يا سائلين عن الجنان
هل تسمعون ؟
كتاب الله يدنس و يهان...
و رسول الله يسب أمام الأعيان...
وبلاد المسلمين تنهب و تسلب من كل مكان...
و أمهات ثكالى... قد أرهقتها الدموع على مر الزمان...
و أطفال صغار يرون من الظلم ما تعددت منه الألوان...
و أخوات الإسلام يغتصبن و لا يسمعهن من له أذان...
و أعداء الله كل يوم في شماتة وطغيان...
و ما بقي على الأرض من خلق إلا و سمع أنات و صيحات الأحزان...
و جرح الأمة ينزف و أنتم تقولون هل من أكفان؟
إلا فريقا من الأخيار...
رفض الخضوع أو السكوت أو الإذعان...
و أبى إلا أن يلبي داعي الله إلى الجنان لما سمع البلاغ...
{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ...}
فريق الأباة الأخيار حفظ ما قاله رسولنا عليه الصلاة و السلام
عندما جَاءَه رَجُلٌ فَقَالَ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ قَالَ لَا أَجِدُهُ قَالَ هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلَا تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلَا تُفْطِرَ ...قَالَ وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟
و زاده خشية وعيه بمقالة فاطر السماوات و الأرض:
{ انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمْ الشُّقَّةُ ...}
ولم يرض أن يكون ممن قال فيهم رب العرش العظيم:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنْ الْآخِرَةِ ...}
لما ترسخ لديه وُجُوبِ النَّفِيرِ وَمَا يَجِبُ مِنْ الْجِهَادِ وَالنِّيَّةِ
باع نفسه و لبى النداء...دون الرجوع إلى الوراء
فيا سائلين عن الجنان...
أما اشتقتم للإلتحاق بفريق الأخيار؟
و أنتم في بيوتكم... فلا تقولوا لا يمكننا التحرك تحت الحصار...
يا راحلين إلى البَيت العتيق لَقَدْ ... سرْتُم جُسُوما وسرْنا نحنُ أرواحا ...
إنَّا أقَمنا على عُذْرٍ وعَنْ قَدَرٍ ... ومَنْ أقامَ على عذْرٍ فقد راحا ...
هل تسمعون قول الله ذي الجلال و الإكرام: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }
هل تسمعون؟
وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ قبل أنفسكم
أما علمتم أن أَفْضَلُ النَّاسِ مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ بمَالِهِ و بِنَفْسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فقد جاء رَجُل يسأل النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ فَقَالَ رَجُلٌ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ ...
هل تعوون؟
يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
ذلك الفوز العظيم...
يا سائلين عن الجنان...
إن فضْل النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يخفى على سيد ولد آدم عليه الصلاة و السلام حين قال: مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دَعَاهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ أَيْ فُلُ هَلُمَّ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَاكَ الَّذِي لَا تَوَى عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ...
و قال في فَضْلِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ خَلَفَهُ بِخَيْرٍ: مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا...
فصلى الله و سلم على من قال: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلَافَ سَرِيَّةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَبَدًا وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلَهُمْ وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنِّي وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلُ...
يا سائلين عن الجنان...
هل تسمعون ؟
فماذا بعد هذه المقالة ستجيبون؟
أولا تعوون قول السميع العليم:
{ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ...}
هل رضيتم بالقعود ؟
و نسيتم كل الوعود بالفوز العظيم!
قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة و التسليم: { إنَّ فِي الْجَنَّةِ لَمِائَةَ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ الدَّرَجَةِ وَالدَّرَجَةِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ }...
فإن قلتم كيف السبيل و كيف النفير؟
فإن بَاب الجهاد باب وَاسِعٌ لَمْ يَرِدْ فِي ثَوَابِ الْأَعْمَالِ وَفَضْلِهَا مِثْلُ مَا وَرَدَ فِيهِ و الجهاد بالمال من أعظم الدرجات وَالْقَائِمُ بِهِ بَيْنَ إحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ دَائِمًا . إمَّا النَّصْرُ وَالظَّفَرُ وَإِمَّا الشَّهَادَةُ وَالْجَنَّةُ ...
فلا تبخلوا بما آتاكم رب العزة من مال...وجاهدوا به مع فريق الأخيار
و تكونوا بذلك من السابقين الأحرار...
الذين اشتاقوا لحياة الجنان و لقاء رب الأبرار...
ولم يرضوا بحياة الخنوع لأرذل خلق القهار...
وقالوا لن نقول لكم اذهبوا و قاتلوا سنبقى هاهنا نترقب الأخبار...
بل ستكون أموالنا قبل أنفسنا فداءا لأمة تنتظر النصر في كل الأمصار...
و تعيد مجدا ما فارق الأفكار...
نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ أَنْ يُوَفِّقَنَا وَسَائِرَ إخْوَانِنَا وَجَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ لِمَا يُحِبُّهُ لَنَا وَيَرْضَاهُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ و أن ينصرنا على أعداء الدين و يستعملنا في إعلاء كلمته بأموالنا و أنفسنا فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا دَائِمًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ .