قصات شعر ونغمات جوال وملابس وسيارات تحاكيهم
نقص الرقابة الاجتماعية والفراغ العاطفي خلف الاهتمام بالمسلسلات التركية الأخيرة .......
أبها: تغريد العلكمي
أخذت بعض المسلسلات التركية التي بثت مؤخرا على بعض القنوات الفضائية حيزا كبيرا من اهتمام شريحة كبيرة من الأسر السعودية، بدءا من الأزواج والزوجات، ومرورا بالمراهقين، وليس انتهاء عند الأطفال الذين أصبحت هذه المسلسلات حديثهم في المدارس والمناسبات.
وانتشرت مؤخرا قصات شعر رجالية باسم "يحيى" و"مهند" أبطال هذه المسلسلات، وملابس وحقائب نسائية باسم "نور" و"لميس"، وكثر الإقبال عليها من قبل شريحة الشباب والمراهقين والأطفال.
من بين هؤلاء الفتيات تقول سوزان الحازمي (طالبة ثانوية) والتي كانت نغمة هاتفها المحمول تحمل مقدمة المسلسل التركي "سنوات الضياع" أنها اتخذت هذه النغمة أسوة بصديقاتها، ولكونها ملفتة للانتباه في الأماكن العامة، وقد تكسبها شيئا من التميز ـ على حد وصفها ـ، مشيرة إلى أن ما جذبها لمتابعة هذه المسلسلات هو الطابع العاطفي الرومانسي فيها، والذي يأخذ منحى متفردا عن المسلسلات الأخرى المكررة في فكرتها ومضمونها.
وأشارت الحازمي إلى وجود ظاهرة الاعتناء بهذه المسلسلات في مجتمعها المدرسي، وذلك بتقيد أبطال هذه المسلسلات بأمور متعددة كقصات الشعر والملابس، فضلا عن إعجاب بعض الفتيات بالأبطال بصورة مبالغ فيها.
تقليد التصرفات
ومن جانبه أوضح عبد العزيز العمرو (طالب بمعهد للاتصالات بجدة) أن الشباب أضحوا يقومون بتقليد تفاصيل التصرفات التي يقوم بها أبطال المسلسلات التركية، وحتى إن بعضهم أصبح يسمي بعض الأشخاص في جواله بشخصيات المسلسلين التركيين، ويتخذ نغمة مقدمات هذه المسلسلات، أو يطبع صورة إحدى البطلات على زجاج السيارة، في حين انتشرت في جدة ظاهرة تسمية الملابس وقصات الشعر وبعض الحلاقات الرجالية بأسماء أبطال هذه المسلسلات.
وأضاف خالد الحمد (موظف بشركة سياحية) أنه يعتقد أن السبب خلف لهاث شريحة الشباب والمراهقين خلف هذا النوع من المسلسلات هو اتسامها بالرومانسية المطلقة، والتي تحمل بين طياتها قيما سالبة، وعادات وتقاليد دخيلة على المجتمعات العربية، بالإضافة إلى ضعف المواد الإعلامية المقدمة لهذه الشريحة من مجتمعنا، فالمسلسلات الخليجية اقتصرت على رسائل متكررة، لا يكاد البعض منها يلامس الوعي الاجتماعي ولا واقعنا.
وبين الحمد أنه من المؤسف أن نسمع بانتشار حالات طلاق في المجتمع العربي بسبب هذه المسلسلات، وخلافات زوجية ناجمة عن الغيرة بين الزوجين مما يعرض في هذه المسلسلات، وقيم غريبة وتساؤلات يطرحها الأطفال على الآباء بسبب مشاهدتهم لأمور لا تتفق وما تربوا عليه من قيم وعادات اجتماعية.
وأكدت سلمى صالح (ربة منزل) أن بناتها اللائي مازلن في سن المراهقة أضحين تظهر عليهن سلوكيات غريبة كارتداء ملابس مشابهة للملابس المعروضة في هذه المسلسلات، مشيرة إلى أنها فوجئت قبل فترة برغبة ابنتها في أن تصبح مصممة أزياء أسوة بإحدى البطلات، بالإضافة إلى ابنها المراهق الذي فاجأها بقوله إنه لن يتزوج إلا من تركيا حينما يرغب في الزواج.
الفراغ العاطفي
ومن جانبه بين المسؤول الإعلامي بمجلس المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني في جدة أحمد أبو حسان أن المسلسلات التركية ساهمت بشكل كبير في كشف الفراغ العاطفي الذي تعاني منه أغلبية الأسر العربية، حتى إن بعض الأفراد أصبح يبحث عن ذاته، التي يفتقدها من خلال تقليد بعض المسلسلات في لبسهم وحركاتهم وحتى سياراتهم، وانتقد شخصيا هذه المسلسلات، فعلى الرغم من اختلافها عن المسلسلات المكسيكية في عدم الإسفاف بشرب الكحول أمام الشاشة، إلا أنه يؤخذ عليها فكرة صديق العائلة، أسوة بطبيب العائلة الذي تسعى إلى تثبيته، بالإضافة إلى أنها لم تلق الرواج الإعلامي في تركيا، حيث إنها لم ترق إلى مستوى المثقف التركي، خاصة أنها تحكي واقع الروايات، والتي يقبل عليها العرب بشغف، وهذا ما ساهم في نجاحها، لافتا إلى أن من المواقف التي تدل على تأثر مجتمعاتنا بها نغمات الجوال، وموضة تغيير الأسماء، خاصة البنات، فضلا عن الهوس العاطفي الذي تسببت به لدى الأطفال والمراهقين.
وقال أبو حسان إنه يتوقع تجمدها أسوة بغيرها، فجميعنا يتذكر بدايات الحارة، ومن سيربح المليون، وابن عجلان.
تقويض الأخلاقيات
إلى ذلك أضاف الإعلامي أخصائي الإعلام الاستراتيجي بمجلس التعاون الخليجي والأستاذ الزائر بجامعة صنعاء الدكتور موسى مبروك عسيري "من واقع تخصصي في الحرب الباردة، والتخطيط الاستراتيجي الإعلامي، فلقد استمرت الحرب الباردة لمدة تزيد عن 45 عاما ضد الاتحاد السوفيتي، وكانت تتخذ أشكال الحرب الدعائية، والاستنزاف الاقتصادي المبرمج، وهذا النوع من المواد الإعلامية السالبة، هدفها تقويض الدين والأخلاقيات، وكما يقول الشاعر وإذا أصيبت الأمم في أخلاقها، فأقم عليهم مأتما وعويلا، إذاً المسألة كلعبة الشطرنج، تهدف إلى تحقيق الاستراتيجيات دون إراقة الدماء، وهذه المسلسلات ذات طابع عاطفي مغلف بسطحية التفكير، واضمحلال الوعي الإنساني، والعقائدي والوطني، من قبل سماسرة الإعلام ".
وأكد الدكتور عسيري أن نقص الرقابة الذاتية هو ما ساعد على رواجها لدينا، كما أن هذه المسلسلات والبرامج التي تتخذ جسد المرأة سلعة رخيصة لترويج بضاعتها هي حرب معنوية وأيدلوجية، وحرب أعصاب وإرادة ودهاء، ولعل الهدف من هذه البرامج مدمرة عقائديا واجتماعيا، وهي تجد دعما ماديا ومعنويا ممن تنكروا لرسالة الإعلام السامية عقائديا، ووطنيا، بل وإنسانيا.
وعن السبب في تأثر المجتمع السعودي والعربي بها إلى هذا الحد أضاف الدكتور عسيري أن عرض هذه المسلسلات في التربة الخصبة لتقبلها، وخاصة الأثر الذي تتركه على الأجيال، ولعل السطحية في التفكير، والانفتاح الإعلامي، ونقص الرقابة الذاتي له دور كبير في ذلك.
وفيما يتعلق بالحلول للحد من تأثير هذه المواد الإعلامية على الأجيال أضاف الدكتور عسيري أن المسؤولية هنا ملقاة على عاتق رب الأسرة، وتكثيف التوعية الاجتماعية، والخطاب الديني، في حين يتم زرع الرقابة الذاتية من خلالها.
__________________
أناَ ليْ قلبُ ماَيحُــقـَـدْ.., ولاَيحُسَد.., ولاَ
يغَـــتُـــاَبـ ..
لإنْ النَاسْ مَن تُخطيْ لهاَ رب يجُاَزيـــٌــهـاَ..
ولاَ اندُمْ علَىْ البَايـُعْ ولاَ احُــزَنْ عـُـلىْ اللَعــُـاَبـ ..
وناَس ٍ ماَتقُـــدرَنيْ
أطنَــشُهاَ..واجُاَفيـهُـــــُـاَ }..