مابين فساتين هيفا و ماكياج نانسي .. تضيع الاحلام !! - للأستاذة / ريم آل عاطف
(جاءت الشريعة الإسلامية بتنظيم وتيسير أمور الحياة وتحقيق الخير والسعادة للمسلم) حقيقة لا يمكن أن يجهلها أو يشكّك فيها مؤمن.
ومع ذلك تسير أمورنا وتطبيقاتنا المعيشية في شؤون حياتنا بعيدا عن هذا المنهج الرباني بضوابطه ومعاييره.
إن الزواج نعمة من أجلّ نعم الله على عباده وأجملها، وسنةٌ من سنن الله في خلقه. وقد حملت الشريعة المطهرة ما يحقق الرفق والتسهيل في هذا الجانب. ولكن ككل أطراف حياتنا التي طالها الخلل والمخالفة بالابتعاد عن أوامر الله وأحكامه. تحوّل الزواج أيضا إلى سلسلة من التعقيدات والمشاكل، بل والمآسي أحياناً.
لن يكون الحديث اليوم كما تعودنا الحديث عنه من قضايا الزواج والحياة الأسرية وما يتخللها من عوارض ويتهددها من أزمات. وإنما يرتكز النقاش حول الترتيبات لهذا الزواج وطرائق الناس في الاستعداد له. وكيف تحولت أفراحنا بسبب عاداتنا البائدة أو الدخيلة إلى شقاء ومآتم مستقبلية لطرفي الارتباط الزوجي خاصة الزوج!
ومع أن الإسلام بمنهجه الشامل شرع لنا الفرح والاستمتاع بكل مباح! إلا أننا ولعميق الأسى نأبى دوما إلا الانحراف في مساراتنا عن هذا الهدي القويم! فحتى هذا الزواج الذي هو بمثابة المرفأ الآمن والجنّة الدنيوية التي تشتهيها الأنفس بنعيمها ولذائذها من الحب والدفء والسكن والاستقرار، بات مشروعا مخيفا يخشاه الشباب ويعزفون عنه، وقد تطاردهم آثاره وتكاليفه المعنوية والمادية قبل وبعد الزواج. بما يكفي لتنغيص حياتهم أعواماً طويلة.
سنغض الطرف عن المنكرات الكثيرة والمخالفات الشرعية التي تصاحب مراحل الخطوبة وعقد النكاح واحتفال الزواج. فقد بيّنها أهل العلم والدعوة وأوضحوا مآلاتها وعواقبها.
وتبقى الإشارة هنا إلى ظاهرة الإسراف ومظاهر التفاخر والمباهاة والتقليد الساذج... والتي أضحت كلها تمثّل مرضا اجتماعيا خطيرا يهدّد اقتصاد المجتمع وأخلاقه ويعطّل القضاء على مشاكل العنوسة وانحرافات الشباب وغيرها..
وتتفاقم هذه المشكلة بشكل أكبر في دول الخليج، حيث تشير بعض التقارير إلى أن متوسط تكاليف الزواج في قطر يبلغ 250 ألفاً. بل قد تصل في بعض الأحيان إلى مليون ريال. ما بين المهر والمسكن والتأثيث والسفر، وبطاقات الدعوة والمستلزمات الشخصية كاللباس وغيره، وقيمة حجز قاعة الأعراس مع التجهيزات التي تشمل قائمة الطعام والمشروبات وزينة كوشة العرس والإضاءة والصوت والتصوير والفرق التي ستحيي الاحتفال.
أما في السعودية فقد قدّر خبراء متوسط تكاليف الزواج بنحو 150 ألف ريال للفرد الواحد. وبذلك قد يصل متوسط تكاليف المتزوجين سنويا إلى 11.7 مليار ريال. وبلغ حجم ما تستهلكه هذه الزيجات من الذهب خلال عام واحد 32 طناً بقيمة إجمالية تفوق 1.7 مليار ريال.
كما أشار مستثمرون في مجال تنظيم حفلات الأعراس إلى حجم ما يتكبّده السعوديون على تأجير قاعات الأعراس والخدمات المقدّمة داخل القاعات بنحو 4 مليارات سنوياً. وتذكر مصادر اقتصادية أن قيمة ما تدفعه السعوديات على الجمال والأناقة لصيف واحد قارب 400 مليون ريال.
إذن فبعد أن نعلم ما يغرمه الشاب المسكين -لأجل فستان هيفاء الذي اختارته عروسه أو ماكياج نانسي وزفّة أنغام- من ثقل الديون وأعباء القروض، ما يتحول بهذا الزواج في نظر الشباب إلى حرب ضروس، مما قد يفشل هذا المشروع كليةً ويهدم أركانه السعيدة.
ولا عجب أن يقول الشاعر
العرس والمآتم والزار ** ثلاثةٌ تشقى بهم الدار
__________________
دع الأيام تفعل مـا تشـــاء وطب نفسا إذاحكم القضاء
ولا تجزع لحــادثة الليـالي فما لحوادث الدنيـا بقــاء
***
وكنرجلا على الأهوال جلدا وشيمتك السماحة والوفـاء