الدعوة إلى الله في القرى ( أهميتها ـ وسائلها ـ عقباتها )
أبو عمر التهامي
إخوتي الأفاضل .. هذا المقال الذي بين أيديكم هو جهد المقل ، رأيت فيه ثغرة تدعو الحاجة الملحة إلى سدها ، مع التفريط الحاصل فيها ، فحاولت أن أضع خطوة على الطريق ، وآمل منكم ـ أحبتي ـ أن تضعوا معي خطواتكم المباركة ؛ لعل الله تعالى ـ بمنه وكرمه ـ أن يكرمنا بجزيل الثواب .
مع العلم ... أن هناك إخوة لكم في أمس الحاجة إلى مثل هذا الموضوع .. فلا تبخلوا علينا وعلى أنفسكم ، بارك الله فيكم ورزقنا وإياكم الإخلاص والسداد .
--------------------------------------------------------------------------------
أهمية الموضوع
1) تذكر فضائل الدعوة إلى الله .
2) الحاجة الملحة للدعوة في القرى حيث : تفشي الجهل والبعد عن الدين ، والوقوع في شركيات وبدع وخرافات ... ولك أن تتخيل خيمة بجوارها طبق الاستقبال الفضائي ؛ ما مدى التأثير الذي سيحدثه في أهلها .
3) كثرة إرساليات المعلمين الجدد إلى القرى مما جعل وجوب تعيين الدعوة عليهم أكثر من غيرهم .
4) وجود عدد من المعلمين ممن لا خلاق لهم يسعون لقضاء مآربهم في أهل القرى مما زاد أهمية وجود المعلم الداعية .
5) الإهمال والتفريط في هذا الجانب من الدعوة رغم أهميته وحاجة أهل المنطقة لذلك .
6) وجوب العمل للدين في أي مكان وضعت فيه .
--------------------------------------------------------------------------------
وصايا عامة
1) الإخلاص وحسن النية طريق لتيسير الصعوبات .
2) تهيئة النفس لما قد يلاقيها من صعوبات وعقبات نفسية وخارجية .
3) كن قدوة بفعلك قبل قولك .
4) ليكن همك الأول كيف تنصر دين الله وتنشره ، لا المال وحتى الرجعة إلى الأهل والراحة .
5) تذكر جلد سلفك رحمهم الله تعالى في الدعوة إلى الله وصبرهم في سبيل الله تعالى .
--------------------------------------------------------------------------------
العقبات والمشكلات التي تعترض الداعية في القرى
1) وهي من أهم العقبات وأخطرها : عقبة النفس الضعيفة الملولة الكسولة .
فكثيراً ما ترى إخوة ظاهرهم الاستقامة ، ولكنهم ليس لهم أثر يذكر ، ولا بذل يبذلونه لأنهم ( محطمين ) نفسياً . والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
والعلاج : إخلاص النية لله تعالى واللجوء إليه ( وهو أقوى علاج ) ، اختيار الرفقة الطيبة التي تعينك ( وليس شرطاً ) ، الاستشارة ، والرجوع إلى الأخوة المسؤولين في كل فترة وغيرها .
2) المواصلات ( أحياناً ) :
فلا تتوفر لدى الأخ وسيلة مواصلات مما يجعله في بعض الأحيان يستعين بزملائه فيصبح تبعاً لهم ، وهذا قد يعيقه عن التحرك بسهولة في القرية .
3) السكن :
قد لا يتوفر سكن في القرية - كما في بعض القرى - إلا سكن يتجمع فيه المعلمون ، وهم بين مستقيم -القلة- ، وغير مستقيم -الكثرة- ، والغلبة للكثرة -كما يقولون- ، حتى أنه يذكر عن بعض الدعاة أنه كان يبكي من شدة الألم ، لأنه يسكن في غرفة واحدة بها جميع المدرسين ، بين مدخن ودش وغيرها ، ولا يوجد في القرية سكن غيره والله المستعان .
والعلاج : الاستعانة بالله في البحث ومحاولة إصلاح الموجودين .
وعلاج آخر قوي ومجرب : أن يبدأ الأخ باستئجار منزل لوحده ، وسوف يأتي إليه مجموعة من المعلمين ليسكنوا معه ، فيختار ويشترط عليهم ما شاء ، لا تلفاز ولا دش ، ولا أغاني أو صور ، ولا تدخين ، وصلاة في المسجد - مسجد القرية - ، وهكذا فيصبح المنزل مملكته يتصرف كما يشاء .
4) وهي عقبة - لا بد منها - : وهي طبيعة القرى الجغرافية ، الصعوبة في التحرك ، وشدة وعورة الطرق ، والتيهان الوارد والذي حصل كثيراً .
العلاج : استعن بالله ، واعلم أن هذا وضع جميع القرى ، ب هناك قرى أشد سوءاً من قريتك التي تسكن فيها .
5) صعوبة تقبل الناس في بعض القرى ، بل هي قلة جداً ، وكثير من أهل البادية في القرى يحبون الملتزمين ، ويشهد بذلك المجربون ولله الحمد .
العلاج : استعن بالله ولا تيأس وتذكر حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم وما لاقاه من قومه .
6) مضايقة من بعض المسؤولين في القرية كشيخها أو أميرها أو محافظها أو إمام المسجد ، إذا رأوا أنك قد سلبت الأنظار عنه إليك بحركتك ودعوتك ونشاطاتك التي تقيمها .
العلاج : " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن " كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم.. أعطه مكانة ، أشركه معك في دعوتك - سيأتي كلام عنه - .
وهناك عقبات أخرى ... والعلاج الجامع : الاستعانة بالله تعالى ، وإخلاص النية لله ، واللجوء إليه فإنه مفرج الكربات ومنفس الهموم سبحانه وتعالى .
--------------------------------------------------------------------------------
كيف ندعو إلى الله في القرية ؟
أولاً : تذكر أهمية الدعوة إلى الله وفضلها ، وخصوصاً القرى والجهل فيها ، " لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم " .
ثانياً : وهي نعمة أخرى : سرعة تقبل كثير من أهل القرى وحبهم للملتزمين ، إذا رأوا لك أثراً ، ومنك حرصاً على دعوتهم وتعليمهم دين الله .
ثالثاً :
أ- اجعل المسجد نقطة انطلاقة لدعوتك :
1- خصص درساً أو درسين أسبوعياً ، " الدروس المهمة لعامة الأمة " ، " فتاوى للعلماء " ، "العقيدة" ، "الفقه" .
2- كثف جهدك في المواسم كرمضان والحج والإجازات .
3- افتح حلقة لتحفيظ القرآن الكريم .
4- نسق لمحاضرات تستضيف فيها بعض الدعاة ، ولا يحتاج الأمر إلى موافقة رسمية ، وإنما حرصك على حضور الداعية وعلى حضور أكبر عدد من أهل القرية ، وتذكر أنهم عوام لن يحضروا ما لم يكن هناك حوافز وجوائز مرصوصة على الطاولة .
5- خطبة الجمعة وسيلة قوية للتأثير على الناس ، فاحرص عليها وإن كان هناك خطيب فلا تخسره بل تذكر أنه يظن نفسه شيخ القرية وأعلمها ، فاكسبه في صفك .
ب- توزيع أشرطة وكتيبات - واهتم بالأشرطة - وعمل مسابقات عليها كمسابقة رمضان وجوائزها في العيد .
ج) استعن -بعد الله- بمن حولك من المعلمين السعوديين أو غيرهم ، وكذلك بعض العمالة يكونون على خير كثير ولكنهم دفنوا في القرية ، كأن يكون معلماً لتحفيظ القرآن - إن كان يجيده- ، ولا بد من أذن كفيله وإقناعه .
