يقول الله تعالى : (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب)ويقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، والحج كأي عبادة يجب أن تؤدى بعلم وفقه، و في السياق ذاته أذكر بعض الأخطاء الشائعة التي يقع فيها كثير من الحجاج، بغية تركها، والعمل بالصحيح، وهذه الأخطاء هي:
1- الاضطباع من أول الإحرام إلى التحلل منه (الاضطباع معناه كشف كتف اليد اليمنى)، وهذا غير صحيح، فالاضطباع إنما يكون في طواف القدوم فقط ويكون في الأشواط الثلاثة الأولى وقيل في جميع الأشواط السبعة، ويبدو أن هذا هو الراجح.
2- اعتقاد كثير من النساء بوجوب الإحرام في ثياب بيضاء أو خضراء، وهذا غير صحيح، خاصة وأن في لبس الثياب البيضاء تشبه بالرجال، وتشبه أحد الجنسين بالآخر ورد فيه الوعيد باللعن أي الطرد من رحمة الله، فعلى المرأة أن تحرم في ملابسها العادية المتصفة بالشروط والضوابط الشرعية.
3- ظاهرة إبراز السرة في حالة الإحرام وكذلك الإسبال وهذا خاص بالرجال وهذا لا يجوز شرعاً، فالإسبال لا يصح، والسرة من العورة، وكذلك الركبة، إذ أن عورة الرجل من السرة إلى الركبة، فالحد إذا كان من جنس المحدود، يدخل الحد في المحدود وجوباً.
4- الالتزام بقراءة أو ترديد أدعية معينة مطبوعة في كتيبات تحمل أثناء الطواف والسعي وغيرها من المناسك، ومن العجب أن الكثير من الحجاج لا يفقهون معنى تلك الأدعية، فضلاً عن أن في بعض تلك الكتيبات ما يخالف التنزيه المطلق لله تعالى، وما يصطدم مع قضايا الإيمان الثابتة، إضافة إلى أن القراءة أو الترديد يشغلان الحجاج عن التأمل والتفكر والنظر والتمتع برؤية الكعبة المشرفة وغيرها من المشاهد، وقبل هذا كله، فإنه ما ثبت شيء من ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالداعي حاجاً أو غيره مأمور أن يدعو الله تعالى بدعاء يعرف معناه، وألا يتكلف في الدعاء بما ليس مفهموماً عنده، فعلى الحاج أن يدعو الله تعالى بخيري الدنيا والآخرة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يقرأ بين الركن اليماني وركن الحجر الأسود قوله تعالى : (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) وكان يكثر عليه الصلاة والسلام من قول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير، قائلاً صلى الله عليه و سلم : هذا أفضل ما قلته وقاله الأنبياء من قبلي.
5- الإصرار على الصلاة بعد الطواف خلف مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، مما يتسبب في زيادة الازدحام وإعاقة الطائفين، فالصلاة بعد الطواف جائزة في أي موضع من المسجد الحرام، بل على الحاج أن يراعي الآخرين وأن يوسع لهم، فلا يصح تقديم ما هو مستحب على حساب ما هو واجب، وأن من القواعد الشرعية أنه إذا ضاق المكان اتسع الحكم.
6- التزاحم على تقبيل الحجر الأسود أو لمسه، ولو أدى ذلك إلى إيذاء الغير والإضرار بالآخرين، أو الالتصاق بالنساء الأجنبيات، فهذا لا يجوز شرعاً، فليحذر الحاج من هذا كله، وليتق الله، فالعبادة لا تصح بارتكاب محظور، إذ لا تجتمع الطاعة مع المعصية، فعلى الحاج أن يشير بيده إلى الحجر الأسود إذا حاذاه في حالة عدم القدرة على تقبيله أو لمسه.
7- الإصرار على الوصول إلى الصخرات الظاهرة من جبلي الصفا والمروة، والبقاء عليها طويلاً للدعاء مما يتسبب في زيادة الازدحام، فالسعي إنما يكون من أصل الصفا إلى أصل المروة، ومن أصل المروة إلى أصل الصفا، مع الهرولة بين الضوئين الأخضرين في كل شوط،وهذا خاص بالرجال دون النساء.
8- الشروع في الإفاضة قبل غروب الشمس من عرفة، وهذا مخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أنه أفاض بعد غروب الشمس، وأمر المسلمين بذلك، وقد قال عليه الصلاة والسلام : خذوا عني مناسككم وقال أيضاً : هدينا مخالف لهدي أهل الشرك والأوثان، فقد كان أهل الشرك والأوثان يفيضون قبل غروب الشمس، وقد قال المحققون من أهل العلم: إن الشروع في الإفاضة إفاضة، لذلك يرى كثير من العلماء فساد حج من شرع في الإفاضة قبل الغروب، ويرى البعض أن عليه دما.
9-عدم المبيت في المزدلفة ليلة العاشر، وهذا لا يجوز، وإنما يرخص الدفع من المزدلفة للنساء والمرضى والضعفاء على أن يكون ذلك بعد غروب القمر لا قبله .
10-الاعتقاد بوجوب جمع الحصيات من المزدلفة، والصحيح جواز جمعها من المزدلفة ومنى وغيرهما من بقاع الحرم.
11- تقديم الهدي قبل اليوم العاشر، وهذا لا يصح ؛ لأن الهدي له ميقاتان زماني ومكاني، فالمكاني أرض الحرم، والزماني اليوم العاشر بعد رمي جمرة العقبة على أنه صلى الله عليه وسلم قد بين في حجة الوداع كل ما كان حكمه أوسع من فعله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم وهو واقف عند الصخرات في عرفة : وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف إلا بطن عرنة، وقوله عليه الصلاة والسلام، وهو في المزدلفة ليلة العاشر : وقفت ها هنا والمزدلفة كلها مشعر، وقوله صلى الله عليه وسلم، وقد نحر هديه بعد رمي جمرة العقبة في منى : نحرت ها هنا ومنى كلها منحر وفي رواية : مكة وفجاجها كلها منحر.
12- قص بعض شعر الرأس عند التحلل، وهذا خطأ، فالمحرم مأمور إذا أراد أن يتحلل أن يقصر جميع شعر رأسه أو أن يحلقه.
13- الإنابة في رمي الجمرات مع القدرة، وهذا لا يجوز، بل يؤمر كل حاج ذكراً كان أو أنثى أن يرمي بنفسه إن كان قادراً، على أن الرمي أصبح الآن سهلاً ومقدوراً عليه
14- رمي الجمرات أيام التشريق قبل زوال الشمس.
15- عدم المبيت في منى أيام التشريق،وهذا مخالف لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الحاج أن يبيت في منى أيام التشريق.
16- الانشغال بالأمور الدنيوية، والغفلة عن ذكر الله، والفتور عن الدعاء في منى، مع أن أيام منى أيام عبادة وذكر، وعلم وتعلم، وتفقه في أمور الدين، ودعاء وتضرع، وشكر وابتهال.