ولنذكر الآن بعض من المعجزات الحسية التي قام بصنعها رسولنا الكريم :
1- معجزة نبوع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم :-
روى البخاري عن أنس بن مالك قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر، والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الاناء فأمر الناس أن يتوضئوا منه فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم. [ صحيح البخاري ج 1 / ص 74] [ صحيح مسلم ج4 / ص 1783 ] [ صحيح ابن حبان ج/14 ص/ 477 ]
وروى البخاري عن جابر بن عبدالله قال : عطش الناس يوم الحديبية والنبي صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة (أي إناء صغير من جلد) يتوضأ فجهش الناس نحوه (أي تجمعوا) قال: ما لكم؟ قالوا: ليس عندنا ماء نتوضأ ولا نشرب إلا ما بين يديك فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا، قلت: كم كنتم؟ قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة. [ صحيح البخاري ج / 3 ص1310/ ] [ صحيح ابن حبان ج14/ص480 ]
والرويات في هذه المعجزة مشهورة بين الصحابة وقد رواها جمع كثير منهم أنس وجابر بن عبدالله وابن عباس ، والبراء بن مالك وابو قتادة ،وغيرهم وخبرها متواتر مستفيض . وقد تكررت في أكثر من مناسبة .
2- معجزة شفاء علي رضي الله عنه وغيره من الصحابه :-
قال عليه الصلاة والسلام في غزوة خيبر :- ( لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله قال فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها فقال أين علي بن أبي طالب فقيل هو يا رسول الله يشتكي عينيه قال : فأرسلوا إليه ( ائتوني به ) فأُتي به فنفث في عينه بقليل من ريقه عليه الصلاة والسلام فبرأ لتوه ولم يمرض بعينه قط . [ رواه البخاري في كتاب الغزوات ورواه مسلم في باب فضائل الصحابه ]
وقد قام المسيح عليه السلام بالتـفل في عين أحد العميان فشفي من مرضه [ مرقس 8 : 22 ] : (( وجاء الى بيت صيدا .فقدموا اليه اعمى وطلبوا اليه ان يلمسه . فاخذ بيد الاعمى واخرجه الى خارج القرية وتفل في عينيه ووضع يديه عليه وسأله هل ابصر شيئا .))
_ وأصيب سلمة يوم خيبر بضربة في ساقه ، فنفث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث نفثات فما اشتكاها قد . عن يزيد بن أبي عبيد قال : (( رأيت أثر ضربة في ساق سلمة ، فقلت : يا أبا مسلم ، ما هذه الضربة ؟ قال : هذه ضربة أصابتني يوم خيبر ، فقال الناس أصيب سلمة … فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيها ثلاث نفثات ، فما اشتكيت حتى الساعة . )) [ صحيح البخاري ج 4 / 1541/ صحيح أبي داود / 3295 صحيح ابن حبان ج14 / ص 439]
_ وعن البراء بن عازب رضي الله عنه : أن عبدالله بن عتيك لما قتل أبا رافع ونزل من درجة بيته سقط إلى الأرض فانكسرت ساقه ، قال : فحدثت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( ابسط رجلك فبسطها فمسحها فكأنما لم أشكها قط )) [ صحيح البخاري ج 4 / ص 1483]
_ وعن معاذ بن رافع بن مالك عن أبيه قال : (( رميت بسهم يوم بدر ففقئت عيني فبصق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا لي فما آذاني منها شيىء )) [ أخرجه ابن ابي شيبه والحاكم والبيهقي وأبو نعيم ]
3- معجزة رّد عين قتادة بعد تدليها :-
في غزوة أحد أُصيب قتادة بن النعمان في عينه حتى سقطت وتدلت على وجـنته ( أي على أحد خده ) فردها عليه الصلاة والسلام بيده الشريفة فبرأت على الفور ، وصارت عينيه تلك أحسن عينيه . . . فتلك من آيات الله التى أيد الله بها رسوله . والرواية اخرجها ابن اسحاق في السيرة النبوية ( 3 / 30 ) ، وابن حجر في الاصابة ، وابن عبدالبر في الاستيعاب في ترجمة النعمان ، وأبو يعلى ، والبيهقي في الدلائل ، وابو نعين في الدلائل برقم ( 418 ، 417 ) وذكرها الحاكم في المستدرك ( 3 / 295 )
4- معجزة شفاء الضرير بدعائه صلى الله عليه وسلم :-
عن عثمان بن حنيف : أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أدع الله أن يعافيني فقال :-( إن شئت أخّرت ذلك فهو أفضل لآخرتك،وإن شئت دعوت لك ) قال :لا، بل أدع الله لي قال :- فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ، وأن يدعو بهذا الدعاء :-
( اللهم أني أسألك و أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ،يا محمد إني أتوجه بك في حاجتي هذه فتُقضى ،اللهم شفعة في ) ففعل الرجل فبرأ ،فشفاء هذا الضرير آية من نبوته0 [ رواه البخاري في التاريخ الكبير 6/210 ,والطبراني في المعجم الكبير 9/19 وصححه وسلمه الذهبي , والبيهقي في دلائل النبوة 6/166 وغيرهم ]
وهذا الدعاء خاص في حياته صلى الله عليه وسلم وليس بعد مماته فلُيعلم .
5- خروج الجن من الصبي بدعائه صلى الله عليه وسلم :-
عن أبن عباس رضي الله عنهما قال :-إن امرأة جاءت بولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت :يا رسول الله ان به لمماً ،وإنه يأخذه عند طعامنا فيفسد علينا طعامنا قال:- فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له فثعّ ( أي قاء أو سعل مرة واحدة ) فخرج منه مثل الجرو الأسود يسعى . [ رواه الدرامي ]
6- معجزة فيضان ماء بئر الحديبية :-
ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم أنه لما كان بالحديبية هو وأصحابه سنة ست من الهجرة وكان الحديبية بئر ماء فنزحها أصحابه بالسقي منها حتى لم يبقى فيها ما يملأ كأس ماء وكانوا ألفاً وأربعمائة رجل ،وخافوا العطش فشكوا ذلك إليه صلى الله عليه وسلم فجاء فجلس على حافة البئر فدعا بماء فجئ به إليه فتمضمض منه ،ومج ما تمضمض به في البئر ،فما هي إلا لحظات ،وإذا البئر فيها ماء فأخذوا يسقون فسقوا وملأوا أوانيهم وأدوات حمل الماء عندهم وهم كما تقدم ألف وأربعمائة رجل ،وهم أهل بيعة الرضوان الذين رضى الله عنهم وأنزل فيهم قوله تعالى من سورة الفتح :- ( لَقَد رَضِيَ الله عَنِ المُؤمِنِينَ إَذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الَشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا في قُلُوبِهِم فَأَنْزَلَ السَّكِيَنَة عَلَيْهِمْ وأثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً ). [ رواه البخاري في كتاب المناقب ، باب علامات النبوة ]
7- معجزة الطعام القليل يشبع العدد الكثير :-
روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قوله : قال أبو طلحة لأم سُليم : لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع ،فهل عندك من شيء ؟ قالت :نعم ، فأخرجت أقراصاً من شعير ،ثم أخرجت خِماراً لها فلفت الخبز ببعضه ،ثم دسته تحت يدي ،ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ومعه الناس ،فقمت عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( أرسلك أبو طلحة ؟ ) فقلت: نعم ، قال : ( بطعام ؟) قلت :نعم ،فقال:- رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه ( قوموا ) فانطلق ،وانطلقت ين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال أبو طلحة :- يا أم سُليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليس عندنا ما نطعمهم فقالت: الله ورسوله أعلم ،فأنطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- (هلم يا أم سُليم ما عندك ؟) فأتت بذلك الخبز فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت ،وعصرت أم سُليم عكة فآدمته ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء أن يقول ،ثم قال :- ( أئذن لعشرة ) فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ،ثم خرجوا ، ثم قال ، ( أئذن لعشرة ) ، فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ،ثم خرجوا ،ثم قال ، ( ائذن لعشرة ) فأكل القوم كلهم ، والقوم سبعون أو ثمانون رجلاً .أليست هذه معجزة ؟ بلى وربي إنها لمن أعظم المعجزات. [ صحيح البخاري / علامات النبوة ] [ صحيح مسلم / الاشربة ]
8- معجزة تكثير الطعام :-
عن جابر ابن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاه رجل يستطعمه فأطعمه شطر وسق شعير فما زال الرجل يأكل منه هو وامرأته ووصيف لهم حتى كالوه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو لم تكيلوه لأكلتم منه ولقام لكم [ صحيح مسلم في معجزات النبي ,رواه احمد في مسنده ]
قال أبو طلحة الانصاري في حديثه المشهور : (( أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانين رجلاً من أقراص شعير جاء بها أنس تحت إبطه )) [ البخاري في كتاب المناقب _ ومسلم 3 / 1612 والترمذي 5 / 595 والبيهقي في الدلائل ]
وقال جابر بن عبدالله : (( أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق من صاع شعير وعناق ( الانثى من أولاد المعز ) ألف رجل حتى تركوا وانحرفوا ( مالوا عن الطعام ) ، وإن البرمة لتغط كما هي وان العجين ليخبر )) [ البخاري في كتاب المغازي ومسلم 3 / 1610 والترمذي 5 / 595 ]
إن معجزة تكثير الطعام والشراب قد تكررت فبلغت عشرات المرات ،وفي ظروف مختلفة ،ومناسبات عديدة ، فقد قال أبو هريرة رضي الله عنه ، (( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير قال فنفدت أزواد القوم _ أي نفد زادهم واحتاجوا إلى طعام _ قال حتى هم بنحر بعض حمائلهم قال فقال عمر يا رسول الله لو جمعت ما بقي من أزواد القوم فدعوت الله عليها ؟ ( أي بقاياه ) قال ففعل قال فجاء ذو البر ببره وذو التمر بتمره قال وقال مجاهد وذو النواة بنواه قلت وما كانوا يصنعون بالنوى قال كانوا يمصونه ويشربون عليه الماء قال فدعا عليها حتى ملأ القوم أزودتهم قال فقال عند ذلك : أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة )) [ صحيح مسلم، والنسائي ]
9 - معجزة تكثيره عليه السلام السمن لأم سليم :
عن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:- كانت لأمي ،أم سليم شاة فجمعت من سمنها في عكة فملأت العكة ثم بعثت بها ربيبة ،فقالت :يا ربيبة أبلغي هذا العكة رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتدم بها ،فانطلقت بها ربيبة حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله هذه عكة سمن بعثت بها إليك أم سُليم قال :- ( أفرغوا لها عكتها ) فأفرغت العكة ودفعت إليها قالت :- فانطلقت بها ، وجئت وأم سليم ليست في البيت ،فعلقت العكة على وتد ،فجاءت أم سليم فرأت العكة ممتلئه تقطر فقالت :يا ربيبة أليس أمرتك أن تنطلقي بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟فقالت :- بلى قد فعلت فإن لم تصدقيني فانطلقي فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت ومعها ربيية ،فقالت يا رسول الله إني بعثت معها إليك بعكة فيها سمن قال :- ( قد فعلت ، قد جاءت ) قالت :والذي بعثك بالحق ،ودين الحق أنها لممتلئه تقطر سمناً ، قال أنس : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( يا أم سليم أتعجبين إن كان الله أطعمك كما أطعمت نبيه كلي وأطعمي ) قالت فجئت إلى البيت فقسمت في قعب لنا ،وتركت فيها ما أئتد منا به شهراً أو شهرين ،فكون العكة تمتلئ بعد إفراغها والأكل منه طرة شهرين من معجزاته .
10- معجزة نزول المطر بدعائه :-
روى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك قال: أصابت الناس سنة (جدب) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة فقام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال، فادع الله أن يسقينا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وما رأينا في السماء قزعة (قطعة سحاب) فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار (انتشر) سحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر (يتقاطر) على لحيته قال: فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد ومن بعد الغد والذي يليه إلى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الأعرابي أو قال غيره، فقال: يا رسول الله تهدم البناء، وغرق المال فادع الله لنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا قال: فما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده إلى ناحية من السماء إلا فرجت حتى صارت المدينة في مثل الجوبة (أي حتى صارت السحب والغيوم محيطة بالمدينة) في السحاب، وسال الوادي قناة شهرا، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود. [ صحيح البخاري / كتاب الجمعة ]