10-11-2010, 11:01 AM | #11 |
كاتب ذهبي
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 114
|
أدلة المبيحين للغناء والموسيقى وبعد ان يفرغ الشيخ القرضاوي من استعراض ومناقشة أدلة المحرمين للغناء والموسيقى، وبيان ان لا دلالة فيها على ما ذهبوا إليه من التحريم، يقول «كان يكفي المبيحين للغناء : ان تسقط أدلة التحريم واحداً بعد الآخر، ولا يبقى منها دليل واحد ينهض للدلالة على ما أراده المحرمون، وإذن يبقى الأمر على أصل الاباحة. ومع هذا فعند المجوزين أو المبيحين أدلة شتى، تشد أزرهم، وتقوي ظهرهم فيما ذهبوا إليه، فعندهم أدلة من : 1ـ القرآن الكريم. 2ـ السنة النبوية الصحيحة. 3ـ هدي الصحابة الكرام. 4ـ مقاصد الشريعة وروح الإسلام. إذا كان حب الغناء والطرب غريزة وفطرة إنسانية، فهل جاء الدين لمحاربة الغرائز والتنكيل بالفطرة ؟ الجمود والتقليد وضغط الواقع الغنائي المنحرف والأحاديث الضعيفة والموضوعة والغناء الصوفي وغياب الرؤية المقاصدية، كلها عوامل أدت إلى تشدد وتزمت البعض في مسألة الغناء والموسيقى الأدلة من القرآن الكريم على اباحة الغناء 1ـ قوله تعالى «ويحل لهم الطيبات» «الاعراف 75» والطيبات جمع محلى بالالف واللام، فيفيد العموم ويشمل كل طيب، والطيب يطلق على المستلذ وهو الاكثر المتبادر إلى الفهم عند التجرد عن القرائن، ويطلق أيضاً على الطاهر والحلال وصيغة العموم كلية تتناول كل فرد من أفراد العام، فتدخل المعاني الثلاثة كلها. قال الشوكاني: وقد صرح ابن عبدالسلام ان المراد بالطيبات في الآية المستلذات ومن هذا يعلم انه لا معنى لتشنيع البعض على الشيخ شلتوت ـ رحمه الله ـ لأنه استدل على اباحة الغناء بكونه من المستلذات، لأن معناه انه من الطيبات. 2ـ قوله تعالى «وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً قل ما عندالله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين» «الجمعة 11». وقد جاء في سبب نزول الآية ـ ما ورد في صحيح مسلم وغيره ـ انهم كانوا إذا وصلت قافلتهم المنتظرة محملة ببضائعهم وتجارتهم استقبلوهم بالدفوف والغناء، فرحاً بسلامة وصولها من ناحية واملاً فيما يرجى من مكاسب وأرباح من ناحية أخرى. ولقد بلغ شغفهم بها واقبالهم عليها، إلى حد ان هرعوا إليها وتركوا الرسول صلى الله عليه وسلم قائماً يخطب الجمعة حتى لم يتبق معه إلا اثنا عشر رجلاً فيما تذكر الروايات. ووجه الاستدلال من الآية أنها عطفت اللهو على التجارة في سياق واحد، والتجارة مشروعة بالاجماع، والمعطوف يأخذ حكم المعطوف عليه. وهذه الآية ترد بجلاء على الذين زعموا ان القرآن حرم اللهو، وكما قيل لهم : لو حرم اللهو لحرمت الدنيا كلها، لأن الله يقول «انما الحياة الدنيا لعب ولهو» «محمد 36» فإن قالوا انما حرم اللهو الخاص وهو الغناء، فهذه الآية ترد عليهم، لأنها قرنت اللهو الخاص بالتجارة فلم يبق ريب في اباحته. 3 ـ قوله تعالى «إن انكر الاصوات لصوت الحمير» «لقمان 19» قال الامام الغزالي : إن الآية تدل بمفهومها على مدح الصوت الحسن. 