مخيمات جُهزت للاجئين وخادم الحرمين يأمر بتوفير المساعدات عاجلاً 1200 هزة أرضية تضرب قرى في المدينة المنورة وبركان العيص قد يثور
متابعة خلف الدواي: يتابع السعوديون باهتمام بالغ ما تشهده قرى تابعة إداريا لمنطقة المدينة المنورة من نشاط زلزالي مستمر منذ ثلاثة أسابيع وسط توقعات بأن تؤدي إلى ثورة بركان العيص الواقع على بعد 240 كيلو متراً تقريبا من المدينة المنورة ما أدى الى اتخاذ كافة التدابير الاحترازية من قبل السلطات المسؤولة في المملكة بما في ذلك إنشاء مخيم لاجئين لمن يرغب بالنزوح من سكان تلك القرى ربما في إشارة إلى ان الأوضاع لاتزال مطمئنة ولم تبلغ بعد حد الإخلاء الإجباري في حين تتوالى بعثات من جيولوجيين وإعلاميين على تلك المنطقة التي وصفتها صحف بأنها منكوبة.
فمنذ 22 ابريل الماضي شهدت منطقة العيص مئات الهزات الأرضية شعر بها السكان وكان أقواها ما شهدته قرية العويص 240 كم عن المدينة المنورة شمال غرب فجر امس الخميس من هزات متتالية بلغت أقواها على مقياس ريختر 4.15 درجات كما أعلن ذلك لـ «الوطن» مدير المركز الوطني للزلازل والبراكين في الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية في المملكة المهندس هاني زهران.
«الوطن» رصدت الظاهرة عبر صحف سعودية أشارت الى حالة من الهلع أصابت بعض سكان تلك القرى الذين عبروا عن انزعاجهم مما يسمونه رعد الأرض المستمر كل ليلة طوال الأسابيع الثلاث الماضية فيما قالت صحيفة «عكاظ» من واقع زيارة ميدانية للمنطقة بان مواطنا أبلغ عن انه استنشق رائحة غاز تنبعث من باطن الأرض أشبه ما تكون برائحة الكبريت او البيض الفاسد وهو ماقد يكون مؤشرا لاقتراب الصهير البركاني من القشرة الأرضية.
الا ان مدير مركز الزلازل والبراكين المهندس هاني زهران نفى لـ «الوطن» نفيا قاطعا ان يكون قد تم رصد اية أبخرة او غازات متصاعدة فيما قال ان النشاط الزلزالي مستمر واكد ان الوضع حى الان مطمئن من خلال ما يتم رصده حيث تتراوح اعماق تلك الهزات من 5 الى 8 كيلومترات في باطن الارض.
وفي غضون ذلك يقول مدير عام الدفاع المدني في منطقة المدينة المنورة، اللواء صالح المهوس - في تصريح نشرته صحيفة عكاظ أن قوة أرضية دفعت بحركة الصهارة (اللابة) من عمق 8 كم إلى أقل من 4 كم عن سطح الأرض، الأمر الذي يعتبره الجيولوجيون مؤشرا خطيرا، وقال: طالما أن هذه القوة دفعت بالصهارة مسافة 4 كم، فإنه يمكنها أن تواصل دفعها 4 كم إضافية عندها، يحدث الانفجار ويثور البركان.
نشاط بركاني
الجدير ذكره ان هذه الظاهرة تشهدها عدة قرى في ما تعرف بـ «حرة ليير» او «الشاقة» حيث الحرات هي مناطق شاسعة تحيط بالمدينة المنورة وتمتد منها حرة ليير الى منطقة تبوك شمال غرب حيث هي أراض شهدت عبر عصور سحيقة أنشطة بركانية محمومة ما خلف صخوراً بركانية سوداء على امتداد مئات الاميال فيما تنتشر في تلك الحرات عدد من الجبال والبراكين وهي جميعا براكين خاملة منذ سنين طويلة الا انه يخشى من ان يعاود أحدها وهو بركان العيص الثوران مع استمرار النشاط الزلزالي القائم حاليا حيث بدأت ترتفع قوة تلك الهزات.
فمما كتب في الصحافة السعودية عن ذلك ما أعلن عنه مدير المركز الوطني للزلازل والبراكين المهندس هاني زهران من ان الهزات المتتالية والتي تعد بالمئات خلال الاسابيع الثلاث الماضية قد بدأت ضعيفة وبقوة لم تكن تصل الى درجتين على مقياس رختر فيما بدأت تشتد بعد ذلك.
وفي هذا السياق نرصد تصريحاً لزهران اعلن فيه عن ارتفاع قوى الهزات الى 3.9 درجات على ريختر يوم امس الاول الاربعاء اعقبه ارتفاع قواها الى 4.15 درجات فجر امس كما صرح لـ «الوطن» الامرالذي يؤيد الرأي المتجه الى احتمالات ثوران البركان.
وفي تصريح له لـ «الوطن» عن ذلك قال زهران امس ان عودة الطبقات الأرضية الى الاستقرار متوقع لتنتهي الامور بسلام كما انه وارد ايضا ان يثور البركان وهو امر على الرغم من تأكيده انه يميل الى ان تكون الأوضاع افضل.
ويساند رأي المهندس السعودي هاني زهران رأي خبير الفضاء والعالم الجيولوجي الدكتور فاروق الباز الذي صرح في الرياض امس الاول كما نشرت صحف امس بأن النشاط الزلزالي في منطقة المدينة المنورة عادي ولا يوجد ما يبعث على الخوف.
ويضيف الباز قائلا لصحيفة «عكاظ»: ليس بالضرورة أن يصاحب حدوث الزلزال ظهوراً للصخور البركانية، ويردف ان ماحدث من هزة أرضية كان بسبب تكسر الصخور وتخفيف الضغط عنها وهو أمر مطمئن ينبئ بزوال الخطر. وطمأن الباز، أهالي العيص بأن منطقتهم سوف تمر بمرحلة استقرار لعدد غير محدود من السنوات، لأن طبقة الصخور أزاحت عنها الضغط الذي نتج عنه الهزة الأرضية.
1200 هزة
وعن العدد الدقيق للهزات الأرضية التي أصابت تلك القرى فقد نقلت صحيفة «طيبة» الالكترونية المتخصصة بأخبار المدينة المنورة قبل اسبوع تصريحا للمهندس هاني زهران قال إن أجهزة رصد الزلازل التابعة لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، سجلت خلال الأيام الماضية أكثر من 1200 هزة أرضية في مناطق تقع غرب حرة الشاقة بمحافظة العيص (المدينة المنورة) مثل قريتي هدمة والقراصة، وكذلك هجرات العميد والفرع والسهلة وبين زهران "إن غالبية هذه الهزات كانت ضعيفة جداً، موضحاً أن الهزات التي شعر بها المواطنون بلغ عددها 6 هزات، أعلاها 3.7 درجات على مقياس ريختر".
وأشار زهران في تصريحه ذاك إلى أن الهيئة قامت بإبلاغ الجهات ذات الصلة في حينه، ومنها المديرية العامة للدفاع المدني. وقال "إن هذه الهزات من الظواهر المصاحبة لمناطق الحرات البركانية نتيجة حركة الصهارة تحت السطحية." وأكد أن الأمر لا يستدعي الخوف أو التضخيم.
وعلى الصعيد الرسمي فقد قالت الصحف السعودية امس ان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمر بتوفير المساعدات وكل مايلزم بشكل عاجل لاهالي المنطقة.
تاريخ «المدينة» الزلزالي وثورة بركان في العهد العباسي
بالبحث في تاريخ الزلازل في منطقة المدينة المنورة يشير اولا مدير مركز رصد الزلازل والبراكين المهندس هاني محمود زهران الى ان نفس حرة ليير او الشاقة تعرضت لهزات متتاليه قبل اكثر من عام الا ان ذلك النشاط الزلزالي لم يكن ذا اهمية كون جل ما حواه من هزات كانت ضعيفة جدا ولم تتجاوز درجتين على ميزان رختر حتى ان الغالب منها لم يشعر به احد على عكس ما تشهده حاليا.
وتعتبر المدينة المنورة بما لها من قيمة دينية لدى المسلمين من اهم مناطق العالم موجبة للمتابعة التاريخية حيث يسجل التاريخ انها سبق وان تعرضت خلال العصرالعباسي وتحديدا عام 654 هجري الموافق عام 1256 ميلادي لهزات ارضية متوالية ومكثفة كلها هزات محسوسة اعقبها ثوران بركان ادى الى زحف الحمم باتجاه المدينة المنورة وتوقفت حممه على بعد 7 كيلومترات منها.ويقول المؤرخون ان سيل الحمم البركانية قد استمر بالسيلان باتجاه المدينة كبحر نار يجري وفوقه جمر يسير حتى قطعت وادي الشظا وسدت طريق الحج ومن ثم اعتق أمير المدينة انذاك جميع مماليكه في حين اجتمع الناس جميعا عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويضيف المؤرخون عن تلك الحادثة ان جميع اهل المدينة تابوا الى الله في حينها في حين ان الثوران البركاني ظل مستمرا لمدة 52 يوما مصاحبا لحدوث زلازل الا ان تلك الحمم لم تبلغ المدينة.
هيئة الإعجاز العلمي بالقرآن: الزلازل بإرادة الله وتدعو للعودة إليه سبحانه
باعتبار ما للمدينة المنورة من مكانة دينية في قلوب المسلمين في ارجاء الارض فقد كانت هذه الزلازل والهزات الارضيه محل متابعة واسعة حيث أوضحت الأمانة العامة للهيئة العالمية للاعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة أن الأرض تتعرض لأكثر من مليون هزة أرضية كل عام أغلبها هزات حقيقة لا يشعر بها الانسان، وتكثر الزلازل في حزام النار، و من فضل الله تعالى أن هذا الحزام يحيـط بالجزيرة العربية ولا يمر بها. لذا فهي من أقل المناطق عرضة للزلازل حسب ما أثبتته الدراسات العلمية.
جاء ذلك في البيان الذي أصدره الأمين العام للهيئة العالمية للاعجاز العلمي الدكتور عبدالله المصلح، حول ما حدث من زلزال في المدينة المنورة، مبينا أن الأرض تتعرض لأكثر من مليون هزة أرضية كل عام أغلبها هزات خفيفة أثبتتها الدراسات العلمية.
ولفت البيان الى ان النشاط الزلزالي يمتد من جبال زاجروس في خط طويل تقع عليه منطقة البحر الميت وخليج العقبة والبحر الأحمر.
واضاف ان ما وقع في نواحي المدينة المنورة وفي جيزان مؤخرا لا يخرج عن ذلك وهي هزات خفيفة لم يتجاوز أعلاها 3.7 بمقياس رختر وقال ان الزلازل تحصل بارادة الله وقدره بسبب انطلاق وتحرر الطاقة الناتجة عن احتكاك الصفائح وتحرك الطبقات الأرضية حول الصدوع الكبيرة التي تمر عادة في قيعان المحيطات.
واختتم المصلح البيان بالقول ان المؤمنين يلاحظون الفاعل في كل حدث كوني ولذلك فالزلازل من هذا الوجه تذكير بالعودة الى الله تعالى اذ قال تعالى: ?فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا