بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا تعريف مختصر جداً لشعر وشعراء المنطقة الجنوبية, أعد خصيصاً لمنتدى المصنعة:
الشعر في جنوب الممكلة العربية السعودية له بناء خاص ومميز يختلف عن بقية المناطق, ليس في المملكة فقط, ولكن في العالم العربي بأكمله.
ونستطيع أن نقول أن له (أوزان) محددة, وان كانت غير مصنفة, وبحسب معرفتي, فلم يقم أحد بدراستها بتعمق من ناحية التركيب (الموسيقي), وان اشبعت بعض الجوانب الأخرى, وبخاصة الناحية اللغوية, لما فيها من ابداع قل أن تجد له شبيه.
أوزان الشعر في المنطقة الجنوبية محددة بألحان (طرق) يجعلها قابلة للتجديد والتطوير والتغيير, ولهذا تجد أن أغلب شعرائها هم شعراء العرضة الجنوبية, والتي عادة لا تقام الا في المناسبات, سواء الخاصة منها كالزواج, أو المناسبات العامة كالأعياد وغيرها.
أما مجالات الشعر فهي غير محددة مثل بقية العالم, وان كان أكثره في مجال الحكم والتاريخ.
من ناحية التركيب, يتميز الشعر في هذه المنطقة, بتقسيم خاص, وهو (البدع والرد) وان كان ليس شرطاً, ولكن هذا ما تعارف عليه شعراء المنطقة.
في البدع يقوم الشاعر بقول بيت أو عدة أبيات في موضوع معين, ويضع لكل بيت منها (في الغالب) قافية مختلفة, وقد (يخطط) الشاعر لهدف معين يريده ممن يقوم بالرد, فيذكر كلمات محددة يرتب بها للرد, أو يبعد الشاعر الآخر أو يحاول تعجيزه.
وغاية الإبداع والقوة تكون في البدع.
ثم يأتي دور الرد, وهنا تكون قوة الرد بحسب قوة الشاعر, فإن كان متمكناً من الشعر ولديه المفردات اللغوية الكافية, فإنه يقوم ببناء القصيدة بحيث تكون نهاية كل شطر من جميع أبيات القصيدة, بنفس الكلمات التي ذكرها الشاعر في البدع, ولكن بمعنى مختلف, وفي الغالب يكون موضوع الرد مختلف عن موضوع البدع, وان كانت المعاني أيضاً تختلف عن ظاهرها, وهذا هو سر جمال الشعر في هذه المنطقة العزيزة.
عندما نصف الشعراء, فإننا نشبه من يريد أن يصف بحراً هائجاً في يوم عاصف ممطر, وقد يقول قائل أنت تبالغ بوصفك, وأقول انتظر حتى النهاية وستعرف أنني لم أصفهم سوى بقليل مما هم عليه.
أغلب الشعراء في هذه المنطقة, هم شعراء العرضة, وهو شعر محاورة بين اثنين أو أكثر من الشعراء, يقوم كل طرف بتحدي الطرف الآخر, بأسلوب فيه من الإثارة الشي الكثير, وقد يذكر الشاعر أموراً تاريخية كثير من الناس لا يعرفها, ولكن الشعراء الآخرين يجب أن يكونوا ملمين بهذه الأحداث, وهذه احدى ميزات هؤلاء الشعراء.(معرفة التاريخ منقولاً).
ثم يجب أن يكون الشاعر ملماً بأغلب أحداث وقته الحاضر, وبمجتمعه, حتى يستطيع فهم ما يقوله المقابل, ويستطيع هو وصفه, ومن أكبر العيوب في الشاعر أن يصف حدثاً بغير وصفه الصحيح.
من أهم ما يجب ذكره هنا, أن كل هذا يكون وليد اللحظة, وهذه مقدرة خارقة, بمعنى أن الشاعر يجب أن يتصف بصفات لا يتصف بها الا القليل من الناس, ومنها:
الحضور الذهني الكامل, قوة التركيز, معرفة التاريخ, معرفة الأحداث الحالية, معرفة الاتجهات الفكرية, معرفة الشاعر أو الشعراء المنافسين والمؤيدين, المعرفة اللغوية الهائلة, القدرة على التعبير عن الفكرة بتركيب موسيقي محدد, الصوت الجميل (أو المقبول), الجرأة والشجاعة, سرعة البديهة, معرفة العادات المختلفة للقبائل, معرفة رموز المجتمع وكبار القوم, فصاحة اللسان ووضوح المنطق, وغيرها الكثير..