وكذلك استعن ببعض أهل القرية الذين ترى فيهم خيراً ، ولو لم يكن ظاهرهم الاستقامة ، والواقع يشهد بأمثال هؤلاء وكم قدموا .
د) تأكيد على أن يكون معلم التحفيظ شخصاً آخر ، ولو تم إحضاره من خارج القرية براتب ثابت .
هـ) احرص على كسب كبار القرية بزيارتهم وإعطائهم مكانتهم ، حتى يساعدوك في تيسير دعوتك ، ولا تنس تخصيصه بزيارة مع الشيخ الزائر من خارج المنطقة قبل المحاضرة أو بعدها .
و) عمل المسابقات ، وإقامة الحفلات التكريمية لها ولطلاب التحفيظ في نهاية كل فترة -وكم لها من أثر- .
ز) عمل مخيمات دعوية وإغاثية لضمان حضور أكبر عدد من أهل القرية .
ح) احرص على تفقد أحوالهم -والغالب فيهم الفقر- ، وإحضار المواد الغذائية بالتنسيق مع الجهات المعنية كالمستودعات الخيرية أو المؤسسات الخيرية ، أو أحد الميسورين أو المشايخ والدعاة وغيرهم .
ط) اعمل حلقة وصل بينك وبين الأخيار في القرى المجاورة ، واحرص على التعاون بينكم ، وليكن همك المنطقة بكاملها .
ي) في أسوأ الأحوال ظروفاً ، إذا لم تجد المعاونين في قريتك وزملائك والقرى الأخرى .. فإياك إياك أن تقف عن العمل ، فكم من أناس نفع الله بهم ، وهم فرادى .
والناس ألفٌ منهم كواحدٍ وواحدٌ كالألف إن أمر عَنَى
ك) احرص على أخذ من استعطت من أهل القرية شباباً أو شيباً لأداء العمرة في رمضان ، وأداء فريضة الحج ، وي الله كم لك من الأجر إن فعلت - فإن كثيراً من أهل القرى لا يعرفون مكة والمدينة ، ولم يروها في حياتهم -والله المستعان- .
ل) لا تنس دعوة زملائك المعلمين سواء كانوا معك في السكن بعمل برنامج داخل السكن ، أو خارج السكن بربط علاقة معهم وإهدائهم الأشرطة المفيدة وزيارتهم .
وكذلك طلاب مدرستك ومدرسيهم ، احرص على إقامة نشاط دعوي فيها ، وتذكر في مدرستك أن تكون قدوة في كل شيء ، وتذكر-أيضاً- أن الدير لا يريد منك سوى الجدية في العمل والتحضير .. ثم إن فعلت ، ادع في المدرسة فلن يمنعك .
م) تذكر أنه يوجد لديك أوقات فراغ ، فإياك إياك أن تهمل نفسك من قراءة القرآن وحفظه أو مراجعته ومن الاستفادة من وقتك عموماً .
ن) استشر أهل الخبرة ومن سبقك في هذا العمل .
س) لا أنفع من إخراج داعية من أهل القرية وهذه من النقاط المهمة جداً لمن أراد الانتفاع الدائم لأهل القرية بإذن الله .
ع) وعلى افتراض سوء أهل القرية وعدم تقبلهم ـ إن لم تكن أذيتهم ـ فلتحرص بارك الله فيك على إنشاء جيل من الشباب بتبنيهم وتربيتهم من خلال حلقة للتحفيظ أو أي محضن آخر ؛ مع العلم أن التربية قد تحتاج منك إلى سنوات ، وما أجملها وأبهاها حين ترى ثمرتها في مستقبل السنين .
منقول من صيد الفوائد للرجوع والاستفادة أكثر
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
__________________
دع الأيام تفعل مـا تشـــاء وطب نفسا إذاحكم القضاء
ولا تجزع لحــادثة الليـالي فما لحوادث الدنيـا بقــاء
***
وكنرجلا على الأهوال جلدا وشيمتك السماحة والوفـاء