بك أستجير ومـن يجيـر سواكـا
فأجـر ضعيفـا يحتمـي بحمـاك
إني ضعيف أستعين علـى قـوى
ذنبي ومعصيتـي ببعـض قواكـا
أذنبـت ياربـي وآذتنـي ذنـوب
مالهـا مــن غـافـر إلا كــا
دنياي غرتنـي وعفـوك غرنـي
ماحيلتـي فـي هـذه أو ذا كــا
و أن قلبي شك لـم يـك مؤمنـا
بكريم عفوك ما غـوى وعصاكـا
يا مدرك الأبصار ، والأبصار لا
تـدري لــه ولكـنـه إدراكــا
أتراك عين والعيـون لهـا مـدى
ما جاوزتـه ، ولا مـدى لمداكـا
إن لم تكن عينـي تـراك فإننـي
في كـل شـيء أستبيـن علاكـا
يامنبت الأزهـار عاطـرة الشـذا
هذا الشـذا الفـواح نفـح شذاكـا
يامرسل الأطيار تصدح في الربـا
صدحـاتـهـا إلـهــام [. ...]
يامجـري الأنهـار : ماجريانهـا
إلا انفعـالـة قـطـرة لنـداكـا
رباه هأنذا خلصـت مـن الهـوى
واستقبـل القلـب الخلـي هواكـا
وتركت أنسـي بالحيـاة ولهوهـا
ولقيت كل الأنـس فـي نجواكـا
ونسيت حبـي واعنزلـت أحبتـي
نسيت نفسي خـوف أن أنساكـا
ذقت الهوا مـراً ولـم أذق الهـوى
يـارب حلـواً قبـل أن أهـواكـا
أنا كنـت ياربـي أسيـر غشـاوة
رانت على قلبـي فضـل سناكـا
واليوم ياربـي مسحـت غشاوتـي
وبـدأت بالقلـب البصيـر أراكـا
ياغافـر الذنـب العظيـم وقابـلا
للتـوب: قلـب تائـب ناجـاكـا
أتـرده وتـرد صـادق توبـتـي
حاشاك ترفـض تائبـا حاشـاك
يارب جئتك نادمـاً أبكـي علـى
مـا قدمتـه يــداي لا أتبـاكـى
أنا لست أخشى مـن لقـاء جهنـم
وعذابـهـا لكنـنـي أخـشـاكـا
أخشى من العرض الرهيب عليك يا
ربـي وأخشـى منـك إذ ألقاكـا
يارب عدت إلـى رحابـك تائبـاً
مستسلمـا مستمسـكـاً بعـراكـا
مالي ومـا للأغنيـاء وأنـت يـا
رب الغنـي ولا يـحـد غنـاكـا
مالي ومـا للأقويـاء وأنـت يـا
ربـي ورب الـنـاس ماأقـواكـا
مالي وأبواب الملوك وأنـت مـن
خلـق الملـوك وقسـم الأملاكـا
إني أويت لكل مأوى فـي الحيـاة
فمـا رأيـت أعـز مـن مأواكـا
وتلمست نفسي السبيل إلـى النجـاة
فلم تجـد منجـى سـوى منجاكـا
وبحثت عن سر السعـادة جاهـداً
فوجدت هـذا السـر فـي تقواكـا
فليرض عني الناس أو فليسخطـوا
أنا لم أعد أسعـى لغيـر رضاكـا
أدعـوك ياربـي لتغفـر حوبتـي
وتعينـنـي وتمـدنـي بهـداكـا
فاقبل دعائي واستجـب لرجاوتـي
ماخاب يوما مـن دعـا ورجاكـا
يارب هذا العصـر ألحـد عندمـا
سخـرت ياربـي لــه دنيـاكـا
علمته مـن علمـك النـوويَّ مـا
علمتـه فــإذا بــه عـاداكـا
ما كاد يطلـق للعـلا صاروخـه
حتـى أشـاح بوجهـه وقـلاكـا
واغتر حتى ظـن أن الكـون فـي
يمنـى بنـي الانسـان لا يمناكـا
و ما درى الانسان أن جميـع مـا
وصلت إليه يـداه مـن نعماكـا؟
أو ما درى الانسان أنك لـو أردت
لظلـت الـذرات فـي مخبـاكـا
لو شئت ياربي هـوى صاروخـه
أو لو أردت لما أستطـاع حراكـا
يأيهـا الانسـان مهـلا وائتـئـذ
واشكر لربـك فضـل ماأولاكـا
واسجـد لمـولاك القديـر فإنمـا
مستحدثـات العلـم مـن مولاكـا
الله مـازك دون سـائـر خلـقـه
وبنعمـة العقـل البصيـر حباكـا
أفـإن هـداك بعلـمـه لعجيـبـة
تـزور عنـه وينثنـي عطفاكـا
إن النـواة ولكتـرنـات الـتـي
تجـري يراهـا الله حيـن يراكـا
ماكنـت تقـوى أن تفـتـت ذرة
منهـن لـولا الله الـذي سـواكـا
كل العجائب صنعة العقـل الـذي
هـو صنعـة الله الـذي سـواكـا
والعقـل ليـس بمـدرك شيئـا اذا
مالله لـم يكتـب لـه الإدراكــا
لله فـي الآفـاق آيــات لـعـل
أقلهـا هـو مـا إلـيـه هـداكـا
ولعل ما فـي النفـس مـن آياتـه
عجب عجاب لـو تـرى عيناكـا
والكـون مشحـون بـأسـرار إذا
حاولـت تفسيـراً لهـا أعيـاكـا
قل للطبيب تخطفتـه يـد الـردى
ياشافي الأمراض : مـن أرداكـا؟
قل للمريض نجا وعوفي بعـد مـا
عجزت فنون الطب : من عافاكـا؟
قل للصحيح يمـوت لا مـن علـة
مـن بالمنايـا ياصحيـح دهاكـا؟
قل للبصير وكـان يحـذر حفـرة
فهوى بها مـن ذا الـذي أهواكـا؟
بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحـام
بلا اصطدام : من يقـود خطاكـا؟
قل للجنين يعيـش معـزولا بـلا
راع ومرعى : مالـذي يرعاكـا؟
قل للوليد بكـى وأجهـش بالبكـاء
لـدى الـولادة : مالـذي أبكاكـا؟
وإذا تـرى الثعبـان ينفـث سمـه
اسأله : من ذا بالسمـوم حشاكـا؟
وأسأله كيـف تعيـش ياثعبـان أو
تحيـا وهـذا السـم يمـلأ فاكـا؟
وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت
شهداً وقـل للشهـد مـن حلاَّكـا؟
بل سائل اللبن المصفى كـان بيـن
دم وفـرث مـالـذي صفـاكـا؟
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايـا
ميـت فاسألـه: مـن أحيـاكـا؟
وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعاً
فاسأله : مِنْ أين البيـاضُ أتاكـا؟
وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحمـاً
فاسأله: مـنْ ذا بالسـواد طلاكـا؟
قـل للنبـات يجـف بعـد تعهـد
ورعاية : من بالجفـاف رماكـا؟
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو
وحـده فاسألـه : مـن أرباكـا؟
وإذا رأيت البـدر يسـري ناشـرا
أنـواره فاسألـه : مـن أسراكـا؟
وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبعد
كـلّ شـيء مـالـذي أدنـاكـا؟
قل للمرير من الثمـار مـن الـذي
بالمر مـن دون الثمـار غذاكـا؟
وإذا رأيت النخل مشقـوق النـوى
فاسأله : من يانخل شـق نواكـا؟
وإذا رأيـت النـار شـب لهيبهـا
فاسأل لهيب النار: مـن أوراكـا؟
وإذا ترى الجبل الأشم منـا طحـاً
قمم السحاب فسلـه مـن أرساكـا؟
وإذا رأيت النهر بالعـذب الـزلال
جرى فسله؟ مـن الـذي أجراكـا؟
وإذا رأيت البحر بالملـح الأجـاج
طغى فسله: مـن الـذي أطغاكـا؟
وإذا رأيـت الليـل يغشـى داجيـا
فاسأله : من ياليل حـاك دجاكـا؟
وإذا رأيت الصبح يُسفـر ضاحيـاً
فاسأله: من ياصبح صاغ ضحاكا؟
هذي عجائب طالمـا أخـذت بهـا
عينـاك وانفتحـت بهـا أذناكـا!
والله فـي كـل العجائـب ماثـل
إن لم تكـن لتـراه فهـو يراكـا؟
يا أيهـا الإنسـان مهـلا مالـذي
بالله جــل جـلالـه أغـراكـا؟
حاذر إذا تغـزو الفضـاء فربمـا
ثـآر الفضـاء لنفسـه فغزاكـا؟
اغز الفضاء ولا تكـن مستعمـراً
أو مستـغـلا باغـيـا سفـاكـا
إياك ان ترقـى بالاستعمـار فـي
حـرم السمـوات العـلا إيـاكـا
إن السموات العـلا حـرم طهـور
يـحـرق المستعـمـر الأفـاكـا
اغز الفضاء ودع كواكبه سوابـح
إن فــي تعوبقـهـن هـلاكـا!
إن الكواكب سوف يفسـد أمرهـا
وتسـيء عقباهـا إلـى عقبـاكـا
ولسوف تعلم أن فـي هـذا قيـام
الساعـة الكبـرى هنـا وهناكـا
أنا لا أثبط مـن جهـود العلـم أو
أنا في طريقك أغـرس الأشواكـا
لكننـي لـك ناصـح فالعـلـم إن
أخطـأت فـي تسخيـره أفنـاكـا
سخر نشاط العلم في حقل الرخـاء
يصغ من الذهب النضـار ثراكـا
سخره يمـلأ بالسـلام وبالتعـاون
عالـمـاً متنـاحـراً سـفـاكـا
وادفع به شـر الحيـاة وسوءهـا
وامسـح بنعمـى نـوره بؤساكـا
العلـم إحيـاء وإنشـاء ولـيـس
العـلـم تدمـيـراً ولا إهـلاكـا
فـإذا أردت العلـم منحرفـاً فمـا
أشقى الحيـاة بـه ومـا اشقاكـا
================================
رائعةٌ شعرية للشاعر إبراهيم علي بديوي ( سوداني )