3/3 تابع الاستغفار
أسباب موجبة للمغفرة
من رحمة الله بعباده أن فتح لهم أبوابا كثيرة موجبة للمغفرة , قال تعالى ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) سورة الزمر (53) .
وهذه بعض الأسباب الموجبة لمغفرة الذنوب ودخول الجنة بمشيئة الله:
* إتباع الرسـول قال الله تعـالى ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنـوبكم والله غفـور رحيم ) سورة آل عمران (31) . قال الأزهري : محبة العبد لله ورسوله طاعته لهما وأتباعه أمرهما , ومحبة الله للعباد إنعامه عليهم بالغفران .
* الاستغفار من الذنوب والإقلاع عنها وطلبُ المغفرة من الله: قال الله تعالى : (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) سورة الأنفال (33) .قال ابن عباس في تفسير هذه الآية " كان فيهم أمانان : النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار ، فذهب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبقي الاستغفار. من استغفر الله تائباً وعازماً على ترك الإصرار على المعصية فإن الله يستجيب دعائه ويغفر له قال الله تعالى ( ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) سورة النساء (110) . وجاء في حديث قدسي : " قال الله تعالى يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة , وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ « والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة » وكان أمير المؤمنين على ـ رضي الله عنه ـ يقول: العجب ممن يهلك ومعه النجاة ، قيل وما هي: قال: الاستغفار .
* متابعة الأذان قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ" من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، رضيت بالله رباً وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً غفر له ما تقدّم من ذنبه " .
* الذكر بعد التوضؤ : من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء .
* الجزاء العظيم لمن ذهب إلى المسجد: سواء غداء للصلاة ، أو لطلب علم ، أو لغير ذلك من مقاصد الخير، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلا في الجنة كلما غدا أو راح "
* الصلوات الخمس : قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ " أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا لا يبقى من درنه شيء قال فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا" ، وفي رواية لمسلم قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس أو مع الجماعة أو في المسجد غفر له ذنوبه .
* من وافق تأمينه تأمين الملائكة : قال رسول الله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " إذا أمن الإمام فأمنوا ، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " .
* من وافق قوله قول الملائكة عند الرفع من الركوع في الصلاة : قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ " إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد ، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " .
* الصدقة : قال تعالى ( إن تقرضوا الله قرضا حسننا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم ) سورة التغابن (17) ، أي يضاعفه لكم في الدنيا ويغفر لكم في الآخرة ، ومهما أنفقتم من شيء فهو يخلفه. ومهما تصدقتم من شيء فعليه جزاؤه ، ونزل ذلك منزلة القرض له كما جاء في الصحيحين إن الله تعالى يقول " من يقرض غير ظلوم ولا عديم ".
* الصبر وعمل الصالحات: قال تعالى ( إلاّ الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير ) سورة هود (11) . جاء في الحديث « والذي نفسي بيده لا يصيب المؤمن هم ولا غم ولا نصب ولا وصب ولا حزن حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله عنه بها من خطاياه».
* مجالسة الصالحين و الاجتماع على الذكر : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ " ما اجتمع قوم على ذكر فتفرقوا عنه إلا قيل لهم: قوموا مغفوراً لكم " .
* الإكثار من الرجاء مع عدم القنوط: قال تعالى ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب
جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) سورة الزمر (53) . قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من آيس عباد الله من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله عز وجل ، ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه.
* الإكثار من الصلاة على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الطفيل بن أبي بن كعب قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في ثلثي الليل فيقول : جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه وقال أبي يا رسول الله إني أصلي من الليل افأجعل لك ثلث صلاتي ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الشطر ) قال افأجعل لك شطر صلاتي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الثلثان أكثر ) قال افأجعل لك صلاتي كلها قال : ( إذن يغفر لك ذنبك كله) .
* سؤال الله الجنة ثلاثاً والتعوذ من النار ثلاثاً: عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة : اللهم أدخله الجنة ، ومن استجار من النار ثلاث مرات قالت النار: اللهم أجره من النار "
* القول السديد : قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم * ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ) سورة الأحزاب (70ـ71 ) قال قتادة : يعني به في منطقه وفي عمله كله ، والسديد الصدق . والقول السديد يقود إلى العمل الصالح ومغفرة الذنوب . ولأحمد والبخاري " إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها ، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في نار جهنم ".
* العفو عند المقدرة فمن عفا عفا الله عنه: قال تعالى : ( ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ) سورة النور (22 ) وقد نزلت هذه في أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ في واقعة الإفك ، فقد كان له ابن خالة فقير يدعى مسطح بن أثاثة ، كان يتيما وينفق عليه أبو بكر وعلى قرابته وقد كان مسطح هذا ممن جاء بالإفك ، فلما نزلت آيات تبرئة أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ طرده أبو بكر وحلف ألا ينفق عليه بعد ذلك وقال: قم فلست مني ولست منك لا تدخل على , فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وقرأها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلما وصل إلى قوله تعـالى ( ألا تحبون أن يغفر الله لكم ) قال أبو بكر رضى الله عنه ( بلى يا رب إني أحب أن يغفر لي ) وذهب أبو بكر إلى منزله وأرسل إلى مسطح وأقاربه وقال لهم : ( قبلت ما أنزل الله على الرأس والعين ) وجعل ـ رضي الله عنه ـ لهم مثليّ ما كان لهم من قبل .
* خشية الله في الغيب : قال تعالى ( إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير ) سورة الملك (12) . جاء في الصحيحين « سبعة يظلهم الله تعالى في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله » فذكر منهم رجلاً دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله ، ورجلاً تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه .
* التجاوز عن المعسر : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ " كان رجل يداين الناس فكان يقول لفتاه : إذا أتيت معسراً فتجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز عنا ، فلقي الله فتجاوز عنه" .
يا رب إن عظمت ذنوني كثرة *** فـلقـد علمـت بأن عـفوك أعــظم
إن كان لا يرجوك إلا محسنٌ *** فمن ذا الذي يدعو ويرجو المجرم
مالي إليك وسيلة إلا الرجـــا *** وجـــــميل عـفوك ثم إني مــسلم
اللهم إنا نستغفرك من كل ذنب تبنا إليك منه ثم عدنا فيه ، و نستغفرك من كل ما وعدناك به من أنفسنا ولم نوف لك به ، ونستغفرك من كل عمل أردنا به وجهك فخالطه غيرك ، ونستغفرك من كل نعمة أنعمت بها فاستعنا بها على معصيتك ، ونستغفرك يا عالم الغيب والشهادة من كل ذنب آتيناه في ضياء النهار وسواد الليل في ملأ أو خلاء وسر وعلانية يا حليم تقبل منا ، وأعنا اللهم على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ، إنك ولي ذلك والقادر عليه , وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .
كتبه وجمعه الراجي مغفرة ربه
عبدالهادي بن عبدالوهاب المنصوري
جدة 20/6/1431هـ