة أصحآب الحق أن نصدع بالحق ولو كان مرًا، ولا نخاف في الله لومة لائم،
يقول تعالى: [ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ] .
عن أبي رقية تميم بن الداري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :
( الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ). رواه مسلم
وبيان الحق وتبليغه والصدع به يعتبر معـــذرة لنـــــا عند الله تعالى، وبراءة لذمتنآ بإذنه تعالى ،:
( وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا
قَالُـــــوا مَعْــــذِرَةً إِلَــــى رَبِّــكُمْ وَلَعَلَّهُـمْ يَتَّـــقُــونَ )