سأذكر نوذجاً واحداً يوضح أجزاءً مما ذكر, ولهذا الإختيار أسبابه الخاصة:
هذه محاورة بين الغويد الغامدي وبن عزيز القرني
الغويد
طلبة الله تبدّا قبل بدع الهجوس وستر دام
والصلاه عالنبي قدام بدع الهجوس وستر دايم
والهجوس الذي في كل معنى وستّر دايمه
يالله يامالك الدنيا وملك الجنوب وستر شام
والغروب وشورق الشمس واهل الجنوب وستر شاما
مالكٍ كل الفضا في كل معنى وستّر شايمه
ياسلامي على شهران تسليمةٍ ولها مكان
في محل الكرم والجود والفايده ولها مكاين
يوم جينا محل الجود بين العرب ومكاينه
ياسلامي لكم يا انسابنا والعواني بيت بيت
والله ماجابنا الى عندكم ياأنسابنا إلا محبه
مالفينا نقوس اقدورنا عندكم يا انسابنا
غير جينا نمثّل موقف اهل النسب والناسبين
غامديٍ وشهراني نسبهم على سنة نبينا
والحسب والنسب من عادة اهل المذاهب والعرب
المواثيق والعرّاف مابين غامد واشهران
انتم ياداعية شهران من روس قيف ومن عواني
والله انا يشرفنا وجود الرجال الطيبين
والذي مثلكم لا جا نهار اللوازم مانذمّه
لان قلبي تجنّب غيبة الناس وانها دربها
وانحن داعية غامد كما حاشرٍ طمّا عقوم
ينقل السدر والضهيان في دقلته واحنا بوادي
دقل سيل يشيل الميدرا والحصاد اعمارها
ناويٍ له رعود يوم تنشي ترى ولها نجوم
له نجومٍ قويه والمسمّي يسميها صواعق
تهرب الجن منها والشياطين ظلّت هاربه
وان مضى من ديار الوقت ظلاّ يزيد الما نهوله
ليّنت كل وادي بعد ذاك القسى ولها يلين
ياسلامي عليكم ياهل الحفل واعلنها سلام
ياسلامي على بيشه ومن حلّها والفاتحيّه
الذي حلّ في بيشه وحتى الذي في دور بيش
ياسلامي لكم ياربوع البلاد وروس قوم
ياسلامي لكم من روس غامد سلام في ضماني
صلب قيف يفيدون الجمايل الى جا سوقها
انحن غامد الهيله الى زاع للبيرق علوم
نعطي الحق طلاّبه وراعي الخطا نعمي عيونه
ياملايكة ربي رافقينا وياجن اهربي
انا مااحب غير الخير للناس ماحب الكياد
قالها الشاعر اللي من يريد الرضا ماحب كيده
والله ماحب دوّار المشاكل ولا حب كايدي
الذهب يالذي تعرف لصرف الذهب خلّوه غالي
الذي يصرفون المال مايكنزون الا ذهب
الورق عملةٍ تمشي وله راس مال وصيرفيّه
والجنيهات والفضّه على سعرها واثقالها
انشد الصيرفي ويقول ماكل مصروف دراهم
اشكل الصرف بين الناس مدري هلل والاّ قروش
انا ماني عميل للذي جاب فيد وراس مال
اتشرّف الى جاني عميلي بفيد وراس مالي
مانبي عملةٍ فيها خساره ولامن جابها
انا باعامل الطيب وانا صاحبه وانا عميله
لابدالي عميلي يانشامى يقول اني فلان
ان لقيته من اهل الطيب باساعده وادرى مقامه
وان لقيته من الجهّال باجنّبه وشي لي منه
يوم عوّد يعد المال عوّد يقل لي عد واسلم
قلت وش تعطي المحتاج قالوا عشر فوق الميه
اي راعي المال ماديّن ولاقصّد
مابين راعى بقصّه من قصايدنا
يقول انا ماشيٍ دايم على نيّه
ماني بضامي ولا ادوّر صبح بكره