4ـ قوله تعالى «يزيد في الخلق ما يشاء «فاطر 1» فقد قال بعض المفسرين «ان الصوت الحسن، وذكر ذلك الغزالي، لكن ليس على هذا القول دليل. الأدلة من السنة الصحيحة على اباحة الغناء ومما يستدل به المبيحون للغناء والموسيقى عدد من الأحاديث النبوية الصحيحة التي لا مطعن فيها، وأبرزها ما يلي : 1ـ حديث غناء الجاريتين في البيت النبوي : فعن عائشة رضي الله عنها ان ابا بكر دخل عليها وعندها جاريتان تغنيان بدفين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مستتر بثوبه فنهرهما أبوبكر، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه وقال «دعهما يا أبابكر فإنها أيام عيد» وفي رواية قالت «دخل عليّ أبوبكر وعندي جاريتان تغنيان بما تقاولت به الانصار يوم بعاث، فقال أبوبكر أمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! وذلك في يوم عيد، فقال ر سول الله صلى الله عليه وسلم « يا ابا بكر ان لكل قوم عيداً وهذا عيدنا» والحديث في الصحيحين. ووجه الدلالة من هذ الحديث بطرقه ورواياته : ان هناك غناء مصحوباً بضرب دف قد وقع من الجاريتين وفي بيت النبوة وان عائشة سمعته وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقد انكر على أبي بكر انتهاره للجاريتين قالوا : بل فيه دليل على جواز سماع الرجل صوت الجارية الأجنبية، لانه عليه الصلاة والسلام سمع، ولم ينكر على ابي بكر سماعه، بل انكر انكاره، وقد استمرتا تغنيان إلى ان اشارت اليهما عائشة بالخروج. وانكار أبي بكر على ابنته، مع علمه بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم انما كان لظنه ان ذلك لم يكن بعلمه عليه الصلاة والسلام، لكونه دخل فوجده مغطى بثوبه فظنه نائماً. وفي فتح الباري : استدل جماعة من الصوفية بهذا الحديث على اباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة . وقد قال بعض المانعين: ان الجاريتين كانتا صغيرتين ولا يوجد في النص دليل على ذلك. بل ان غضب أبي بكر وانتهاره لهما، وقوله امزمور الشيطان في بيت رسول الله ؟ وتخريقه الدفين كما جاء في بعض الروايات، كل هذا يدل على انهما لم تكونا صغيرتين، فلو صح ذلك لم تستحقا كل هذا الغضب والانكار من أبي بكر إلى هذا الحد الذي ذكرته الروايات. وتمسك بعض المانعين بما جاء في إحدى الروايات في وصف الجاريتين بقوله «وليستا بمغنيتين» وهذا في الواقع لا يدل على اكثر من انهما غير محترفتين، أي ليستا من القيان اللاتي يتكسبن بالغناء ولكنهما غنتا وضربتا بالدف، فقد وقع منهما الغناء والضرب بالدف، وليس كل مغن محترفاً. والمعول عليه هنا هو رد النبي صلى الله عليه وسلم على أبي أبكر رضي الله عنه، وتعليله انه يريد ان يعلم يهود «ان في ديننا فسحة» وهو يدل على وجوب رعاية تحسين صورة الإسلام في أعين الآخرين، واظهار جانب اليسر والسماحة في هذا الدين، حتى نجذب الناس إليه، ونأخذ بأيديهم إلى رحابه الفسيحة ونقودهم إلى الجنة بالتيسير لا بالتعسير وبالتبشير لا بالتنفير. وقد ذهب بعضهم إلى ان الحديث انما اباح الغناء بمناسبة العيد، فبقي ما عدا العيد على المنع ونرد على هؤلاء بأمرين : الأول : إن العيد لايباح فيه ما كان محرماً، إنما يتوسع فيه في بعض المباحات. الثاني: ان العيد يستحب فيه ادخال السرور على النفس وعلى الناس، فيشعر الناس فيه بالبهجة والفرح، ويقاس على العيد كل مناسبة سارة، ولو كانت مجرد اجتماع الاصدقاء على طعام ونحوه. 2ـ حديث الربيع بنت معوذ، روى البخاري في صحيحه عن الربيع بنت معود قالت : جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليّ صبيحة عرسي، فجلس على فراشي كمجلسك مني، فجعلت جويريات لنا يضربن بدفٍ لهن، ويندبن من قتل من ابائي يوم بدر، إلى أن قالت إحداهن، وفينا رسول الله يعلم ما في غد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «دعي هذا وقولي ما كنت تقولين». 3ـ حديث « ما كان معهم لهو» ومن الأحاديث الصحيحة الدالة على إباحة الغناء، ما رواه أحمد والبخاري عن عائشة رضي الله عنها ـ انها زفت امرأة إلى رجل من الانصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم «يا عائشة ما كان معهم لهو ؟ فإن الانصار يعجبهم اللهو». ورواه ابن حبان في صحيحه ولفظه «كان في حجري جارية من الانصار، فزوجتها فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرسها، فلم يسمع غناءً ولا لهواً، فقال «يا عائشة هل غنيتم عليها ؟ أو لا تغنون عليها » ثم قال «إن هذا الحي من الانصار يحبون الغناء» وفي رواية عن ابن ماجه «إن الانصار قوم فيهم غزل، فلو بعثتم معها من يقول : أتيناكم أتيناكم .. فحيانا وحياكم » 4ـ حديث «إن كنت نذرتِ فاضربي» فعن بريدة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت : يا رسول الله اني كنت نذرت ان ردك الله سالماً ـ ان اضرب بين يديك بالدف واتغنى، فقال لها «ان كنت نذرت فاضربي، والا فلا» فجعلت تضرب، فدخل أبوبكر وهي تضرب.. الحديث رواه أحمد والترمذي وصححه وقد دلت الادلة على انه لا نذر في معصية الله، فالاذن منه صلى الله عليه وسلم لهذه المرأة بالضرب بالدف والغناء يدل على ان ما فعلته ليس بمعصية في ذلك الموطن، وفي بعض الفاظ الحديث انه قال لها «أوف بنذرك». 5 ـ حديث «رخص لنا اللهو في العرس» روى ابن ابي شيبة والنسائي عن عامر بن سعد قال : دخلت على أبي مسعود، وقرظة بن كعب وعندهما جوارٍ يغنين، فقلت : اتفعلون هذا وأنتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : إنه رخص لنا في اللهو عند العرس، وفي رواية النسائي : أجلس ان شئت فاسمع معنا، وان شئت اذهب قد رخص لنا في اللهو عند العرس». وقد توقف بعضهم عند كلمة «رخص لنا» في الحديث ليأخذ منها ان الاصل هو المنع، وان الرخصة جاء ت على خلال الاصل، وهي مخصوصة بالعرس فتقصر عليه. ونسي هؤلاء ان مثل هذا التعبير يأتي فيما يراد به التيسير ولازمه، في أمر كان يتوقع فيه التشديد والمنع، فهو من باب قوله تعالى «ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما» مع ان الطواف بهما فرض واجب، أو ركن. لا يأذن في حرام، كما يدل على وجود القينات «المغنيات» في العصر النبوي، ولم ينكر وجودهن، ودل على اباحة الغناء في غير العيد وغير العرس، على خلاف ما يقول دعاة التحريم. 6ـ حديث «تحبين ان تغنيك» والحديث رواه النسائي عن السائب بن يزيد : ان امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا عائشة تعرفين هذه ؟ قالت : لا يا نبي الله قال : هذه قينة «مغنية» بني فلان، تحبين ان تغنيك ؟ فغنتها. وهذا الحديث يدل على اباحة الغناء من القينة، لأنه عليه الصلاة والسلام 7 ـ حديث «فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح» رواه النسائي وغيره وحسن الالباني في الارواء. هدي الصحابة والتابعين في الغناء الصحابة هم تلاميذ مدرسة النبوة، وهم الجيل النموذجي للمسلمين، وقد زكاهم القرآن في العديد من الآيات، وكانوا أحرص الناس على اتباع منهج الإسلام، كما كانوا أفقه أجيال الأمة للإسلام نصاً وروحاً، فماذا كان موقفهم من الغناء ؟ لقد ساق الشيخ القرضاوي العديد من الروايات التي تبين موقف الصحابة من الغناء والاثر، واخذت تلك الروايات والاثار من صـ95ـ 107 ومن الروايات التي ساقها عن الصحابة الذين سمعوا الغناء نجد روايات عن عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبدالرحمن بن عوف، وابي عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وأبي مسعود الانصاري، وقرظة بن كعب، وثابت بن يزيد، وعبدالله بن جعفر، وقد اشتهر عنه السماع بالالات» وعبدالله بن الزبير، والمغيرة بن شعبة، ومعاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، واسامة بن زيد، وعبدالله بن الارقم، وعمران بن حصين، وبلال بن رباح، وحسان بن ثابت، وحمزة بن عبدالمطلب، وغيرهم. وفي ختام استعراض الشيخ القرضاوي لتلك الروايات يقول : هذه الوقائع التي ذكرناها من هدي الصحابة كافية في الاستئناس والاستقواء بهذا التوجه منهم، وهم خير قرون الأمة، وأفضل أجيالها، على الاطلاق، وليس من السهل الطعن في هذه الوقائع جميعها ! وأما التابعون فيذكر عدداً منهم اجازوا الغناء وسمعوه مثل : سعيد بن المسيب، وسالم بن عبدالله، وخارجة بن يزيد، والقاضي شريح، وسعيد بن جبير، وعامر الشعبي، وابن ابي عتيق، وعطاء بن أبي رباح، وعمر بن عبدالعزيز، وسعد بن إبراهيم. وممن اجاز الغناء وسمعه بعد التابعين ابن جريج، ابن سيرين، عبدالله بن الحسن، الامام أبو حنيفة، الامام مالك، الامام الشافعي، الامام أحمد بن حنبل، اسحاق الموصلي، سفيان بن عيينة، وغيرهم. ،وقد اخذت الروايات عنهم من صـ 108 ـ 124 وختمها الشيخ القرضاوي بقوله «والطعن في هذه النقول كلها لا يجدي المحرمين، فبعض هذه النقول لا يمكن الطعن فيه، وقد نقل هذه الاقوال الثقات، كما نقلنا ذلك من قبل عن الشوكاني، الذي حكاها عن كبار علماء الأمة من مختلف المذاهب والمدارس. الرجوع إلى مقاصد الشريعة في مسألة الغناء ومما استدل به القائلون باباحة الغناء والموسيقى النظر إلى مقاصد الشرع، فمن المعلوم ان احكام الشرع ، وخصوصاً في المعاملات والعاديات ـ معللة ومفهومة، وأوضح ما يكون ذلك في التحريم، فإن الله لم يحرم على هذه الأمة شيئاً طيباً، كما لم يحل لهم شيئاً خبيثاً فلا حرام في الإسلام إلا للخبيث الضار، ولا شيء في الغناء إلا انه من الطيبات التي تستلذها الانفس، وتستطيبها العقول، وتستحسنها الفطر، وتشتهيها الاسماع، فهو لذة الأذن،كما ان الطعام الهنيء لذة المعدة، والمنظر الجميل لذة العين، والرائحة الزكية لذة الشم، إلخ، فهل الطيبات «المستلذات» حرام أم حلال ؟ الجواب في قوله تعالى «يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات» «المائدة 4». وهذه الكلمة «الطيبات» بمعنى المستلذات لفظ من الفاظ العموم، يشمل كل ما تستطيبه الانفس والعقول السليمة من مطعوم ومشروب وملبوس ومشموم ومرئي ومسموع، فكل ذلك قد أحله الله رحمة بهذه الأمة ولعموم رسالتها. ثم ان الغناء والطرب للصوت الحسن يكاد يكون غريزة إنسانية وفطرة بشرية، حتى أننا نشاهد هذا الصبي الرضيع في مهده يسكته الصوت الطيب عند بكائه، ولذا تعودت الامهات والمربيات الغناء للأطفال من قديم، بل حتى الطيور والبهائم تتأثر بحسن الصوت والنغمات الموزونة، حتى قال الإمام الغزالي : من لم يحركه السماع فهو ناقص عن الاعتدال، بعيد عن الروحانية ،زائد في غلظ الطبع وكثافته على الجمال والطيور وجميع البهائم. وتساءل الشيخ القرضاوي: إذا كان حب الغناء غريزة وفطرة فهل جاء الدين لمحاربة الغرائز والفطر والتنكيل بها ؟ والجواب : كلا ويستدل بقول الامام ابن تيمية : ان الانبياء قد بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها، لا بتبديلها وتغييرها. تعقيبات وملاحظات وللاحاطة بالموضوع من جميع جوانبه، عقد الشيخ القرضاوي فصلاً هاماً بعنوان «تعقيبات وملاحظات» أو دعه نظرات تحليلية فقهية وواقعية عميقة لمسألة الغناء والموسيقى ومن ذلك : تحرير محل النزاع، ومراعاة تحسين صورة الإسلام في أعين الآخرين، وضغط الواقع الغنائي المنحرف واثره على القائلين بالتحريم، والاغترار بالاحاديث الضعيفة، والموضوعة في موضوع الغناء والموسيقى، وضرورة مراعاة انواع الناس وميولهم واتجاهاتهم والفوارق بينهم، والغناء الصوفي واثره في توتير الاتجاه والتحليلات العميقة والتي لا غنى للقارئ عن الوقوف معها والتأمل فيها. قيود وضوابط للغناء المشروع وبعد مناقشة مستفيضة لمسألة الغناء والموسيقى من جميع الجوانب الفقهيه والحديثية والمقاصدية والواقعية، يلخص الشيخ القرضاوي موقفه من مسألة الغناء والموسيقى كالتالي :الغناء بآلات أو بدونها مباح ولكن ضمن الشروط التالية : 1ـ سلامة مضمون الغناء من المخالفة للشرع فلا يجوز التغني بما يناقض العقيدة الإسلامية أو يخالف اخلاقيات وتشريعات الإسلام، كتلك الأغنية التي تقول «الدنيا سيجارة وكأس». 2ـ سلامة طريقة الأداء من التكسر والاغراء.. فطريقة الأداء التي تتعمد الاثارة والاغواء والتهييج للغريزة الجنسية تنقل الغناء من الحل إلى الحرمة. 3ـ عدم اقتران الغناء بأمر محرم : كشرب الخمر، والخلاعة، والمجون. 4ـ تجنب الاسراف في السماع، فالغناء ككل المباحات يجب ان يقيد بعدم الاسراف فيه، لقوله سبحانه وتعالى «ولاتسرفوا انه لا يحب المسرفين» «الاعراف 31». 5ـ ما يتعلق بالمستمع فإذا كان هنالك نوع من الاغاني يثير في نفس شخص ما دواعي الفتنة ويجعل الجانب الحيواني يطغى على الجانب الروحي فيه، فعليه ان يجتنبه. الغناء والطرب في تأريخ المسلمين وفي واقعهم ثم تناول الشيخ القرضاوي مسألة الغناء والطرب في حياة المسلمين قديماً وحديثاً واستعرض مسألة وجود المغنين والمغنيات في عصر النبوة، وما تلا ذلك من عصور، ثم تحدث عن الغناء كموروث شعبي تتناقله الشعوب المسلمة ودونما حرج ولا عنت، ثم قال: وهكذا نجد هذا الفن ـ فن الغناء ـ يتخلل الحياة كلها ، دينيه ودنيوية، ويتجاوب الناس معه بتلقائية، وفطرية ولا يجدون في تعاليم دينهم ما يعوقهم عند الاستمتاع. وختم الشيخ القرضاوي الكتاب بسرد المؤلفات التي كتبت حول الغناء والموسيقى قديماً وحديثاً وقد بلغت «57» مؤلفاً.. وخلاصة القول : ان كتاب «فقه الغناء والموسيقى في ضوء القرآن والسنة» من الكتب الجديرة بالاقتناء والمطالعة وحسن التأمل، وقد جاء حافلاً بالمباحث العميقة والرؤى الجديدة، والافكار الناضجة واتسم بعمق التأصيل، وأدب الحوار، واصالة المنهج، وبعد النظر، فكان بذلك مرآة لشخص مؤلفه العلامة الدكتور يوسف القرضاوي أمد الله في عمره ونفعنا بعلمه |
يتصفح الموضوع حالياً : 2 (0 عضو و 2 زائر) | |
|
|