[align=right:d1ee8a5488]حرب النبوءات في لبنان[/align:d1ee8a5488]
ما يحدث الآن في لبنان ينظر اليه من قبل التيار المحافظ في أمريكا ك«تقدير إلهي» يسبق نزول المسيح الثاني.. فمنذ صعود التيار المسيحي المحافظ أصبحت أحداث المنطقة وسياسة واشنطن الخارجية رهينة للنبوءات المزعومة في العهدين القديم والجديد ( التوراة والانجيل )!
وهذه النبوءات تتضمن تجمع اليهود (في آخر الزمان) في أرض كنعان (فلسطين وجنوب لبنان) استعدادا لنزول المسيح عليه السلام وتحولهم للديانة المسيحية.. وحين يتحول (الأخوة الضالون) الى المسيحية يشاركون تحت قيادة المسيح في قتال الأمم «الكافرة» إبادتها في معركة نهائية تدعى «هيرمجدون»..
واعتمادا على هذه النبوءة تحظى اسرائيل اليوم (رغم انكارها للديانة المسيحية) بتأييد المتدينين البروتستانت في أمريكا. فمجرد وجودها في فلسطين يعد تحقيقا للنبوءة وتمهيدا لنزول المسيح للمرة الثانية.. وهذا الفكر الانجيلي المحافظ ظهر بعد تأسيس دولة إسرائيل (عام 1948) ثم برز بقوة مع احتلال القدس (عام 1967) وسيطر على واشنطن قبل الغزو الأخير للعراق (أو أرض بابل كما جاء في التوراة).. والهجوم الإسرائيلي الحالي على لبنان يُنظر إليه ضمن سياق «النبوءة الإلهية» وحتمية توسع الدولة اليهودية نحو الشمال...
وليس أدل على رواج وتنامي هذا التيار من كثرة الكتب والمطبوعات التي تصدر سنويا في أمريكا بخصوص نبوءات «آخر الزمان».. ومن آخر هذه الكتب وأهمها كتاب بعنوان «ما بعد العراق» لسياسي أمريكي معروف (سبق أن ترشح لرئاسة البلاد) يدعى بات روبنسون..
وهذا الكتاب كما يشير عنوانه يحاول اخبارنا بالمرحلة التالية لاحتلال العراق وتأثير ذلك على تجمع اليهود في فلسطين.. فالمؤلف يرى أن تواجد القوات الأمريكية حاليا في العراق هو بحد ذاته تحقيق لنبوءة التوراة في إخضاع بابل ومنعها من تحطيم الدولة اليهودية الجديدة (كما فعلت في المرة الأولى أيام نبوخذ نصر الذي أخذهم عبيدا الى العراق).. أما المرحلة التالية فستكون تعيين حاكم صوري يتم إجباره على توقيع معاهدة سلام مع اسرائيل ريثما تنتهي اسرائيل من توسيع حدودها باتجاة لبنان شمالا وسوريا شرقا.. غير أن معاهدة السلام هذه لا تدوم طويلا حيث يظهر حاكم قوي يطرد قوات الاحتلال ويزحف نحو اسرائيل بغرض تدميرها (كما فعل البابليون أول مرة).. غير أن الله العظيم حسب زعم المؤلف سيكون هذه المرة راضيا عن اليهود ويمنع البابليين من تدميرهم وسبيهم مجددا. وهكذا يرسل عيسى المسيح لإنقاذهم فيؤمنون به (كونه النزول الأول في نظر اليهود) ويشاركون الأمم المسيحية في خوض معركة نهائية بين الخير والشر تدعى هيرمجدون!!
.. وللأمانة ؛ أشير إلى أن جزءاً من هذه النبوءات يعد إرثا مشتركا بين المسيحيين والمسلمين.. فكلا الطرفين مثلا يؤمن بنزول المسيح لثاني مرة في الشام ( قرب المنارة الشرقية في دمشق) // وكلا الطرفين يؤمن بتجمع اليهود في فلسطين لثاني مرة {فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا} // وكلا الطرفين يؤمن بحدوث مجزرة عظيمة يتعرض لها اليهود في آخر الزمان (حتى يقول الحجر يامسلم هذا يهودي ورائي فاقتله).....
الفرق الواضح هو جراءة كل طرف في التصريح بهذا الاعتقاد أو الالتفاف حوله.. ففي حين يتحدث المسلمون علناً عن هذه المجزرة (على المنابر وصفحات الجرائد ووسائل الاعلام) يتحاشي التيار المحافظ في أمريكا الحديث عنها كما تتجاهلها الكتب الصادرة هناك حفاظا على مشاعر اليهود (وكأنهم لايعلمون!؟).. ولكن الحقيقة هي أن النبوءات الانجلية نفسها تخبرنا بأنه :... حين ينتهي تجمع اليهود في أرض كنعان ينزل المسيح لهدايتهم للديانة الصحيحة ومن يرفض منهم يتم قتله وحرق ماله وسبي أطفاله بحيث لا يبقى منهم غير المؤمنين والأتقياء...!!!