من يارد البحر صار اميه وعشرينا
بن عزيز
ياسلامي على ذا حط قبل المعادي ستر دام
حط في الريع قدام العدو حين ياجي ستر دايم
ماتغبى فعوله في الملاقا وستّر دايمه
لانوى يكتب القالات يكتب عليها ستر شام
حتى يوصل لكاتب عدل يكتب عليها ستر شاما
راعي المحكمه يكتب على الصك ستّر شامه
اسمعوا من هروج صادره بينكم والها مكان
من صدور ٍ تجيب الهيض بين العرب والها مكاين
كل قلب ٍ يجيب الهيض من مصنعه ومكاينه
من كلام الحلا والمر عز الله الا بيت بيت
ياسلامي عليكم عد نو ٍ غزير ولمّ حبه
راعي البيت لا منّه بنا البيت ماينسا بنا
كل علم ٍ يقوله طيب ٍ بين الناس بين
كل نشمي يقول العلم بين الناس بينا
انتو اهل الشهامه والشيم والمذاهب والعرب
هذا علمي وانا بشهر بصوتي مع الناس اشهران
انتو اللي من منع نور النهار اللزوم ومنع وادي
وكل عد ٍ رهي ٍ حين يوصل اليه الطيبين
العدو لو طلب في ذمّة الحرب قلتو حرب ومانذمّه
والنمر لالقا وس الحضانه بينهى دربها
ياسلامي على قيف ٍ لنا غالي ٍ طمّاع قوم
انتو تبدون في يوم الشقا دايما واحنا بوادي
عندكم للمعادي في الملاقا حصاد اعمارها
القبايل تشيل اعلامها في اللقا ولها نجوم
انتو اهل الفوايد كلها وانتو جنود الصواعق
العدو في ملاقاكم بتهرب وضلّت هاربه
اسمعوا للمعاني ياكل طيب مانهوله
انتو القيف ذا هال المهادي وهال الهايلين
وانتو اهل الفوايد ساعة الحرب والا في السلام
ماتخافون لو بألفا داب ٍ ولو بألفات حيّه
وانا بادور بالاخبار بين العرب وادور بيش
العدو حين نلقاهم في الملتقا مرّوا سقوم
وانا اضمّنك يالبلجيك في كل ملقا في ضماني
ننتقي المعرفة من مصدر الفايده من سوقها
لازم اروح بين الناس واعطي خبركم والعلوم
اما انا لو عددت العد ماينغباه من عيونه
ياحليل الذي من الناس في داخل الجنه ربي
يعطي غويد علم ٍ للمعاني وهو من حبك اياد
المعاني يصرّفها نهار المثل من حبّك ايده
والمعاني تجي من حبّك ايده ومن حبكى يدي
انا بغليك يالنشمي نهار اللوازم وانت غالي
ماحسبنا حساب اللي بقى اليوم والا من ذهب
نستمع في الملاقا هدرة ٍ للجمال الصيرفيه
ماتغبّا اسم واطيها في الملتقا واثقالها
لا اقبلت في نهار الهوش في سراع وفي دراهم
ياسلامي على سيفٍ وهو يقرش الهادي قروش
راس يبدي نهار الملتقا ياغويد وراس مال
وراس يوقف ليا جاك الطلب ياغويد وراس مالي
كلمة الحق موثوقه مع الناس يامن جابها
لامشينا بدرب واضح ٍ للقعود ومنع ميله
خل ذا كبّر اسمه بين جمع العرب واني فلان
انا بدرى جلوس اللي معي للعرب وادرى مقامه
واللذي غاوي ٍ من درب الابطال قل وش لي منه
بدعنا خمسه وخمسين ياللي تعدّه عد واسلم
وان حكمنا عليه الرد تلقا عشر فوق الميه
حليل من غاب مالعالم ولا قصّد
لابد بالصبح يسمع من قصايدنا
واخبار الاجواد نعلنها علانيه
الله عطا كل شاعر لاصبح بكره
البدع والرد صار ميه وعشرينا